ــ[149]ــ
نعم ، إنّما يعتبر ذلك إذا كان المأموم رجلا ، أمّا المرأة فلا بأس بالحائل بينها وبين الإمام أو غيره من المأمومين مع كون الإمام رجلا (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على المشهور ، بل عن التذكرة نسبة استثناء المرأة عن هذا الحكم إلى علمائنا(1) . والمستند في ذلك موثّقة عمّار قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يصلّي بالقوم وخلفه دار وفيها نساء هل يجوز لهنّ أن يصلّين خلفه ؟ قال : نعم ، إن كان الإمام أسفل منهنّ ، قلت : فانّ بينهنّ وبينه حائطاً أو طريقاً ، فقال : لا بأس»(2) .
فانّ ذيلها صريح في عدم قدح حيلولة الحائط بينهنّ وبين الإمام ، ويستفاد من ذلك عدم قادحية الحائل بينهن وبين المأمومين الذين هم واسطة الاتّصال بينهن وبين الإمام كما لا يخفى .
وبذلك يرتكب التخصيص في صحيحة زرارة المتقدّمة(3) المانعة عن وجود الحائل بين الإمام والمأموم ، وكذا بين المأمومين أنفسهم ، ويلتزم باستثناء المرأة عن هذا الحكم ، هذا .
ولم ينسب الخلاف في المسألة إلاّ إلى الحلّي(4) ، وهو مبني على مسلكه من عدم العمل بأخبار الآحاد ، سيما إذا لم يكن صحيحاً بالمعنى المصطلح عند المتأخّرين ، فانّ الرواة الواقعين في أواخر سند هذه الرواية من الفطحيّين ، فهي موثّقة لا صحيحة . وحيث بنينا على حجّية الخبر الواحد من غير فرق بين الموثّق والصحيح فلا مناص من الالتزام بهذا الاستثناء ، جمعاً بين الموثّق والصحيحة المتقدّمة كما عرفت .
وهل ينسحب الحكم فيما إذا كان الإمام امرأة فلا مانع من وجود الحائل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التذكرة 4 : 259 .
(2) الوسائل 8 : 409 / أبواب صلاة الجماعة ب 60 ح 1 .
(3) في ص 137 .
(4) السرائر 1 : 289 .
ــ[150]ــ
بشرط أن تتمكّن من المتابعة (1) بأن تكون عالمة بأحوال الإمام من القيام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بينهنّ وبين الإمام ، وكذا بين المأمومات أنفسهن وإن كان الإمام رجلا ، فلامانع من وجود الحائل بينهنّ بعضهنّ مع بعض ؟
الأقوى عدم الانسحاب كما عليه الماتن (قدس سره) في ذيل عبارته الآتية فانّ صحيحة زرارة قد دلّت باطلاقها على قادحية الحائل ، كقادحية البعد بين الإمام والمأموم وبين المأمومين أنفسهم ، من غير فرق بين الرجل والمرأة ، قال (عليه السلام) : «إن صلّى قوم وبينهم وبين الإمام ما لا يتخطّى فليس ذلك الإمام لهم بامام ، وأىّ صفّ كان أهله يصلّون بصلاة الإمام وبينهم وبين الصفّ الذي يتقدّمهم ما لا يتخطّى فليس تلك لهم بصلاة . . .» إلخ(1) .
فانّ عنوان القوم(2) والإمام والصفّ صادق على الذكر والاُنثى ، بل قد صرّح في ذيلها بشمول الحكم من حيث البعد للمرأة فلاحظ . وقد خرجنا عن هذا الإطلاق بمقتضى موثّقة عمّار في خصوص صورة واحدة ، وهي وجود الحائل بين المرأة وبين الإمام إذا كان رجلا ، فالتزمنا بالتخصيص في هذا القسم بمقتضى الموثّق ، وأمّا ما عدا ذلك ـ أعني وجود الحائل بينها وبين الإمام إذا كان امرأة ، أو بين المأمومات أنفسهن ـ فيبقى مشمولا تحت إطلاق الصحيحة بعد عدم قيام دليل على التخصيص زائداً على ما ذكر من مورد الموثّق ولا مقتضي للتعدّي عن هذا المورد .
(1) فانّ الجماعة متقوّمة بالمتابعة ، فلابدّ لها من العلم بأحوال الإمام من
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 410 / أبواب صلاة الجماعة ب 62 ح 2 .
(2) حكى في لسان العرب 12 : 505 عن جمع من اللغويين اختصاص القوم بالرجال مستشهدين له بقوله سبحانه : (لا يسخر قوم من قوم ـ إلى قوله تعالى : ـ ولا نساء من نساء) الحجرات 49 : 11 ، وبقول زهير : وما أدري ، وسوف إخالُ أدري ، أقومٌ آل حِصن أم نساء . وفي الحديث : «إن نسّاني الشيطان شيئاً من صلاتي فليسبّح القوم وليصفّق النساء» .
ــ[151]ــ
والركوع والسجود ونحوها ، مع أنّ الأحوط فيها أيضاً عدم الحائل ، هذا . وأمّا إذا كان الإمام امرأة أيضاً فالحكم كما في الرجل .
|