ــ[332]ــ
[1959] مسألة 37 : لا يجوز الاقتداء بإمام يرى نفسه مجتهداً وليس بمجتهد (1) مع كونه عاملا برأيه ، وكذا لا يجوز الاقتداء بمقلّد لمن ليس أهلا للتقليد إذا كانا مقصّرين في ذلك ، بل مطلقاً على الأحوط ، إلاّ إذا علم أنّ صلاته موافقة للواقع من حيث إنّه يأتي بكلّ ما هو محتمل الوجوب من الأجزاء والشرائط ويترك كلّ ما هو محتمل المانعية ، لكنّه فرض بعيد ، لكثرة ما يتعلّق بالصلاة من المقدّمات والشرائط والكيفيات وإن كان آتياً بجميع أفعالها وأجزائها . ويشكل حمل فعله على الصحّة مع ما علم منه من بطلان اجتهاده أو تقليده .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا إثباتاً . فهي ضعيفة سنداً ومتناً ودلالة .
فالأقوى عدم وجوب الإعلام لا بعد الفراغ ولا في الأثناء ، فيما عدا الصورة التي ذكرناها التي هي فرض نادر التحقّق كما أشرنا إليه ، نعم هو أحوط في الأثناء ، رعاية للإجماع المدّعى عليه .
(1) أمّا إذا كان مقصّراً في اعتقاد الاجتهاد ، أو في تقليده لمن ليس أهلا للتقليد ، فلا إشكال في عدم جواز الاقتداء به وإن طابق عمله للواقع وأتى بكلّ ما يراه المأموم معتبراً ، لفقده شرط العدالة المعتبر في الإمامة كما هو واضح .
وأمّا إذا كان قاصراً في أحد الأمرين فللمسألة صور :
الاُولى : أن يعلم بمطابقة عمله للواقع ، لإتيانه بكلّ ما هو محتمل الوجوب من الأجزاء أو الشرائط ، وتركه لكلّ ما هو محتمل المانعية ، أو يعلم بموافقة رأيه أو رأي من يقلّده لرأي المأموم أو من يقلّده . ولا ينبغي الإشكال في جواز الائتمام به حينئذ ، فانّ صلاته صحيحة عند المأموم حسب الفرض ، وهو عادل بعد أن كان قاصراً معذوراً في زعم الاجتهاد أو التقليد الباطل ، وهذا ظاهر .
الثانية : أن يعلم بمخالفة رأيه أو رأي مقلّده لرأي المأموم أو من يقلده . وهذا على نحوين : إذ تارة يتعلّق الاختلاف بالأركان ، واُخرى بما عداها .
ــ[333]ــ
أمّا في غير الأركان كما لو كان رأي الإمام جواز الاقتصار على الواحدة في التسبيحات الأربع ، أو عدم وجوب جلسة الاستراحة ، والمأموم يرى الوجوب أو التثليث ، فالظاهر جواز الائتمام أيضاً ، لصحّة صلاة الإمام حينئذ حتّى واقعاً ، بمقتضى حديث لا تعاد ، الشامل لمطلق المعذور وإن لم يتعلّق به حكم ظاهري من أجل فساد زعمه الموجب لكون ما اعتقده من الصحّة أمراً خيالياً لا شرعياً ظاهرياً ولا واقعياً ، إذ لا يدور شمول الحديث مدار تعلّق الأمر الظاهري ، بل هو عامّ لكافّة المعذورين ومنهم المقام .
فلا فرق بين ما نحن فيه وبين ائتمام أحد المجتهدين المختلفين في الفتوى بالآخر ، الذي عرفت صحّته سابقاً(1) إذا كان الاختلاف فيما عدا الأركان ، في أنّ كلا منهما مشمول لحديث لا تعاد ، وإن اختصّ أحدهما بالحكم الظاهري لصحّته في دعوى الاجتهاد دون الآخر .
وأمّا إذا تعلق الاختلاف بالأركان كما لو اختلفا في موارد التيمّم والجبيرة أو الركوع والإيماء إليه ، أو في خصوصيات الغسل ونحو ذلك ممّا هو داخل في عقد الاستثناء من حديث لا تعاد ، فحيث إنّ المأموم يرى بطلان صلاة الإمام حينئذ بحسب الواقع ـ وإن كان هو معذوراً فيه لقصوره ـ لا يسوغ له الائتمام به ، كما كان هو الحال في المجتهدين أو المقلّدين لمجتهدين مختلفين في الفتوى على ما ذكرناه سابقاً .
وعلى الجملة : لا فرق بين المجتهد أو المقلّد بالميزان الصحيح وبين من يزعم الاجتهاد أو من يقلّد من لا أهليّة له في جريان التفصيل الذي ذكرناه سابقاً بين الأركان وغيرها ، من صحّة الائتمام في الثاني لحديث لا تعاد دون الأوّل وأنّ الحديث إن جرى ففي كليهما ، وإلاّ فلا يجري في شيء منهما . ومجرّد اختصاص أحدهما بالحكم الظاهري دون الآخر لا يصلح فارقاً فيما نحن فيه بعد شمول الحديث لمطلق المعذور كما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 301 ـ 302 .
ــ[334]ــ
الثالثة : أن لا يعلم المأموم بموافقة رأي الإمام أو من يقلّده مع رأيه أو رأي من يقلّده ، واحتمل الاختلاف بين الرأيين . والظاهر عدم جواز الائتمام حينئذ بعد احتمال البطلان في صلاة الإمام ، وعدم طريق إلى إحراز صحّتها .
وربما يقال بالجواز ، استناداً إلى أصالة الصحّة الجارية في صلاة الإمام .
وفيه : ما لا يخفى ، لما ذكرناه في الاُصول(1) من عدم جريان الأصل المزبور في موارد احتمال الصحّة من أجل المصادفات الاتّفاقية ، من غير فرق بين الشبهات الحكمية والموضوعية .
فانّ المستند في هذا الأصل إنّما هي السيرة العملية أو بناء العقلاء ، وكلاهما دليل لبّي لابدّ من الاقتصار فيه على المقدار المتيقّن ، وهو ما إذا كان الشكّ في الصحّة ناشئاً من احتمال الإخلال في امتثال الوظيفة المعلومة لديه لغفلة ونحوها .
وأمّا مع العلم بجهله بها واحتمال الصحّة لمجرّد المصادفة الواقعية فالسيرة وبناء العقلاء غير شاملين لمثل ذلك قطعاً ، ولا أقلّ من الشكّ ، وهو كاف في المنع بعد أن لم يكن المستند دليلا لفظياً كي يتمسّك باطلاقه ، من غير فرق بين الشبهة الحكمية كما لو رأينا أحداً يصلّي على الميّت مع علمنا بعدم معرفته لكيفية الصلاة لكن احتملنا إتيانه للتكبيرات الخمس صحيحة من باب الاتّفاق ، أو الموضوعية كما لو رأينا زيداً يصلّي إلى جهة غافلا عن القبلة ومن غير تحقيق عنها ، واحتملنا المطابقة معها صدفة واتّفاقاً ، فانّه لا ريب في عدم جريان أصالة الصحّة في أمثال هذه الموارد .
والمقام من هذا القبيل ، إذ بعد علمنا بخطأ الإمام في اعتقاد الاجتهاد أو التقليد فهو لدينا جاهل بالحكم ، وغير عالم بالوظيفة ، فاحتمال الصحّة في صلاته حينئذ لا منشأ له عدا احتمال المصادفة للواقع من باب الاتّفاق ، ومثله
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الاُصول 3 : 325 .
|