ــ[337]ــ
فصل
في شرائط إمام الجماعة
يشترط فيه اُمور : البلوغ (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فلا يجوز الاقتداء بالصبىّ غير المميّز بلا إشكال ، وكذا المميّز على المشهور ، بل بلا خلاف كما عن المنتهى(1) ، بل عن جماعة دعوى الإجماع عليه . ولم ينسب الخلاف إلاّ إلى الشيخ وبعض ، حيث حكم بجواز إمامة المراهق مدعياً عليه الإجماع(2) . لكن الإجماع غير ثابت ، بل ثابت العدم كما صرّح به غير واحد ممّن تأخّر عنه ، لعدم وجود القائل به صريحاً ممّن عدا الشيخ ، فضلا عن تحقّق الإجماع ، ولم يرد ذلك في شيء من الأخبار .
نعم ، هناك روايات دلّت على جواز الائتمام بالغلام من غير تقييد بالمراهق بل في بعضها جوازه إذا بلغ عشراً ، منها :
موثّقة غياث بن إبراهيم : «لا بأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤمّ القوم وأن يؤذّن»(3) . وقد عبّر عنها بالخبر ـ المشعر بالضعف ـ في كلمات غير واحد . لكنّه في غير محلّه ، فانّ غياثاً وإن كان بترياً لكنّ النجاشي وثّقه صريحاً(4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المنتهى 1 : 324 السطر 6 .
(2) الخلاف 1 : 553 المسألة 295 .
(3) الوسائل 8 : 321 / أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 3 .
(4) رجال النجاشي : 305 / 833 .
ــ[338]ــ
وقد عبّر العلاّمة عن السند بالحسنة(1) ، ولعلّه من أجل إبراهيم بن هاشم . وكيف ما كان ، فالرواية معتبرة .
وموثّقة سماعة : «يجوز صدقة الغلام وعتقه ، ويؤمّ الناس إذا كان له عشر سنين»(2) .
وموثّقة طلحة بن زيد : «لا بأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم وأن يؤمّ»(3) .
وقد حملها صاحب الوسائل وغيره على إمامة الغلام لمثله ، من جهة اعتبار العدالة في الإمام ، المنوطة بالبلوغ . ولكنّه كما ترى ، لإباء لفظ القوم والناس الوارد في الاُوليين عن الحمل على غير البالغ كما لا يخفى . فمقتضاها جواز إمامة الغلام حتّى للبالغين .
ولكن بازاء هذه الأخبار ما رواه الشيخ باسناده عن إسحاق بن عمّار عن جعفر (عليه السلام) عن أبيه : «أنّ علياً (عليه السلام) كان يقول : لا بأس أن يؤذّن الغلام قبل أن يحتلم ، ولا يؤمّ حتّى يحتلم ، فان أمّ جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه»(4) .
والمشهور ذكروا أنّ ضعف الرواية منجبر بالعمل ، فلا تعارض بالروايات المتقدّمة الساقطة عن الحجّية بإعراض الأصحاب عنها وإن صحّت أسانيدها بعضاً أو كلاًّ ، ولأجله حكموا باعتبار البلوغ في إمام الجماعة .
لكنّا لا نقول بالانجبار ، كما لا نلتزم بالإعراض على ما هو المعلوم من مسلكنا في البابين ، ومن ثمّ يشكل الحكم بالاعتبار بعد ورود النصّ الصحيح الصريح في العدم ، السليم عن المعارض على المختار ، هذا .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) [لم نعثر عليه في مظانه] .
(2) الوسائل 8 : 322 / أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 5 .
(3) الوسائل 8 : 323 / أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 8 .
(4) الوسائل 8 : 322 / أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 7 ، التهذيب 3 : 29 / 103 .
ــ[339]ــ
ولكن الذي يهوّن الخطب أنّ الرواية معتبرة وإن حكم المشهور عليها بالضعف ، إذ ليس في السند من يغمز فيه عدا غياث بن كلوب ، وهو وإن لم يوثّق صريحاً في كتب الرجال ولكن يظهر من مطاوي كلمات الشيخ في العدّة توثيقه .
