ــ[269]ــ
وفي التشهّد ، والأحوط التجافي فيه ، كما أنّ الأحوط التسبيح عوض التشهد((1)) وإن كان الأقوى جواز التشهّد ، بل استحبابه أيضاً (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لعين ما ذكر من أنّ مورد المتابعة ما هي من وظائف المأموم . فدليل وجوب المتابعة نفساً أو شرطاً لا يقتضي وجوب القنوت في المقام .
وإن كان هو الموثّق المتقدّم فمن المعلوم أنّ مفاده ليس إلاّ الجواز والمشروعية دون الوجوب ، لأنّ السؤال حيث كان وارداً مورد توهّم الحظر ـ إذ لا قنوت في الركعة الاُولى ـ فلا يكون إلاّ عن الجواز ، والجواب لا يدلّ إلاّ عليه . فلا ظهور في الموثّق في الوجوب ، بل غايته الاستحباب كما صرّح به جمع من الأصحاب .
(1) يقع الكلام في جهات :
الاُولى : لا ريب في وجوب الجلوس حينئذ ، فلا يجوز له القيام ، لعدم جواز التقدّم على الإمام في الأفعال . فمحافظة على المتابعة الواجبة شرطاً أو نفساً المقتضية لعدم القيام قبل الإمام يتعيّن عليه الجلوس بلا كلام ، وهذا ظاهر .
الثانية : في كيفيّة الجلوس ، وقد نسب إلى جمع منهم ابن إدريس(2) وجوب التجافي ، للأمر به في صحيح ابن الحجاج «. . . يتجافى ولا يتمكّن من القعود . . .» إلخ(3) وفي صحيح الحلبي «من أجلسه الإمام في موضع يجب أن يقوم فيه تجافى وأقعى إقعاءً ، ولم يجلس متمكّناً»(4) .
لكن بازائهما بعض الأخبار التي يظهر منها عدم الوجوب ، وهي موثّقة الحسين بن المختار وداود بن الحصين ، قال(5) : «سئل عن رجل فاتته صلاة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل الأحوط التشهّد ، وهو بركة .
(2) السرائر 1 : 287 .
(3) الوسائل 8 : 387 / أبواب صلاة الجماعة ب 47 ح 2 .
(4) الوسائل 8 : 418 / أبواب صلاة الجماعة ب 67 ح 2 .
(5) [هكذا ورد أيضاً في التهذيب 3 : 281 / 832] .
ــ[270]ــ
ركعة من المغرب مع الإمام فأدرك الثنتين فهي الاُولى له والثانية للقوم يتشهّد فيها ؟ قال : نعم ، قلت : والثانية أيضاً ؟ قال : نعم ، قلت : كلّهن ؟ قال : نعم ، وإنّما هي بركة»(1) حيث تضمّنت الأمر بالتشهّد في جميع الركعات الثلاث من صلاة المغرب بسياق واحد ونهج فارد .
ومن الواضح أنّ كيفية التشهّد في الأخيرتين اللتين هما ثانية المأموم وثالثته إنّما هي على نحو الجلوس من غير تجاف ، فكذا في الركعة الاُولى التي هي ثانية الإمام ، بمقتضى اتّحاد السياق . فيظهر منها عدم اعتبار التجافي فيها أيضاً ، وأنّ الكلّ بنسق واحد ، فتأمّل .
ويؤيّد الموثّقة خبر إسحاق بن يزيد قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : جعلت فداك يسبقني الإمام بالركعة فتكون لي واحدة وله ثنتان أفأتشهّد كلّما قعدت؟ قال: نعم، فانّما التشهّد بركة»(2).
وخبر علي بن جعفر : «سألته عن الرجل يدرك الركعة من المغرب كيف يصنع حين يقوم يقضي أيقعد في الثانية والثالثة ؟ قال : يقعد فيهنّ جميعاً»(3) وإن كان الأوّل منهما ضعيفاً بسهل بن زياد ، والثاني بعبد الله بن الحسن . ومن هنا ذكرناهما بعنوان التأييد ، فانّهما ظاهران كالموثّقة في القعود على النحو المتعارف الذي يقعد الإمام وغيره من سائر المأمومين من غير إقعاء وتجاف .
ومن أجل ذلك يحمل الأمر بالتجافي في الصحيحين المتقدّمين على الاستحباب كما هو ظاهر كثير من الأصحاب جمعاً بين النصوص .
وأمّا احتياط الماتن في ذلك فوجهه ذهاب جمع من الأصحاب إلى الوجوب كما أشرنا إليه . والأقوى عدم الوجوب كما ظهر وجهه ، والاحتياط المزبور استحبابي .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 416 / أبواب صلاة الجماعة ب 66 ح 1 .
(2) الوسائل 8 : 416 / أبواب صلاة الجماعة ب 66 ح 2 .
(3) الوسائل 8 : 417 / أبواب صلاة الجماعة ب 66 ح 4 .
|