ــ[182]ــ
[1910] مسألة 13 : لو شكّ في حدوث الحائل في الأثناء (1) بنى على عدمه وكذا لو شكّ قبل الدخول في الصلاة في حدوثه بعد سبق عدمه ، وأمّا لو شكّ في وجوده وعدمه مع عدم سبق العدم فالظاهر عدم جواز الدخول((1)) إلاّ مع الاطمئنان بعدمه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أمّا مع العلم بالحالة السابقة من وجود الحائل أو عدمه فلا إشكال في الأخذ بمقتضاها ، عملا بالاستصحاب في كلّ منهما . وأمّا مع الشكّ وعدم العلم بالحالة السابقة ـ إمّا لأجل توارد الحالتين والشكّ في المتقدّم منهما والمتأخّر ، أو للجهل بها رأساً ـ فقد ذكر في المتن أنّ الظاهر عدم جواز الدخول ، للزوم إحراز عدم المانع ولو بالأصل ، ولا أصل يقتضيه ، وأصالة عدم المانع ليس أصلا برأسه ما لم يرجع إلى الاستصحاب ، والمفروض عدم جريانه لأجل الجهل بالحالة السابقة ، نعم لا بأس بالدخول مع الاطمئنان بالعدم ، فانّه حجّة عقلائية .
أقول : الظاهر جواز الدخول ، لأصالة البراءة عن المانعية وإن لم يجر الاستصحاب ، وتقريرها يتوقّف على أمرين :
أحدهما : ما أشرنا إليه مراراً من أنّ الجماعة ليست مسقطة لوجوب الصلاة ليرجع إلى الاشتغال لدى الشكّ في السقوط ، وإنّما هي عدل للواجب التخييري ، ومتعلّق الوجوب إنّما هو الجامع بينها وبين الفرادى . وعليه فمرجع الشكّ في اعتبار قيد في الجماعة إلى الشكّ في أنّ الجامع الملحوظ بينهما هل لوحظ بين الفرادى ومطلق الجماعة ، أم بينها وبين الجماعة المتقيّدة بذاك القيد المشكوك فيه .
وبما أنّ اللحاظ على النحو الثاني يتضمّن كلفة زائدة يشكّ في تحقّقها زائداً على المقدار المعلوم فلا مانع من الرجوع في نفيها إلى أصالة البراءة ، بناءً على ما
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يبعد الجواز فيه .
ــ[183]ــ
هو الصحيح من الرجوع إليها في الأقلّ والأكثر الارتباطيين ، فانّ المقام من صغريات هذا الباب كما هو ظاهر .
الثاني : أنّ من المحرّر في الاُصول ـ على ما حقّقناه ـ عدم الفرق في الرجوع إلى البراءة عند الدوران بين الأقلّ والأكثر الارتباطي بين موارد الشبهات الحكمية والموضوعية(1) ، فانّ الأحكام مجعولة على سبيل القضايا الحقيقية المنحلّة إلى أحكام عديدة حسب تعدّد الموضوعات .
فاذا شكّ في لباس أنّه من الحرير أم من غيره بشبهة موضوعية فكما تجري أصالة البراءة عن الحرمة النفسية فيجوز لبسه ، كذلك تجري البراءة عن تقيّد الصلاة بعدم الوقوع في هذا المشكوك ، إذ بعدما عرفت من الانحلال فتقيّد الصلاة بعدم الاقتران مع الأفراد المتيقّنة من الحرير معلوم ، وأمّا التقييد بالعدم ـ الذي تنتزع عنه المانعية ـ بالإضافة إلى هذا الفرد المشكوك زائداً على الأفراد المعلومة فهو مشكوك من أوّل الأمر ، فتجري البراءة عن هذا التقيّد على حدّ جريانها عن التكليف النفسي ، فتجوز الصلاة فيه كما يجوز لبسه .
وعلى ضوء هذا البيان تجري البراءة في المقام وإن كانت الشبهة موضوعية فانّ عدل الواجب التخييري ـ أعني الجماعة ـ مقيّد بعدم الاشتمال على الحائل . وحيث إنّ هذا الحكم كغيره من سائر الأحكام انحلالي فينحلّ إلى تقيّدات عديدة حسب أفراد الحائل ، فكلّ فرد علم بحيلولته نعلم بثبوت التقيّد بالإضافة إليه ، وأمّا الفرد المشكوك فيشكّ في أصل التقيّد بالنسبة إليه ومقتضى الأصل البراءة عنه .
فالأقوى جواز الدخول في الجماعة لدى الشكّ في تحقّق الحائل وإن لم يطمئن بعدمه ، استناداً إلى البراءة ، وإن لم يجر الاستصحاب ، على خلاف ما أفاده الماتن (قدس سره) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الاُصول 2 : 325 .
|