حيث ذكر (قدس سره) أنّه لا يعتبر في الراوي أن يكون إمامياً ، بل يكفي كونه ثقة متحرّزاً عن الكذب وإن كان عامّياً . ثمّ استشهد لهذه الدعوى بأنّ الطائفة عملت بروايات الفطحية والواقفية وبعض العامّة ، ثمّ ذكر جماعة وعدّ منهم غياث بن كلوب(1) .
فيظهر منه أنّ الرجل عامىّ موثّق ، لا بمعنى توثيق رواياته من أجل عمل الطائفة بها ، بل بمعنى توثيقه بنفسه وكونه متحرّزاً عن الكذب كما ادّعاه أوّلا مستشهداً بعملهم بروايات هؤلاء الموثّقين المتحرّزين عن الكذب ، وإن لم يكونوا من الإمامية .
نعم ، هو (قدس سره) نفسه لم يعمل بهذه الدعوى ، ولذا يقدّم خبر الإمامي لدى المعارضة ، ولم يعامل معهما معاملة المتعارضين ، ولعلّه من أجل بنائه (قدس سره) على الترجيح بصفات الراوي . وكيف ما كان ، فيستفاد من كلامه (قدس سره) توثيق الرجل صريحاً .
وعليه فالرواية تعدّ من الموثّق ، فتقع المعارضة حينئذ بينها وبين الروايات المتقدّمة ، فامّا أن تقدّم هذه عليها ، لكونها صريحة الدلالة في فساد صلاة القوم ، وتحمل تلك الروايات على إمامة الغلام لمثله وإن كان بعيداً في نفسه كما تقدّم ، أو أنّهما يتعارضان فيتساقطان(2) فيبقى جواز إمامته عارياً عن الدليل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) العدة 1 : 56 السطر 10 .
(2) يظهر من كتابي المغني [2 : 54 ـ 55] والرحمة [1 : 69] أنّ المشهور عند العامّة ما عدا الشافعي وبعض هو المنع . إذن فمقتضى الصناعة حمل ما دلّ عليه على التقيّة [لاحظ المغني حيث لم يستثن الشافعي] .
ــ[340]ــ
فيرجع إلى أصالة عدم المشروعية بعد عدم وجود إطلاق في أدلّة الجماعة من هذه الناحية كي يرجع إليه كما لا يخفى .
هذا كلّه بناءً على شرعية عباداته . وأمّا بناءً على التمرينية فلا ينبغي الإشكال في عدم الجواز ، فانّ عبادته حينئذ صورة الصلاة ، وليست من حقيقتها في شيء . فكيف يسوغ الائتمام بها .
فتحصّل : أنّ الأقوى اعتبار البلوغ في إمام الجماعة كما عليه المشهور ، هذا .
وقد يتوهّم أنّ مقتضى الجمع بين النصوص حمل المانعة على ما إذا لم يبلغ الصبىّ عشر سنين ، والمجوّزة على ما إذا بلغها أو كان مراهقاً ، ويجعل الشاهد على هذا الجمع موثّقة سماعة المفصّلة بين العشر وما دونه . ومع وجود هذا الجمع الدلالي لا تصل النوبة إلى المعارضة .
وهذا الكلام ـ أعني الجمع بين الطائفتين لوجود شاهد في البين ـ في حدّ نفسه لا بأس به ، لكنّه غير منطبق على المقام ، لاستلزامه حمل المطلق ـ وهي الرواية المانعة ـ على الفرد النادر ، فانّ الاقتداء بالصبىّ الذي لم يبلغ العشر فرض نادر جدّاً ، بل لعلّه لم يتّفق خارجاً ، فكيف يمكن حمل المطلق عليه .
نعم ، حمل الروايات المجوّزة على العشر فما زاد سيما المراهق خال عن هذا المحذور ، وأمّا حمل المانعة على ما دون العشر كسبع وثمان مثلا فهو بعيد جدّاً كما عرفت .
