ــ[369]ــ
[1968] مسألة 8 : يجوز إمامة المرأة لمثلها (1) ، ولا يجوز للرجل ولا للخنثى .
[1969] مسألة 9 : يجوز إمامة الخنثى للاُنثى دون الرجل ، بل ودون الخنثى (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المأموم بناقص قراءة الإمام ، ومعلوم أنّ أدلّة الضمان منصرفة إلى القراءة الكاملة الاختيارية ، فلا تشمل المقام .
بل لو بنينا على جواز الإمامة فيما مرّ ، بدعوى إجزاء القراءة الناقصة عن الكاملة ولو بالإضافة إلى الغير ، لا نقول به في الأخرس ، إذ هو لا يتمكّن من القراءة أصلا ، لا كاملها ولا ناقصها ، وإنّما يشير إليها .
ومن المعلوم أنّ هذه الإشارة إنّما تجزي عن قراءة نفسه وتكون بدلا عنها ولا دليل بوجه على إجزاء الإشارة عن قراءة غيره . فما ذكره في المتن من التفرقة بين إمامته لمثله أو لغيره بالالتزام بالجواز في الأوّل لا وجه له لاشتراكهما في مناط المنع حسبما عرفت . ودعوى جواز إمامة كلّ مساو لمساويه قد تقدّم ضعفها . فلاحظ .
(1) مرّ البحث حول ذلك في أوائل الفصل(1) ـ عند التكلّم عن اشتراط ذكورة الإمام ـ وعرفت أنّ مقتضى الجمع بين الأخبار جواز إمامة المرأة لمثلها على كراهة ، كما عرفت هناك عدم جواز إمامتها للرجل ، ومنه تعرف عدم جواز إمامتها للخنثى ، لاحتمال كونها رجلا .
(2) لا ريب في عدم جواز إمامة الخنثى للرجل ، لاحتمال كونها اُنثى ولا تصحّ إمامتها للرجل . كما لا ريب في عدم جواز إمامتها لمثلها ، لاحتمال كون الإمام اُنثى والمأموم رجلا .
إنّما الكلام في إمامة الخنثى للاُنثى ، وهذا أيضاً لا إشكال فيه من ناحية الإمام ، لإنّه إمّا رجل أو اُنثى ، وعلى التقديرين تجوز إمامته للاُنثى .
لكن الإشكال ينشأ من ناحية الموقف ، بناءً على ما ذكرناه سابقاً(2) من
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 349 .
(2) في ص 164 وما بعدها .
ــ[370]ــ
[1970] مسألة 10 : يجوز إمامة غير البالغ لغير البالغ((1)) (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجوب وقوف المأموم الواحد بحيال الإمام إن كان رجلا ، وخلفه إن كان امرأة ، هذا إذا كان الإمام رجلا . وأمّا إذا كان امرأة فلا تتقدّم على المأموم ، بل تقف وسطهنّ كما في النصّ(2) .
وعليه فيتّجه الإشكال هنا في موقف الاُنثى ، فانّ الإمام إن كان رجلا وجب عليها أن تقف خلفه ، وإن كان امرأة وجب الوقوف بجانبها ، لعدم جواز تقدّم الإمام عليها حينئذ كما عرفت . فمن أجل العلم الإجمالي بوجوب أحد الموقفين يشكل اقتداؤها بالخنثى ، إذ الاحتمال في كلّ من الطرفين منجّز كما لا يخفى .
(1) تقدّم في أوّل الفصل(3) أنّ مقتضى بعض النصوص وإن كان جواز إمامة غير البالغ لكنّها معارضة بما دلّ صريحاً على المنع ، وأنّه لا يؤمّ حتّى يحتلم والجمع بحمل الأوّل على إمامته لمثله ، والثاني على إمامته للبالغين تبرّعي لا شاهد عليه ، بل تأباه ألسنة النصوص كما مرّ . فبعد التعارض والتساقط يرجع إلى أصالة عدم المشروعية حتّى لمثله .
وأمّا ما ورد من قوله (عليه السلام) : مروهم بالصلاة والصيام(4) فواضح أنّه ناظر إلى أصل الصلاة ، ولم يلحظ خصوصيتها من كونها جماعة كي يثبت بذلك مشروعيتها لمثله ، بحيث يترتّب أحكامها من سقوط القراءة ، واغتفار زيادة الركن ، والرجوع لدى الشكّ .
فالأقوى عدم المشروعية ، نعم لا بأس بتشكيل صورة الجماعة بعنوان
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فيه إشكال ، نعم لا بأس بها تمريناً .
(2) المتقدّم في ص 350 .
(3) في ص 337 .
(4) الوسائل 4 : 19 / أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب 3 ح 5 ، 10 : 234 / أبواب من يصحّ منه الصوم ب 29 ح 3 .
