ــ[24]ــ
والظاهر وجوبها أيضاً إذا كان ترك الوسواس موقوفاً عليها(( 1)) (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عامداً فتتبعه الكفارة.
وأمّا على القول بالبطلان من أجل اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه - كما سبق - فلا تجب، لا لبطلان الفرادى وأنّ الكفارة لا تترتّب على الصلاة الفاسدة، بل لعدم المقتضي لها رأساً، لعدم تحقّق موضوعها وهو الحنث، لتمكّنه بعدُ من الوفاء بالنذر والإتيان بصلاة الجماعة، فانّ الصلاة الباطلة في حكم العدم وكأنّها لم تكن، ففي وسعه أن يفي بنذره، ولا زال المحلّ قابلا له. فان وفى بعدئذ وصلّى جماعة قبل خروج الوقت فلا كلام، وإلاّ تحقّق الحنث لاحقاً من أجل ترك الجماعة المنذورة، لا سابقاً من أجل الإتيان بالصلاة فرادى.
(1) هذا إنّما يتمّ بناء على حرمة الوسواس، فيجب الائتمام حذراً عن الحرام لكنّها لم تثبت.
فانّ عمدة ما يستدلّ به لذلك صحيحة عبدالله بن سنان قال: «ذكرت لأبي عبدالله (عليه السلام) رجلا مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت: هو رجل عاقل فقال أبو عبدالله (عليه السلام): وأىّ عقل له وهو يطيع الشيطان؟ فقلت له: وكيف يطيع الشيطان؟ فقال: سله هذا الذي يأتيه من أىّ شيء هو، فانّه يقول لك: من عمل الشيطان»(2).
وهي كما ترى لا دلالة لها على الحرمة بوجه، إذ ليس كلّ ما يتأتّى من قبل الشيطان ويكون من عمله حراماً، فانّ أصل السهو من الشيطان على ما صرّح به في بعض النصوص(3) ، ولا حرمة فيه قطعاً، فليست متابعته محرّمة في كلّ شيء.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وكان الوسواس موجباً لبطلان الصلاة.
(2) الوسائل 1: 63 / أبواب مقدّمة العبادات ب 10 ح 1.
(3) الوسائل 8: 227 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 16 ح 1.
ــ[25]ــ
وكذا إذا ضاق الوقت عن إدراك الركعة بأن كان هناك إمام في حال الركوع (1) بل وكذا إذا كان بطيئاً في القراءة في ضيق الوقت (2)،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والتعبير الذي تضمّنته الصحيحة للرجل الوسواسي ليس لأجل إطاعته الشيطان فيما يحرم، بل فيما يؤذيه، فانّه لا يزال في قلق واضطراب وتشويش وانقلاب، وكلّ فكره معطوف نحو امتثال العمل، ويتحمّل أنواع المتاعب في سبيل إحراز الإتيان بالأجزاء والشرائط على وجهها، فيوجب ذلك بطبيعة الحال تشتّت البال وعدم حضور القلب الذي هو روح العبادة.
ومن ابتلي بهذا المرض الخبيث يدرك مدى تأذّي الوسواسي من حالته السيئة، وكلّ ذلك ينشأ من متابعته للشيطان في إيذائه وتسويلاته وتشكيكاته الكاشفة عن خفّة عقله، لا عن ضعف دينه كي يحرم، ولذا وصفه الإمام (عليه السلام) بأنّه لا عقل له لا أنّه لا دين له. ولو سألت الوسواسي المعترف بأنّ وسوسته من عمل الشيطان - كما في الصحيح - أنّه هل يرتكب الحرام لأنكره أشدّ الإنكار، وإلاّ كان فاسقاً متجاهراً.
وعلى الجملة: فلم يظهر من الصحيحة تحريم الوسواس بما هو وفي حدّ نفسه كي يستوجب بطلان العمل.
نعم، ربما يبلغ حدّاً يستلزم البطلان من ناحية اُخرى، كما لو كرّر الكلمة أو الآية مرّات كثيرة جداً، بحيث خرجت عن هيئتها، مثل ما لو كرّر الألف واللام في (الحمد لله) عشرين مرّة، فانّه من كلام الآدمي، وليس من القرآن في شيء، فيوجب البطلان من حيث الزيادة أو النقصان، فيجب عليه الائتمام حينئذ لو لم يتمكّن من تركه، لتوقّف امتثال الواجب عليه.
(1) لتوقّف الخروج عن عهدة فريضة الوقت على الائتمام، وانحصار الامتثال فيه، فيتعيّن بطبيعة الحال.
(2) لعين ما ذكر. ولا مجال هنا لتصحيحها بقاعدة من أدرك... لاختصاصها بمن لم يدرك بحسب طبعه لا بتعجيز نفسه اختياراً، وبما أنّه
|