وبالجملة : هذا التوهّم من وضوح الفساد بمكان ، إذ يرد عليه ـ مضافاً إلى ما ذكر ـ أنّ الرواية المانعة غير قابلة للحمل على ما دون العشر في نفسها لقوله (عليه السلام) فيها : «و لا يؤمّ حتّى يحتلم» ، إذ قد جعل فيها الاحتلام غاية للمنع ، فهي كالصريح في عدم جواز إمامته قبل بلوغه وإن زاد على العشر ، فضلا عمّا إذا نقص عنها ، فكيف يمكن حملها على ما دونها ، فانّ لسانها آب عن هذا الحمل قطعاً كما هو واضح جدّاً .
ــ[341]ــ
والعقل (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بلا خلاف ولا إشكال ، بل إجماعاً حكاه غير واحد ، كما تدلّ عليه صحيحة أبي بصير ـ يعني ليث المرادي ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : خمسة لا يؤمّون الناس على كلّ حال ، وعدّ منهم المجنون وولد الزنا(1) .
وصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال «قال أميرالمؤمنين (عليه السلام) : لا يصلّينّ أحدكم خلف المجنون وولد الزنا»(2) . فالحكم في الجملة مسلّم لا إشكال فيه .
إنّما الكلام في المجنون الأدواري ، الذي ظاهر المشهور جواز إمامته حال إفاقته ، لعدم صدق عنوان المجنون عليه حينئذ ، وفعلية الحكم تتبع فعلية الموضوع ، فهو خارج عن مورد النصّ في هذه الحالة ، فتشمله إطلاقات أدلّة الجماعة ، ولا وجه لدعوى انصرافها عن مثله كما لا يخفى .
وما ذكره المشهور هو الأقوى ، لكن في خصوص ما إذا لم يصدق عليه عنوان المجنون ـ ولو مسامحة ـ حال إفاقته ، لبعد دور الجنون عن دور الإفاقة أو قلّة اتّفاقه ، كما لو كان يجنّ في الصيف ويفيق في الشتاء أو بالعكس الذي يتّفق نادراً ، فانّه لا مانع من إمامته حينئذ حال الإفاقة ، لعدم صدق العنوان عليه بوجه حسب الفرض ، ومجرّد جنونه في زمان أو آناًما لا يمنع عن الاقتداء به إلى الأبد . فهو حينئذ عاقل عادل ، فلا قصور في شمول مثل قوله (عليه السلام) : صلّ خلف من تثق بدينه(3) لمثله .
وأمّا إذا صدق عليه العنوان ولو بضرب من المسامحة العرفية ، واُطلق عليه لفظ المجنون حال الإفاقة ولو بالعناية ، لكثرة أدوار جنونه ، فالظاهر عدم جواز
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 321 / أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 1 .
(2) الوسائل 8 : 321 / أبواب صلاة الجماعة ب 14 ح 2 .
(3) راجع ص 50 ، الهامش رقم (3) .
ــ[342]ــ
والإيمان (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إمامته ، لاندراجه تحت النصوص المتقدّمة حسب الصدق العرفي ، بل الظاهر أنّ تلك النصوص ليست ناظرة إلاّ إلى هذا الفرد .
ضرورة أنّ الأطباقي أو الأدواري حال جنونه غير مكلّف بشيء ، بل هو ملحق بالحيوانات ، إذ ليس المائز بينها وبين الإنسان عدا العقل المفروض سلبه عنه ، فالصلاة خلفه بمثابة الصلاة خلف البهائم في أنّ عدم جواز الاقتداء به من الواضحات التي يعرفها كلّ أحد ، بل لم يعهد الإقدام عليه من أحد ، ولعلّه لم يتّفق خارجاً ولا مرّة واحدة ، من غير حاجة إلى التنبيه عليه من الصادق أو من أميرالمؤمنين (عليهما السلام) في الصحيحتين المتقدّمتين .
فلا ينبغي الشكّ في أنّ الصحيحتين ناظرتان إلى حال الإفاقة ، لكن في مورد يطلق عليه المجنون ولو بالعناية والمسامحة ، دون ما لا يطلق ، حسب التفصيل الذي عرفت .
(1) أي الاعتقاد بالأئمة الاثني عشر(عليهم السلام) بلا خلاف ولا إشكال وقد دلّت عليه جملة من النصوص: كصحيح زرارة : «عن الصلاة خلف المخالفين، فقال: ما هم عندي إلاّ بمنزلة الجدر»(1).
