بقي التنبيه على أمرين :
أحدهما : بناءً على جواز المساواة في المأموم المتعدّد أو كان المأموم واحداً ووقف إلى جانب الإمام ، فهل تجوز المساواة الحقيقية بينهما بأن يقفا على صعيد واحد بنسبة متساوية ، أم يجب التأخّر على المأموم بشيء ما ولو يسيراً ؟
مقتضى إطلاق كلام الماتن وصريح جمع آخرين هو الأوّل ، وذهب بعضهم إلى الثاني ، هذا . وليس في الروايات تعرّض لذلك ليستدلّ به على شيء من الطرفين ، وإنّما الوارد فيها لفظ «حذاء الإمام» كما في صحيحة الأعرج أو «يمينه» كما في صحيحة ابن مسلم المتقدّمتين(1) ، ومقتضى الإطلاق فيهما جواز المساواة الحقيقية ، إذ لم يتقيّد بالتأخّر القليل .
ومع التشكيك في انعقاد الإطلاق من أجل أنّه (عليه السلام) لم يكن في مقام البيان من هذه الجهة ، بل النظر معطوف على أن لا يكون المأموم خلف الإمام فينتهي الأمر حينئذ إلى الأصل العملي من البراءة أو الاشتغال .
وقد عرفت غير مرّة(2) أنّ المرجع هو الأوّل ، لعدم كون الجماعة مسقطاً لوجوب الصلاة ليرجع إلى الاشتغال بعد الشكّ في السقوط ، وإنّما هي عدل للواجب التخييري . فيشكّ في أنّ الجامع الذي هو متعلّق التكليف هل لوحظ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 169 ، 164 .
(2) منها ما تقدّم في ص 148 .
ــ[172]ــ
بين الفرادى ومطلق الجماعة ، أم بينها وبين الجماعة المتقيّدة بعدم المساواة الحقيقية أو بالتأخّر القليل ، ومقتضى الأصل البراءة عن هذا التقييد .
اللّهمّ إلاّ أن يقال : إنّ مفهوم الإمامة بحسب الارتكاز العرفي يستدعي تقدّم الإمام(1) ولو في الجملة ليتابعه المأموم ويقتدي به كما أشرنا إليه فيما سبق(2) . فان ثبت هذا فهو ، ولأجله يحكم بلزوم التأخّر اليسير ، وإلاّ فالمرجع الإطلاق إن تمّ ، وإلاّ فالأصل المقتضي لعدم اللزوم كما عرفت . ـــــــــــــــ
(1) مفهوم الإمامة لا يقتضي إلاّ المتابعة في الأفعال ، وهي غير منوطة بالتقدّم في الموقف بالضرورة .
(2) في ص 163 .
|