ــ[371]ــ
[1971] مسألة 11 : الأحوط عدم إمامة الأجذم والأبرص والمحدود بالحدّ الشرعي بعد التوبة ، والأعرابي إلاّ لأمثالهم ، بل مطلقاً ، وإن كان الأقوى الجواز في الجميع((1)) مطلقا(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التمرين كما نبّه عليه الاُستاذ (دام ظله) في التعليقة ، فتكون أصل الصلاة شرعية وجماعتها تمرينية .
(1) حكم (قدس سره) بجواز إمامة الطوائف الأربع ـ أعني الأجذم والأبرص ، والمحدود بالحدّ الشرعي بعد التوبة ، والأعرابي ـ وإن كان الأحوط عدم إمامتهم إلاّ لأمثالهم ، بل مطلقاً .
فنقول : أمّا الأجذم والأبرص فقد وردت عدّة روايات تضمّنت المنع عن إمامتهما ولو لأمثالهما بمقتضى الإطلاق .
منها : ما رواه الصدوق باسناده عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) : «أنّه قال : خمسة لا يؤمّون الناس ولا يصلّون بهم صلاة فريضة في جماعة : الأبرص والمجذوم . . .» إلخ(2) .
لكنّها ضعيفة السند ، لضعف طريق الصدوق إلى ابن مسلم(3) وإن عبّر عنها بالصحيحة في كلمات غير واحد كالمحقّق الهمداني(4) وغيره(5) ، اغتراراً بظاهر من وقع في السند من الصدوق الذي هو من أجلاّء الأصحاب ، وابن مسلم الذي هو من أعاظم الرواة ، بل من أصحاب الإجماع ، غفلة من إمعان النظر في الطريق الواقع بينهما وضعفه ، وقد وقع هذا الاشتباه منهم في نظير هذا السند كثيراً ، والعصمة لأهلها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يترك الاحتياط بترك الائتمام بالمحدود وبالأعرابي .
(2) الوسائل 8 : 324 / أبواب صلاة الجماعة ب 15 ح 3 ، الفقيه 1 : 247 / 1105 .
(3) الفقيه 4 (المشيخة) : 6 .
(4) مصباح الفقيه (الصلاة) : 676 السطر 5 .
(5) كالمحدّث البحراني في الحدائق 11 : 91 .
ــ[372]ــ
ومنها : صحيحة أبي بصير : «خمسة لا يؤمّون الناس على كلّ حال : المجذوم والأبرص . . .» إلخ(1) . وهي قويّة السند ، ظاهرة الدلالة ، كصحيحة زرارة : «لا يصلّينّ أحدكم خلف المجذوم والأبرص . . .» إلخ(2) .
وبازائها روايتان : إحداهما : رواية عبدالله بن يزيد : «عن المجذوم والأبرص يؤمّان المسلمين ؟ قال : نعم ، قلت : هل يبتلي الله بهما المؤمن؟ قال: نعم، وهل كتب الله البلاء إلاّ على المؤمن»(3) . لكنّها ضعيفة السند من أجل عبدالله بن يزيد ، فانّه مهمل في كتب الرجال .
ثانيتهما : ما رواه البرقي في المحاسن باسناده عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «سألته عن المجذوم والأبرص منّا أيؤمّان المسلمين ؟ قال : نعم . . .» إلخ(4) .
قال المحقّق الهمداني (قدس سره) عند التعرّض للروايتين : وضعف سندهما منجبر بعمل المشهور(5).
أقول : لا نرى أىّ ضعف في الرواية الثانية كي يدّعى انجبارها بالعمل ، فانّ البرقي معاصر ليعقوب بن يزيد ، فهو يرويها عن نفسه بلا واسطة ، إلاّ أن يكون نظره (قدس سره) إلى الحسين بن أبي العلاء الخفاف . لكن النجاشي قال عند التعرّض له ولأخويه ما لفظه : روى الجميع عن أبي عبدالله (عليه السلام) وكان الحسين أوجههم(6) . فالرجل ممدوح ، فغاية ما هناك أن تكون الرواية حسنة لا موثّقة ، بل هي في أعلى درجات الحسن كما لا يخفى . على أنّه من رجال تفسير القمّي ، ومن عداه من رجال السند كلّهم أعيان أجلاّء . إذن فالرواية معتبرة في نفسها من غير حاجة إلى دعوى الانجبار .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ، (2) الوسائل 8 : 325 / أبواب صلاة الجماعة ب 15 ح 5 ، 6 .
(3) الوسائل 8 : 323 / أبواب صلاة الجماعة ب 15 ح 1 .
(4) الوسائل 8 : 324 / أبواب صلاة الجماعة ب 15 ح 4 ، المحاسن 2 : 49 / 1147 .
(5) مصباح الفقيه (الصلاة) : 687 السطر 16 .
(6) رجال النجاشي : 52 / 117 .
ــ[373]ــ
وكيف ما كان ، فمقتضى الجمع بينها وبين الروايات المتقدّمة المانعة هو الحمل على الكراهة(1) والمرجوحية . فالأقوى جواز إمامتهما لمثلهما وغيرهما على كراهة . ـــــــــــــ
(1) لعلّ لسان صحيحة أبي بصير يأبى عن الحمل على الكراهة .
|