وصحيح البرقي قال : «كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) : أتجوز الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدّك ؟ فأجاب : لا تصلّ وراءه»(2) .
وصحيح إسماعيل الجعفي قال «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : رجل يحبّ أميرالمؤمنين ، ولا يتبرّأ من عدوّه ويقول : هو أحبّ إلىّ ممّن خالفه ، فقال : هذا مخلط ، وهو عدوّ ، فلا تصلّ خلفه ولا كرامة إلاّ أن تتّقيه»(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 309 / أبواب صلاة الجماعة ب 10 ح 1 .
(2) الوسائل 8 : 310 / أبواب صلاة الجماعة ب 10 ح 5 .
(3) الوسائل 8 : 309 / أبواب صلاة الجاعة ب 10 ح 3 .
ــ[343]ــ
والعدالة (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصحيح ابن مهزيار قال : «كتبت إلى محمد بن علي الرضا (عليه السلام) : اُصلّي خلف من يقول بالجسم ومن يقول بقول يونس ؟ فكتب (عليه السلام) : لا تصلّوا خلفهم ، ولا تعطوهم من الزكاة ، وابرؤوا منهم برئ الله منهم»(1) ونحوها غيرها .
(1) أي الاستقامة في جادّة الشرع وعدم الانحراف يميناً وشمالا . واعتبارها لدى الخاصّة ممّا لا خلاف فيه ولا إشكال ، بل من الواضحات الغنيّة عن الاستدلال ، بل عدّها المحقّق الهمداني من ضروريات الفقه(2) . فلا حاجة إلى إقامة البرهان عليه بعد إرساله الأصحاب إرسال المسلّمات ، ومع ذلك قد استدلّ له بجملة من الأخبار .
منها : ما رواه الكليني باسناده عن أبي علي بن راشد قال «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : إنّ مواليك قد اختلفوا ، فاُصلّي خلفهم جميعاً ؟ فقال : لا تصلّ إلاّ خلف من تثق بدينه»(3) ، ورواه الشيخ باسناده عن سهل بن زياد مثله إلاّ أنّه زاد :أمانته(4) .
أقول : أمّا رواية الشيخ فلا بأس بدلالتها ، فانّ الوثوق بأمانة الرجل بقول مطلق مرجعه إلى كونه مأموناً في كلّ ما يقول ويفعل ، المساوق لعدم التخطّي عن جادّة الشرع ، وهو معنى العدالة كما عرفت . لكن الرواية المشتملة على هذه الزيادة غير ثابتة ، بعد معارضتها برواية الكليني العارية عنها ، سيما وأنّ الكافي أضبط ، المقدّم على التهذيب لدى التعارض .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 312 / أبواب صلاة الجماعة ب 10 ح 10 .
(2) مصباح الفقيه (الصلاة) : 667 السطر 15 .
(3) الوسائل 8 : 309 / أبواب صلاة الجماعة ب 10 ح 2 ، الكافي 3 : 374 / 5 .
(4) التهذيب 3 : 266 / 755 .
ــ[344]ــ
وأمّا رواية الكليني فدلالتها على اعتبار العدالة قاصرة ، فانّ الوثوق بالدين في حدّ نفسه وإن كان ظاهراً فيها ، إذ الدّين مركّب من الاُصول والفروع فالوثوق به معناه الاطمئنان بعقيدته وبالتزامه وتديّنه بما دان بعدم التعدّي عن الحدود الشرعية ، الذي هو معنى العدالة .
لكنّه في خصوص المقام لا ظهور له إلاّ في الوثوق بعقيدته واُصول دينه دون الفروع ، لقول الراوي في صدر الحديث : «إنّ مواليك قد اختلفوا . . .» إلخ فانّه ناظر إلى اختلافهم بحسب العقائد والمسالك ، حيث كان دارجاً وشائعاً يومئذ بين مواليه ، فكان منهم الواقفي والفطحي والزيدي والقدري وبعضهم من المجسمة وغير ذلك من سائر فرق العامّة ، فسأل عن جواز الصلاة خلفهم جميعاً ، فأجاب (عليه السلام) إنّه «لا تصلّ إلاّ خلف من تثق بدينه» أي صحّة عقيدته ، فلا نظر فيها إلى الفروع بوجه كي تدلّ على اعتبار العدالة كما لا يخفى .
