ــ[272]ــ
وإذا أمهله الإمام في الثانية له للفاتحة والسورة والقنوت أتى بها(1)، وإن لم يمهله ترك القنوت(2)، وإن لم يمهله للسورة تركها(3) ، وإن لم يمهله لإتمام الفاتحة أيضاً فالحال كالمسألة المتقدّمة (4) من أنّه يتمّها ويلحق الإمام في السجدة ، أو ينوي الانفراد((1)) ، أو يقطعها ويركع مع الإمام ويتمّ الصلاة ويعيدها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عدم التقدّم في القيام ورعاية للمتابعة المعتبرة فيه يتعيّن عليه الجلوس كما أشرنا إليه .
وإن كان الدليل عليه النصّ الوارد في المقام أعني موثّقة ابن المختار المتقدمة المؤيّدة بغيرها فظاهر أنّها لا تدلّ على الوجوب ، بل غايته المشروعية والجواز ، المساوق في المقام للاستحباب ، إذ السؤال بعد أن كان وارداً مورد توهّم الحظر ـ إذ لا تشهّد في الاُولى ـ لا يكون ظاهراً إلاّ في السؤال عن الجواز والمشروعية كما لا يخفى .
(1) بلا إشكال ، لعموم أدلّة هذه الاُمور .
(2) إذ هو مستحبّ فلا يزاحم به المتابعة الواجبة .
(3) للتصريح بذلك في صحيحة زرارة المتقدّمة(2) .
(4) أعني المأموم المسبوق بركعتين ، لوحدة المناط بين المسألتين ، فتتطرّق هنا أيضاً الاحتمالات الثلاثة التي ذكرها الماتن هناك : من إتمام الفاتحة والالتحاق بالإمام في السجود ، أو قطعها والركوع معه ، أو الانفراد . وقد عرفت أنّ الأظهر هو الأخير ، إذ لا دليل على رفع اليد عن إطلاق دليل الفاتحة ، كما لا دليل على رفع اليد عن إطلاق المتابعة ، فيجب التحفّظ على كلا الإطلاقين وحيث إنّ لازم ذلك امتناع إتمام الصلاة جماعة فلا محالة تنقلب الصلاة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مرّ أنّه الأحوط .
(2) في ص 263 .
ــ[273]ــ
[1942] مسألة 20 : المراد بعدم إمهال الإمام المجوّز لترك السورة ركوعه قبل شروع المأموم فيها (1) أو قبل إتمامها وإن أمكنه إتمامها قبل رفع رأسه من الركوع ، فيجوز تركها بمجرّد دخوله في الركوع ولا يجب الصبر إلى أواخره وإن كان الأحوط قراءتها ما لم يخف فوت اللحوق((1)) في الركوع ، فمع الاطمئنان بعدم رفع رأسه قبل إتمامها لا يتركها ولا يقطعها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فرادى قهراً وبطبيعة الحال ، من غير حاجة إلى نيّة العدول إليها كما أشرنا إليه هناك(2) .
(1) قد يستدلّ لذلك بصحيحة معاوية بن وهب المتقدّمة : «عن الرجل يدرك آخر صلاة الإمام وهو أوّل صلاة الرجل فلا يمهله حتّى يقرأ ، فيقضي القراءة في آخر صلاته ؟ قال : نعم»(3) ، فانّ الظاهر من عدم إمهاله حتّى يقرأ ركوعه قبل أن يقرأ كما لا يخفى .
وفيه : ما عرفت(4) من أنّ الصحيحة أجنبيّة عمّا نحن فيه ، فانّ الاستدلال بها مبني على أن يكون المراد من إدراك آخر صلاة الإمام إدراكه في الركعة الأخيرة قائماً كي يكون المأموم حينئذ مكلّفاً بالقراءة فلا يمهله الإمام عنها بركوعه . ولكنّ الظاهر منها إدراكه في ركوع الركعة الأخيرة الذي هو الجزء الأخير وآخر ما يدرك من صلاة الإمام كما نطقت به الروايات الكثيرة ، وليس إدراكه قائماً هو آخر ما يدرك من صلاته .
وعليه فالصحيحة غير مرتبطة بمحلّ الكلام ، إذ لم يكن المأموم مكلّفاً حينئذ بالقراءة حتّى لا يمهله الإمام عنها بركوعه ، بل يكبّر ويركع معه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا فيما إذا كان التخلّف بمقدار لا يضرّ بالمتابعة العرفية .
(2) في ص 265 .
(3) الوسائل 8 : 388 / أبواب صلاة الجماعة ب 47 ح 5 .
(4) في ص 266 .
ــ[274]ــ
وقد يقال : إنّ قوله «فلا يمهله حتّى يقرأ» قرينة واضحة على أنّ المراد إدراكه قائماً لا راكعاً ، كيف والقراءة ساقطة عنه لدى إدراكه في الركوع فلا موضوع للقراءة حتّى يمهله الإمام أو لا يمهله . فلا مناص من إرادة دركه في حال القيام وتكليفه بالقراءة ، كي يصحّ التعبير بعدم إمهاله حتّى يقرأ .
