التوضؤ بالمشتبه بالمضاف 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8289


ــ[345]ــ

   [ 153 ] مسألة 5 : لو اُريق أحد الاناءين المشتبهين من حيث النجاسة أو الغصبية لا يجوز التوضؤ بالآخر وإن زال العلم الاجمالي (1) ، ولو اُريق أحد المشتبهين من حيث الاضافة لا يكفي الوضوء بالآخر ، بل الأحوط الجمع ((1)) بينه وبين التيمم (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علم اجمالي بأن الماء في مفروض المسألة إما لا يجوز التوضؤ به ـ  كما إذا كان نجساً  ـ وإما لا يجوز التصرف فيه ـ  كما إذا كان مغصوباً  ـ وإجراء أصالة الطهارة حينئذ لاثبات طهارته من جهة الوضوء معارضة بأصالة الاباحة الجارية لاثبات حلّية التصرّف فيه ، ومع تعارض الاُصول وتساقطها لا مناص من الاحتياط لعدم المؤمّن في البين .

    زوال أحد طرفي العلم :

   (1) والوجه في ذلك هو ما ذكرناه في الاُصول من أن تنجيز الواقع لا ينفك عن العلم الاجمالي ما دام باقياً ، وإراقة أحد الماءين لا توجب زوال العلم وارتفاعه ، لأن العلم بحدوث نجاسة مرددة بين الماء المراق وغيره موجود بعد الاراقة أيضاً . نعم ، ليس له علم فعلي بوجود النجاسة في البين لاحتمال أن يكون النجس هو المراق إلاّ أنه لا ينافي بقاء العلم الاجمالي بالنجاسة . وبعبارة أخصر أصالة الطهارة في أحد الاناءين حدوثاً معارضة بأصالة الطهارة في الآخر حدوثاً وبقاءً .

   (2) ما أفاده (قدس سره) من أحد المحتملات في المسألة ، وهناك احتمالان آخران :

   أحدهما : جواز الاكتفاء بالتوضؤ بالباقي منهما من غير حاجة إلى ضم التيمم إليه .

   وثانيهما : وجوب التيمم فحسب . وهذه هي الوجوه المحتملة في المسألة .

   والوجه فيما ذهب إليه في المتن من إيجاب الجمع بين الطهارتين هو دعوى أن العلم الاجمالي كما يقتضي التنجيز فيما إذا كانت أطرافه عرضية كذلك يقتضي تنجيز متعلقه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وإن كان لا يبعد جواز الاكتفاء بالتيمم .

ــ[346]ــ

فيما إذا كانت طولية ـ كالوضوء والتيمم ـ في هذه المسألة وفي المسألة الثالثة ، وذلك للعلم بوجوب الوضوء إن كان الباقي مطلقاً وبوجوب التيمم إن كان مضافاً ، ومقتضاه الجمع بين الطهارتين .

   وأمّا مبنى جواز الاكتفاء بخصوص التوضؤ من الباقي فالظاهر انحصاره في الاستصحاب ، حيث إن التوضؤ به كان واجباً قبل فقدان أحدهما للاحتياط واشتباه المطلق بالمضاف ، والأصل أنه باق على وجوبه بعد فقدان أحد الطرفين .

   ويدفعه : أن الوضوء لا بدّ من أن يكون بالماء المطلق شرعاً ، واستصحاب وجوب التوضؤ بالباقي لا يثبت أنه ماء مطلق فلا يحرز بهذا الاستصحاب أنه توضأ بالماء المطلق .

   وأمّا مبنى الاحتمال الأخير ـ وهو الذي نفينا عنه البعد في تعليقتنا ـ فهو أن العلم الاجمالي لا ينجز متعلقه فيما إذا كانت أطرافه طولية . بيان ذلك : أن وجوب الوضوء إنما هو مترتب على عنوان واجد الماء ، كما أن وجوب التيمم مترتب على عنوان فاقد الماء ، لأنه مقتضى التفصيل في قوله تعالى : (إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم إلى قوله وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النِّساء فلم تجدوا ماء فتيمّموا صعيداً طيِّباً ) (1) . ثم إن المراد بالفقدان ليس هو الفقدان الحقيقي ، وإنما اُريد به عدم التمكن من استعمال الماء وإن كان حاضراً عنده وذلك للقرينة الداخلية والخارجية .

   أمّا القرينة الداخلية : فهي ذكر المرضى في سياق المسافر والجنب فان الغالب وجود الماء عند المريض ، إلاّ أنه لا يتمكن من استعماله لا أنه لا يجده حقيقة . نعم ، لو كان اقتصر في الآية المباركة بذكر المسافر فقط دون المرضى لكان حمل عدم الوجدان على الفقدان الحقيقي بمكان من الامكان ، فان المسافر في البراري والفلوات كثيراً ما لا يجد الماء حقيقة .

   وأمّا القرينة الخارجية : فهي الأخبار الواردة في وجوب التيمم على من عجز عن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المائدة 5 : 6 .

ــ[347]ــ

       [ 154 ] مسألة 6: ملاقي الشـبهة المحصـورة لا يحكم عليه بالنجاسة لكن الأحوط
الاجتناب ((1)) (1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

استعمال الماء لمرض أو ضرر ونحوهما . والمراد بالتمكن من استعمال الماء ليس هو التمكن من غسل بدنه ، بل المراد به أن يتمكن المكلف من استعماله في خصوص الغسل أو الوضوء ، لوضوح أن الماء إذا انحصر بماءالغير وقد أذن مالكه في جميع التصرفات في مائه ولو في غسل بدنه ، ولكنه منعه عن استعماله في خصوص الغسل والوضوء يتعيّن عليه التيمم لصدق عدم تمكنه من استعمال الماء وإن كان متمكناً من غسل بدنه فاذا تمهد ذلك فنقول :

   المكلف في مفروض المسألة يشك في ارتفاع حدثه على تقدير التوضؤ بالمائع الآخر لاحتمال أن يكون مضافاً ، ومعه لا مناص من استصحاب حدثه ، لما بنينا عليه في محله من جريان الاستصحاب في الاُمور المستقبلة ، ومقتضى هذا الاستصحاب أن التوضؤ من الباقي كعدمه ، وأن الشارع يرى أن المكلف فاقد الماء حيث إنه لو كان واجداًبتمكنه من استعمال المائع الباقي لم يبطل غسله أو وضوؤه ولم يحكم الشارع ببقاء حدثه ، فبذلك يظهر أنه فاقد الماء ووظيفته التيمم فحسب سواء توضأ بالباقي أم لم يتوضأ به ، ولا يعارض هذا الاستصحاب باستصحاب بقاء حدثه على تقدير التيمم ، إذ لا يثبت به أن المكلف واجد للماء وأن المائع الباقي مطلق . وعلى الجملة وجوب التيمم مترتب على عدم تمكن المكلف من رفع حدثه بالماء ، فاذا حكم الشارع ببقاء حدثه وعدم ارتفاعه بالتوضؤ من المائع الباقي يترتب عليه وجوب التيمم لا محالة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net