وبعين هذا البيان يظهر الجواب عن رواية يزيد بن حمّاد عن أبي الحسن (عليه السلام) قال «قلت له : اُصلّي خلف من لا أعرف ؟ فقال : لا تصلّ إلاّ خلف من تثق بدينه»(1) ، فانّ من لا يعرفه مجهولةٌ عقيدتُه لا محالة ، هذا .
مع أنّ الروايتين كلتاهما ضعيفتان ، أمّا الأخيرة فبآدم بن محمد وعلي بن محمد ، وأمّا الاُولى فبسهل بن زياد . مع أنّ في طريق الكليني شيخه علي بن محمد ، وفي طريق الشيخ إلى سهل ابنُ أبي جيد(2) .
ومنها : رواية البصري عن جعفر بن محمد (عليه السلام) : «أنّه سأل عن القراءة خلف الإمام ، فقال : إذا كنت خلف الإمام تولاّه وتثق به فانّه يجزيك قراءته . . .» إلخ(3) .
وفيه : بعد تسليم الدلالة وعدم الخدش فيها بارادة كون الإمام من أهل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 319 / أبواب صلاة الجماعة ب 12 ح 1 .
(2) الفهرست : 80 / 329 .
(3) الوسائل 8 : 359 / أبواب صلاة الجماعة ب 31 ح 15 .
ــ[345]ــ
الولاية ، والوثوق بكونه كذلك لا من المخالفين ، فلا تدلّ على اعتبار العدالة . أنّ السند ضعيف ، لاشتماله على جمع من المجاهيل ، فلا يعتمد عليها .
ومنها : رواية سعد بن إسماعيل عن أبيه قال «قلت للرضا (عليه السلام) : رجل يقارف الذنوب وهو عارف بهذا الأمر اُصلّي خلفه ؟ قال : لا»(1) .
وفيه : أنّ الدلالة وإن كانت تامّة ، لظهورها في أنّ الذنب مانع عن الإمامة وإن كان الرجل عارفاً بهذا الأمر ـ أي شيعياً صحيح الاعتقاد ـ لكن السند ضعيف ، فانّ سعداً وأباه إسماعيل كلاهما من المهملين .
فهذه الروايات غير صالحة للاستدلال ، لضعفها سنداً أو دلالة على سبيل منع الخلو ، نعم هناك روايات اُخرى لا بأس بالاستدلال بها .
منها : موثّقة سماعة : «عن رجل كان يصلّي فخرج الإمام وقد صلّى الرجل ركعة من صلاة فريضة ، قال : إن كان إماماً عدلا فليصلّ اُخرى وينصرف ويجعلهما تطوّعاً ، وليدخل مع الإمام في صلاته كما هو . وإن لم يكن إمام عدل فليبن على صلاته كما هو . . .» إلخ(2) .
فانّ المراد بالإمام العدل ليس هو المعصوم (عليه السلام) جزماً ، وإلاّ لقال الراوي : فخرجتَ ، بدل قوله : «فخرج الإمام» ، إذ ليس في عصره معصوم آخر غير المخاطب ، ولأجاب الإمام (عليه السلام) بقوله : إن كنت أنا . بدل قوله : «إن كان إماماً عدلا» . فالمراد به الإمام العادل في مقابل الفاسق لا محالة ، فدلّت على اعتبار العدالة في إمام الجماعة .
ومنها : صحيحة عمر بن يزيد : «عن إمام لا بأس به في جميع اُموره عارف غير أنّه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما أقرأ خلفه ؟ قال : لا تقرأ خلفه ما لم يكن عاقّاً قاطعاً»(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 316 / أبواب صلاة الجماعة ب 11 ح 10 .
(2) الوسائل 8 : 405 / أبواب صلاة الجماعة ب 56 ح 2 .
(3) الوسائل 8 : 313 / أبواب صلاة الجماعة ب 11 ح 1 .
|