ــ[340]ــ
[ 150 ] مسألة 2 : لو اشتبه مضاف في محصور يجوز أن يكرّر الوضوء أو الغسل إلى عدد يعلم استعمال مطلق في ضمنه ، فاذا كانا اثنين يتوضأ بهما ، وإن كانت ثلاثة أو أزيد يكفي التوضؤ باثنين ، إذا كان المضاف واحداً ، وإن كان المضاف اثنين في الثلاثة يجب استعمال الكل ، وإن كان اثنين في أربعة تكفي الثلاثة . والمعيار أن يزاد على عدد المضاف المعلوم بواحد (1) . وإن اشتبه في غير المحصور جاز استعمال كل منها ((1)) كما إذا كان المضاف واحداً في ألف . والمعيار أن لا يعدّ العلم الاجمالي علماً ، ويجعل المضاف المشتبه بحكم العدم ، فلا يجري عليه حكم الشبهة البدوية أيضاً ولكن الاحتياط أولى (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العلم بنجاسة إناء واحد من ألف إناء ليس من غير المحصورة في شيء . بل قد يكون أكثر من الألف أيضاً كذلك ، كما إذا علم بنجاسة حبة من حبات الاُرز في طعامه ، وهو مشتمل على آلاف حبة ، ولا نظن أحداً يفتي بعدم وجوب الاجتناب حينئذ بدعوى أنه من الشبهة غير المحصورة . نعم ، لا مانع من عدّ العلم بحرمة امرأة من ألف نساء من الشبهة غير المحصورة ، إلاّ أنك عرفت عدم الفرق في تنجيز العلم الاجمالي بين المحصورة وغيرها فعلى ما ذكرناه لا يجوز التوضؤ من شيء من الأواني في ما مثّل به في المتن .
(1) وذلك لأنه يوجب القطع بالتوضؤ من المطلق . ثم إن الوجه في جواز الوضوء منها بتلك الكيفية هو أن التوضؤ من المضاف ليس كالوضوء من المغصوب محرماً شرعاً ، فلا مانع من التوضؤ به مقدمة للعلم بالتوضؤ من المطلق ، وهذا بخلاف المشتبه بالمغصوب ، لأن التوضؤ منه حرام فلا يجوز جعله مقدمة للعلم بالامتثال .
(2) هذه المسألة تبتني على ما هو محل الخلاف بين الأعلام من أن الشبهة غير المحصورة ـ بناء على عدم وجوب الاجتناب عن أطرافها ـ هل يكون العلم فيها كلا علم ، أو أن الشبهة فيها كلا شبهة ؟ مثلاً إذا علمنا بحرمة أحد اُمور غير محصورة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل اللاّزم هو الاحتياط بتكرار الوضوء حتى يعلم بحصول التوضؤ بالماء المطلق .
ــ[341]ــ
يفرض العلم بحرمته كعدمه ، فكأنه لا علم بحرمتها من الابتداء فحالها حال الشبهات البدوية فلا مناص من الرجوع إلى الاُصول العملية المختلفة حسب اختلاف مواردها ففي المثال يرجع إلى أصالة الحل لأجل الشك في حرمتها ، أو أن الشبهة يفرض كلا شبهة ، فكأنّ الفرد المحرم غير متحقق واقعاً فلا محرّم في البين ، ولا بدّ من الحكم بحلية الجميع إذ المحرّم محكوم بالعدم على الفرض وغيره حلال .
وعلى هذا فان قلنا في المقام إن العلم باضافة ما في أحد الأواني كلا علم فلا يمكننا الحكم بصحة التوضؤ من شيء منها لأن العلم باضافة واحد منها وإن كان كالعدم إلاّ أن الأصل الجاري في المقام إنما هو أصالة الاشتغال ، وذلك لاحتمال إضافة كل واحد من الأطراف ، ومعه لا يمكن الحكم بصحة الوضوء ، فلا بدّ من الاحتياط بمقتضى قاعدة الاشتغال حتى يقطع بطهارته وفراغ ذمته .
وأمّا إذا قلنا إن الشبهة كلا شبهة ، وأن المضاف الموجود في البين كالعدم فنحكم بصحة التوضؤ من كل واحد من الأواني ، وذلك للعلم باطلاق الجميع ، فان المضاف منها معدوم والباقي كلّه ماء مطلق ، فلا تدخل الأطراف في الشبهات البدوية ولا نحتاج فيها إلى إجراء الاُصول .
هذا ولا يخفى أنه إن كان ولا بدّ من تعيين أحد هذين الاحتمالين فالمتعين منهما هو الأوّل ، وذلك لأن احتمال انطباق المعلوم بالاجمال على كل واحد من الأطراف أمر وجداني فلا بدّ معه من وجود المؤمّن ، ولا مؤمّن إلاّ الأصل الجاري فيه ، وقد فرضنا أن الأصل في المقام هو أصالة الاشتغال دون البراءة .
نعم ، لو تمّ ما ذكروه في وجه عدم وجوب الاجتناب عن أطراف العلم الاجمالي من أن العقلاء لا يعتنون بالاحتمال إذا كان ضعيفاً من جهة كثرة الأطراف ، صح ما ذكر من أن الشبهة في أطراف الشبهة غير المحصورة كلا شبهة ، إلاّ أنه لا يتم لما ذكرناه في محلّه من أن ضعف الاحتمال إنما يوجب عدم الاعتناء به فيما إذا تعلق بمضرة دنيوية . وأمّا إذا تعلق بأمر اُخروي أعني به العقاب فلا يفرق في لزوم الحاجة معه إلى المؤمّن بين ضعفه وقوته ، فان احتمال العقاب ولو كان ضعيفاً يجب دفعه عقلاً وتمام الكلام في محلّه .
|