وفيه : أنّ المتيقّن ممّا قامت عليه الأدلّة أنّ من أدرك الإمام راكعاً لا تجب عليه القراءة(1) وأنّها ساقطة عنه ، بمعنى أنّه يجوز له تركها ، وأمّا أنّها غير مشروعة منه حينئذ فكلاّ ، إذ لا يكاد يستفاد ذلك من شيء من الأدلّة كي ينافي إطلاقات مشروعية القراءة ، فيجوز له أن يقرأ ، سيما مع الإسراع أو إطالة الإمام في ركوعه ، بحيث يدركه قبل رفع رأسه عنه .
وعليه فلا شهادة في قوله : «فلا يمهله حتّى يقرأ» على إرادة الإدراك قائماً لمجامعته مع الإدراك راكعاً أيضاً حسبما بيّناه ، وإن كانت القراءة حينئذ جائزة لا واجبة ، نعم الغالب في الخارج ترك القراءة حينئذ ، لعدم وجوبها وعدم إمهال الإمام لها ، لكنّه ربما يتّفق مع تخيّل الإمهال . والسؤال في الصحيحة محمول على غير الغالب ، بقرينة ما عرفت من لزوم حملها على إدراك الإمام راكعاً ، حيث إنّه الجزء الأخير ممّا يدرك من آخر صلاته .
لا يقال : كيف تجوز القراءة منه حينئذ مع منافاتها للمتابعة الواجبة عليه ؟
فانّه يقال : إنّما تجب عليه المتابعة بعد اتّصافه بعنوان الائتمام المتوقّف على إدراك ركوع الإمام ، فقبل أن يركع لم يكن مؤتمّاً بعدُ كي تجب عليه المتابعة وإنّما تتحقّق منه الجماعة ويتّصف بالمأمومية ـ الموضوع لوجوب المتابعة ـ في الآن المستقبل ، أعني بعدما لحق الإمام في ركوعه وأدركه فيه كما نطقت به الروايات الواردة في من كبّر والإمام راكع .
فان قلت : إذا لم يكن مأموماً حينما يقرأ وقبل أن يركع فهو منفرد لا محالة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقد تقدّم بعضها في ص 100 .
ــ[275]ــ
فائتمامه فيما بعدُ يكون من الائتمام في الأثناء غير المشروع كما سبق(1) .
قلت : كلاّ ، بل هو قاصد للجماعة من أوّل الأمر ، وإنّما تتحقّق منه الجماعة والائتمام خارجاً بعد أن أدرك الإمام راكعاً ، فهو قبل ذلك مراعى من حيث الجماعة والفرادى كما لا يخفى .
وإن شئت فقل : هو مؤتمّ حينئذ لكن بنحو الشرط المتأخّر ، الذي قام الدليل عليه في المقام ، وهو نفس هذه الصحيحة .
على أنّ عدم مشروعية الائتمام في الأثناء لم يكن مدلولا لدليل لفظي ، وإنّما هو من أجل عدم قيام الدليل على المشروعية ، وفي المقام قام الدليل عليها وهو ما دلّ على أنّ من أدرك الإمام حال الركوع وكبّر بقصد الائتمام صحّت جماعته وإن لم يكن مؤتمّاً ـ أو فقل كان منفرداً ـ قبل أن يركع .
وكيف ما كان ، فالاستدلال بهذه الصحيحة للحكم المذكور في المتن في غير محلّه .
نعم ، يدلّ عليه صحيح زرارة قال (عليه السلام) : «إن أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين وفاتته ركعتان قرأ في كلّ ركعة ممّا أدرك خلف الإمام في نفسه باُمّ الكتاب وسورة ، فان لم يدرك السورة تامّة أجزأته اُمّ الكتاب . . .» إلخ(2) .
فانّ قوله (عليه السلام) : «قرأ في كل ركعة ممّا أدرك خلف الإمام . . .» إلخ كالصريح في أنّ الائتمام كان حال القيام ، كي يصدق القراءة خلف الإمام . فانّ هذا العنوان لا يصدق إلاّ فيما إذا كان الإمام أيضاً متشاغلا بالقراءة ـ أو التسبيح ـ كالمأموم ، إذ مع كونه راكعاً لا يصدق القراءة خلفه كما هو ظاهر .
وحينئذ فقوله : «فان لم يدرك السورة تامّة . . .» إلخ معناه أنّه لم يدرك السورة خلف الإمام تامّة ، وهذا إنّما يتحقّق بمجرّد ركوع الإمام الموجب لسلب عنوان
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 84 .
(2) الوسائل 8 : 388 / أبواب صلاة الجماعة ب 47 ح 4 .
|