ــ[417]ــ
[1999] مسألة 19 : إذا صلّى منفرداً أو جماعة واحتمل فيها خللا في الواقع وإن كانت صحيحة في ظاهر الشرع يجوز بل يستحبّ أن يعيدها منفرداً أو جماعة ، وأمّا إذا لم يحتمل فيها خللا فان صلّى منفرداً ثمّ وجد من يصلّي تلك الصلاة جماعة يستحبّ له أن يعيدها جماعة إماماً كان أو مأموماً ، بل لا يبعد جواز إعادتها جماعة إذا وجد من يصلّي غير تلك الصلاة كما إذا صلّى الظهر فوجد من يصلّي العصر جماعة ، لكن القدر المتيقّن الصورة الاُولى . وأمّا إذا صلى جماعة إماماً أو مأموماً فيشكل استحباب إعادتها((1)) (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعضها «أما ترضى بصلاة نوح»(2) كما لا يخفى على من لاحظها .
وأمّا في السفينتين فلم يرد نصّ بالخصوص ، ومع ذلك فالجواز فيهما أيضاً هو المطابق للقاعدة ، بلا فرق بين حالتي الوقوف والحركة ، مع استجماع الشرائط التي منها عدم البعد بين الإمام والمأموم ، أو الصفّ السابق والصفّ اللاحق كما لو كانت السفينتان مشدودتين أو تمشي إحداهما محاذية للاُخرى .
(1) لا إشكال في جواز الإعادة فيما إذا احتمل المصلّي خللا في صلاته بحسب الواقع وإن كانت صحيحة في ظاهر الشرع ، بل هي مستحبّة من باب الاحتياط ، الذي هو مندوب وحسن على كلّ حال ، من غير فرق بين ما إذا كانت الاُولى فرادى أو جماعة ، إماماً أو مأموماً .
وكذا الثانية في غير ما إذا كان إماماً ، وإلاّ فيشكل الاقتداء به ، لعدم إحراز كونه مصلّياً بعد احتمال سقوط الأمر بالصلاة الاُولى ، إلاّ إذا كان المأموم مشاركاً مع الإمام في الجهة المقتضية للاحتياط ، كما لو توضّأ من ماء معيّن وبعد الفراغ من الصلاة شكّا في طهارته ونجاسته ، فانّه لا مانع حينئذ من ائتمام
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظاهر استحباب إعادتها إماماً إذا كان في المأمومين من لم يصلّ بعدُ .
(2) الوسائل 4 : 320 / أبواب القبلة ب 13 .
ــ[418]ــ
أحدهما بالآخر ، لأنّ الصلاة الاُولى إن كانت صحيحة فالثانية لغو من كليهما وإلاّ فكلتا الصلاتين مأمور بها .
ولا يحتمل التفكيك بين صلاتي الإمام والمأموم في الصحّة والفساد بعد انبعاث الاحتياط من جهة مشتركة كما هو واضح . وقد مرّ الكلام حول ذلك في أوائل فصل الجماعة فلاحظ(1) .
وأمّا إذا لم يحتمل خللا في صلاته أصلا فلا تشرع إعادتها منفرداً ، سواءً كانت الاُولى جماعة أم فرادى ، لعدم المقتضي لها بعد سقوط الأمر وعدم احتمال الخلل .
وأمّا إعادتها جماعة مأموماً أو إماماً فلا إشكال في جوازها ، بل استحبابها فيما إذا صلّى الاُولى منفرداً ، لقيام الدليل المعتبر على كلّ منهما .
أمّا في المأموم فدلّت عليه صحيحة هشام بن سالم : «في الرجل يصلّي الصلاة وحده ثمّ يجد جماعة ، قال : يصلّي معهم ، ويجعلها الفريضة إن شاء»(2) . والمراد بالفريضةِ القضاءُ ، لا تلك الصلاة الأدائية ، والقرينة على ذلك أمران :
أحدهما : موثّقة إسحاق بن عمّار قال «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : تقام الصلاة وقد صلّيت ، فقال : صلّ واجعلها لما فات»(3) .
ثانيهما : القرينة العقلية ، لحكومة العقل بامتناع تبديل الامتثال بالامتثال وأنّ الفريضة لا تناط بالمشيئة ولا يمكن تعليقها عليها كما تعرّضنا لذلك في مبحث الإجزاء(4) ، لسقوط الأمر بمجرّد الامتثال ، إذ الانطباق قهري وجداني والإجزاء عقلي ، فلا يبقى معه أمر كي يبدل بامتثال آخر ، ومن الضرورى تقوّم الامتثال بوجود الأمر .
فمن المستحيل اختيار المكلّف في التبديل كي يعلّق على مشيئته في قوله
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 43 ـ 44 .
(2) الوسائل 8 : 401 / أبواب صلاة الجماعة ب 54 ح 1 .
(3) الوسائل 8 : 404 / أبواب صلاة الجماعة ب 55 ح 1 .
(4) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 225 .
ــ[419]ــ
(عليه السلام) : «و يجعلها الفريضة إن شاء» . فليس المراد أنّه يجعلها تلك الفريضة الأدائية قاصداً بها أمرها الساقط ، بل المراد أنّه مخيّر بين أن ينوي بها الفريضة القضائية ، أو الصلاة المعادة بقصد الأمر الاستحبابي المتعلّق بها بهذا العنوان ، لا الأمر الوجوبي الأوّل ، وإلاّ كان من التشريع المحرّم .
وأمّا في الإمام فدلّت عليه صحيحة إسماعيل بن بزيع قال : «كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) : إنّي أحضر المساجد مع جيرتي وغيرهم فيأمرونني بالصلاة بهم وقد صلّيت قبل أن أتاهم ، وربما صلّى خلفي من يقتدي بصلاتي والمستضعف والجاهل ، فأكره أن أتقدّم وقد صلّيت لحال من يصلّي بصلاتي ممّن سمّيت ذلك ، فمرني في ذلك بأمرك أنتهي إليه وأعمل إن شاء الله ، فكتب (عليه السلام) : صلّ بهم»(1) . والدلالة ظاهرة . وقوله : «من يقتدي بصلاتي» أي من الشيعة . هذا كلّه إذا كان قد صلّى منفرداً .
وأمّا إذا صلّى جماعة فالظاهر جواز إعادتها إماماً وإن استشكل فيه الماتن لإطلاق صحيحة ابن بزيع المتقدّمة ، ولو من أجل ترك الاستفصال ، إذ من الجائز أنّ السائل كان قد صلّى في داره بأهله قبل أن يأتي المسجد ، كما كان هذا متعارفاً ، ولم يستفصله الإمام (عليه السلام) عند حكمه بالجواز عن أنّ صلاته كانت فرادى أم جماعة ، فيكشف ذلك عن إطلاق الحكم كما لا يخفى .
ومنه تعرف حكم ما لو كان مأموماً فأعادها إماماً ، إذ لو جازت الإعادة فيما إذا صلاّها إماماً ففي المأموم بطريق أولى . مضافاً إلى الإطلاق وترك الاستفصال في صحيحة ابن بزيع كما عرفت ، إذ من الجائز أنّ ابن بزيع صلّى في داره مأموماً ، وكان مقتدياً بأحد من الأصحاب الحاضرين في بيته كصفوان ونحوه ، فانّ هذا أيضاً فرد متعارف وإن لم يكن بتلك الكثرة . فترك استفصاله (عليه السلام) عن أنّ صلاته السابقة كانت فرادى أم جماعة إماماً أو مأموماً كاشف عن إطلاق الحكم .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8: 401 / أبواب صلاة الجماعة ب 54 ح 5.
|