هل يجب إخراج الواجبات البدنية من أصل التركة أو الثلث؟ 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3798


ــ[215]ــ

بل وجوب إخراج الصوم والصلاة من الواجبات البدنيّة أيضاً من الأصل لا يخلو عن قوة((1))، لأنّها دين الله، ودين الله أحقّ أن يقضى (1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للقاعدة على مورد النصّ.

   (1) وقع الخلاف بينهم في وجوب إخراج المذكورات من الأصل كما اختاره الماتن (قدس سره) وعدمه.

   وقد استدلّ للوجوب بأنّها دين، وكلّ دين لابدّ وأن يخرج من الأصل. مضافاً إلى رواية الخثعمية الآتية الدالّة على أنّ دين الله أحقّ أن يقضى كما اُشير إليه في المتن.

   أمّا الصغرى وهو إطلاق الدين على ذلك ففي جملة من النصوص.

   منها: ما رواه السيد ابن طاووس (قدس سره) في كتابه غياث سلطان الورى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال «قلت له: رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه، فخاف أن يدركه الصبح ولم يصلّ صلاة ليلته تلك، قال: يؤخّر القضاء ويصلّي صلاة ليلته تلك»(2).

   ويتوجّه عليه: - مضافاً إلى قصور السند، لعدم الاعتداد بروايات هذا الكتاب، لكونها في حكم المراسيل كما مرّ(3) - قصور الدلالة أيضاً، فانّ الإطلاق غير وارد في كلام الإمام (عليه السلام) كي يصحّ الاحتجاج به، وإنّما وقع ذلك في كلام زرارة زعماً منه أنّه بمنزلة الدين أو كونه منه توسّعاً وتجوزاً
ولا عبرة بمثله.

   ومنها: ما رواه الصدوق (قدس سره) باسناده عن حماد بن عيسى عن أبي عبدالله (عليه السلام) في جملة وصايا لقمان لابنه: «يا بنيّ إذا جاء وقت الصلاة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه منع، وبه يظهر الحال في المسألة الآتية.

(2) الوسائل 4: 286 / أبواب المواقيت ب 61 ح 9.

(3) في ص 200.

ــ[216]ــ

فلا تؤخّرها لشيء، صلّها واسترح منها، فانّها دين...»(1).

   ويتوجّه عليه أوّلا : أنّها ضعيفة السند ، فانّ طريق الصدوق (2) - وكذا طريق الكليني (3) والبرقي(4) - إلى سليمان بن داود المنقري الواقع في السند ضعيف بالقاسم بن محمّد الإصفهاني، فانّه مجهول ولم يوثق، نعم صحّحه العلامة (قدس سره)(5). لكن الظاهر هو ابتناؤه على مسلكه من أصالة العدالة في كلّ إماميّ لم يرد فيه قدح.

   وثانياً: أنّ إطلاق الدين عليه في كلام لقمان لا يثبت المدّعى، وليس ذلك بحجّة عندنا. ومجرّد حكاية الإمام (عليه السلام) لذلك لا يكشف عن الإمضاء حتّى من هذه الجهة، نظراً إلى أنّ المقصود هو الاستشهاد بكلامه لإثبات أهميّة الصلاة وحسن المبادرة إليها، ولا نظر له (عليه السلام) إلى التنزيل المسامحي الوارد في كلامه.

   ثم إنّ السيد ابن طاووس (قدس سره) في كتابه المذكور روى الحديث الثاني بعين المتن المزبور(6). فان كان السند هو السند المتقدّم فقد عرفت حاله، وإن كان غيره فقد سبق أنّ روايات هذا الكتاب بحكم المراسيل وغير صالحة للاعتماد عليها، وإن كان الأقرب بل المطمأنّ به هو الأوّل. ورواها أيضاً في أمان الأخطار عن محاسن البرقي(7). وقد عرفت ضعفه.

   ومنها: ما رواه الصدوق (قدس سره) في معاني الأخبار باسناده عن محمّد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11: 440 / أبواب آداب السفر إلى الحج وغيره ب 52 ح 1، 2 الفقيه 2: 194 / 884.

(2) الفقيه 4 (المشيخة): 65.

(3) الكافي 8: 348 / 547.

(4) كما سيأتي مصدره بعد قليل.

(5) الخلاصة: 440، الفائدة الثامنة.

(6) الوسائل 8: 282 / أبواب قضاء الصلوات ب 12 ح 26.

(7) الوسائل 11: 440 / أبواب آداب السفر إلى الحج وغيره ب 52 ح 1، 2، أمان الأخطار: 99، المحاسن 2: 125 / 1348.

ــ[217]ــ

ابن الحنفيّة في حديث الأذان لمّا اُسري بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) إلى السماء: «ثم قال: حيّ على الصلاة، قال الله جلّ جلاله: فرضتها على عبادي وجعلتها لي ديناً...»(1) بناءً على رواية «ديناً» بفتح الدال، وإن كان الأولى حينئذ إبدال كلمة «لي» بـ «عليهم» كما لا يخفى.

   ويتوجّه عليه: ضعف السند بالإرسال، فانّ ابن الحنفيّة لم يكن موجوداً في زمان النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) فلابدّ وأن تكون الرواية مرسلة، ولم يعلم طريق ابن الحنفية إلى ذلك.

   فالمتحصّل: أنّه لم يثبت إطلاق الدين على مثل الصلاة ونحوها من الواجبات البدنية في شيء من الروايات المعتبرة.

   وعلى فرض التسليم وثبوت الإطلاق فالكبرى - وهي أنّ كلّ ما يطلق عليه الدين يخرج من الأصل - ممنوعة، فانّ ما يستدلّ به لذلك أحد أمرين:

   الأوّل: ما يظهر من المتن من أنّ دَين الله أحقّ بالقضاء. وهذه الفقرة مقتطعة من رواية الخثعميّة لما سألت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقالت: «إنّ أبي أدرك فريضة الحج شيخاً زمناً لا يستطيع أن يحجّ، إن حججت عنه أينفعه ذلك ؟ فقال لها: أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيتيه أكان ينفعه ذلك ؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحقّ بالقضاء»(2).

   لكنّ الرواية ضعيفة السند، فانّها غير مرويّة من طرقنا. على أنّها قاصرة الدلالة، إذ ليس مفادها سوى كون دين الله أحقّ بالقضاء من سائر الديون اهتماماً بشأن هذا الدين، وهذا لا يستوجب الخروج من الأصل، إذ لا دلالة للرواية عليه بوجه.

   الثاني: الأدلّة العامّة من الكتاب والسنة الدالّة على أنّ الدين يخرج من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك 4: 70 أبواب الأذان والإقامة ب 37 ح 2، معاني الأخبار: 42 / 4.

(2) [لم نعثر على النص المذكور في رواية الخثعمية، راجع السنن الكبرى 4: 328، نعم في سنن النسائي 5 : 118:... قال: أرايت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه ؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق].




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net