ــ[284]ــ
[1947] مسألة 25 : إذا حضر المأموم الجماعة ولم يدر أنّ الإمام في الاُوليين أو الأخيرتين (1) قرأ الحمد والسورة بقصد القربة ، فان تبيّن كونه في الأخيرتين وقعت في محلّها ، وإن تبيّن كونه في الاُوليين لا يضره ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كبّر وأدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركعة وصحّت جماعته .
(1) حكم (قدس سره) حينئذ بقراءة الحمد والسورة بقصد القربة المطلقة لأنّها إمّا واجبة وقعت في محلّها لو كان الإمام في الأخيرتين ، أو مستحبّة لو كان في الاُوليين فلا يضرّه ذلك .
ولا شكّ أنّ ما أفاده هو مقتضى الاحتياط كما عرفت . هذا لو أراد الاحتياط ، وأمّا لو أراد اختيار أحد الشقّين من القراءة أو تركها فهل تجب عليه أم يجوز الترك ؟ وما هي وظيفته بالنظر إلى الأصل العملي ؟
لا ريب أنّ مقتضى قاعدة الاشتغال هو الوجوب ، لما عرفت سابقاً(1) من أنّ القراءة غير ساقطة عن المأموم رأساً بحيث يلزم التخصيص في عموم «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب»(2) ، بل هي واجبة عليه كغيره ، غاية الأمر أنّه في مرحلة الامتثال يجتزي بقراءة الإمام ، وهو ضامن له ، وقراءته مسقطة لقراءته بعدما كانت واجبة عليه أوّلا . وذكرنا سابقاً أنّ هذا ممّا يساعده الاعتبار ، فلو أنّ جماعة وفدوا على ملك أو رئيس يتكلّم واحد منهم عن القوم ، ويكون كلامه كلامهم ، ويعبّر عن لسان الجميع ، فكذا في المقام .
ومن هنا ذكرنا فيما مرّ(3) أنّ الجماعة عدل للواجب التخييري ، فتجب عليه القراءة إمّا بنفسه لو اختار الانفراد ، أو ببدله لو اختار الجماعة .
وعليه فالشك في المقام راجع إلى مرحلة السقوط والفراغ ومقام الامتثال
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 91 .
(2) المستدرك 4 : 158 / أبواب القراءة في الصلاة ب 1 ح 5 ، راجع ص 18 ، الهامش (1) .
(3) في ص 148 .
ــ[285]ــ
الذي هو مورد لقاعدة الاشتغال ، لا إلى مرحلة الجعل وثبوت التكليف ليرجع في نفيه إلى أصالة البراءة . فهو يعلم أنّه في هذه الركعة مكلّف بالقراءة ، ويشكّ في سقوطها عنه بفعل الإمام لو كانت من الاُوليين . فمقتضى القاعدة المزبورة وجوب الإتيان بها .
إلاّ أنّه مع ذلك يجوز له تركها استناداً إلى الاستصحاب ، ولا شيء عليه حتّى لو انكشف الخلاف وتبيّن كون الإمام في الأخيرتين ، لأنّه بعدتعويله على الحجّة الشرعية كان معذوراً في الترك ، ومثله مشمول لحديث لا تعاد ، بناءً على ما عرفت(1) من عدم اختصاصه بالناسي وشموله لمطلق المعذور .
وتقريب الاستصحاب : أنّ الموضوع لسقوط القراءة عن المأموم اقتداؤه خلف إمام يكون هو في إحدى الأولتين على ما يظهر من الروايات ، وهذا الموضوع محقّق في المقام بضمّ الوجدان إلى الأصل ، فانّ الاقتداء خلف الإمام محرز بالوجدان ، وكون الإمام في الأولتين محرز بالأصل ، حيث إنّه كان في زمان في الركعتين الأولتين يقيناً ، ونشكّ في انقلابه عمّا هو عليه بالدخول في الأخيرتين ، ومقتضى الاستصحاب بقاؤه على ما كان . ونتيجة ذلك سقوط القراءة عن المأموم .
وأوضح رواية تدلّ على أنّ الموضوع للحكم هو ما ذكرناه صحيحة عبدالله ابن سنان المتقدّمة سابقاً(2) وقلنا إنّ كلمة (الحسن باسناده) الموجودة في الوسائل ـ الطبعة الجديدة ـ مستدركة ، والصحيح : عن ابن سنان يعني عبدالله عن أبي عبدالله(عليه السلام) : «إذا كنت خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتّى يفرغ وكان الرجل مأموناً على القرآن فلا تقرأ خلفه في الأولتين . . .» إلخ(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 61 .
(2) في ص 199 .
(3) الوسائل 8 : 357 / أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 9 .
ــ[286]ــ
[1948] مسألة 26 : إذا تخيّل أنّ الإمام في الاُوليين فترك القراءة ثمّ تبيّن أنّه في الأخيرتين (1) فان كان التبيّن قبل الركوع قرأ ولو الحمد فقط ولحقه ، وإن كان بعده صحّت صلاته ، وإذا تخيّل أنّه في إحدى الأخيرتين فقرأ ثم تبيّن كونه في الاُوليين فلا بأس ، ولو تبيّن في أثنائها لا يجب إتمامها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فانّ قوله : «في الأولتين» بمنزلة الحال للضمير المجرور في «خلفه» العائد إلى الإمام ، أي لا تقرأ خلف الإمام حال كون الإمام في الأولتين . فتدلّ بوضوح على أنّ الموضوع للسقوط كون المأموم خلف إمام هو في الأولتين كما ذكرناه وهذا الموضوع قابل للإحراز ببركة الاستصحاب ، ومعه لا تصل النوبة إلى الرجوع إلى قاعدة الاشتغال التي ذكرناها أوّلا ، فيجوز له ترك القراءة استناداً إلى الأصل المزبور ، وإن كان مقتضى الاحتياط هو ما عرفت .
وإن شئت فقل : الموضوع للسقوط في الصحيحة كون المأموم خلف الإمام في أولتيه ، فيستصحب بقاء الأولتين ، ولا حاجة إلى إثبات أنّ ما بيده هي إحدى الأولتين ليكون من المثبت ، لأنّ هذا ليس موضوعاً للحكم ، بل الموضوع مجرّد اقتران الجزأين في الزمان واجتماعهما في الوجود ، كما في استصحاب النهار المرتّب عليه وجوب الإمساك فيه والإتيان بالظهرين على ما بيّناه في محلّه عند التعرّض للموضوعات المركّبة(1) .
(1) فصّل (قدس سره) حينئذ بين ما إذا كان انكشاف الخلاف بعد دخول المأموم في الركوع وما إذا كان قبله .
أمّا في الأوّل : فلا إشكال في صحّة الصلاة ، لكونه معذوراً في ترك القراءة بعد الاعتقاد المزبور ، ولا تبطل الصلاة بتركها سهواً وما يلحق به من العذر لحديث لا تعاد ، نعم عليه سجدتا السهو ، بناءً على وجوبهما لكلّ زيادة ونقيصة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الاُصول 3 : 124 .
|