وأمّا زيادة السجدتين فلم يرد فيها نصّ بالخصوص ، لكن يكفي في إثبات المطلوب إطلاق صحيحة أبي بصير المتقدّمة، فانّ الخارج عنه بمقتضى صحيحتي منصور وعبيد المتقدّمتين(1) زيادة السـجدة الواحدة ، فتبقى زيادة السجدتين مشمولة للإطلاق المقتضي للبطلان . والكلام في معارضة الصحيحة بحديث لا تعاد قد مرّ آنفاً ، فانّ الكلام المتقدّم جار هنا أيضاً حرفاً بحرف .
ومنه تعرف صحّة الاستدلال على المطلوب بعقد الاستثناء من الحديث بناءً على شموله للزيادة بالتقريب المذكور . نعم ، إطلاق الحديث يشمل السجدة الواحدة أيضاً ، لكنّه مقيّد بالسجدتين بمقتضى الصحيحتين المتقدّمتين، كما أنّ الإخلال بها من ناحية النقص غير قادح أيضاً بالنصوص الخاصّة(2).
وأمّا تكبيرة الإحرام فالبطلان بزيادتها السهوية هو المعروف والمشهور
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 47 ، 48 .
(2) الآتية في ص 86 وما بعدها .
ــ[51]ــ
عند الأصحاب ، لكنه لا دليل عليه أصلاً كما أشرنا إليه في مبحث التكبير (1) بل مقتضى حديث لا تعاد هو الصحّة ، غير أنّ الفقهاء عدّوها من الأركان بعد تفسيرهم للرّكن بأ نّه ما أوجب الإخلال به البطلان عمداً وسهواً، زيادة ونقصاً .
فان ثبت الإجماع المدّعى على هذا التفسير وأنّ هناك ملازمة في البطلان بين طرفي النقيصة والزيادة، وكلّ ما أوجب نقصه البطلان عمداً وسهواً فزيادته كذلك ، فلا كلام ، وإلاّ كان مقتضى القاعدة عدم البطلان كما عرفت .
لكن الظاهر عدم الثبوت ، فانّ الإجماع منقول لا يعبأ به ، ولم يرد لفظ الركن في شيء من الروايات ، وإنّما هو اصطلاح دارج في ألسنة الأصحاب بعد تفسيرهم له بما عرفت ، من غير أيّ شاهد عليه ، بل الظاهر من لفظ الركن ما يوجب الإخلال به البطلان من ناحية النقص فقط ، كما يساعده المعنى اللغوي ، فانّه لغة بمعنى ما يعتمد عليه الشيء بحيث يزول ذلك الشيء بزواله ، وهو لا يقتضي أكثر ممّا ذكرناه ، إذ من المعلوم أنّ زيادة العمود لو لم تكن مؤكّدة فهي ليست بقادحة .
ولا ريب أنّ التكبير ركن بهذا المعنى ، إذ أنّ تركه موجب للبطلان ولو سهواً بالنصوص الخاصّة كما سبق في محلّه(2) ، ولا يقدح عدم التعرّض له في حديث لا تعاد ، فانّ غايته ارتكاب التقييد ، ولعلّ النكتة في إهماله أ نّه افتتاح الصلاة وبه يتحقّق الدخول، وبدونه لم يشرع بعد في الصلاة ، والحديث ناظر إلى الإخلال بالأجزاء أو الشرائط بعد تحقّق الصلاة ، وفرض التلبّس بها خارجاً .
وكيف ما كان فلا دليل على البطلان بزيادة التكبيرة ، لقصور المقتضي ، بل قد عرفت قيام الدليل على العدم ، لاندراجها في عقد المستثنى منه من حديث لا تعاد . وهذا هو الأقوى وإن كان المشهور خلافه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شرح العروة 14 : 95 .
(2) شرح العروة 14 : 90 .
|