ــ[124]ــ
[ 2027 ] مسألة 7 : إذا شكّ في الصلاة في أثناء الوقت ونسي الإتيان بها وجب عليه القضاء إذا تذكّر خارج الوقت(1)، وكذا إذا شكّ وأعتقد أ نّه خارج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمّا في المقام فتجرى أصالة عدم الإتيان بالعصر بلا معارض، إذ لا أثر لأصالة عدم الإتيان بالظهر ، فانّها إنّما تنفع في وجوب الإتيـان بالظهر لدى إحراز فراغ الذمّة عن العصر ، وهو مشكوك حسب الفرض .
وواضح أنّ الأصل المزبور لا يترتّب عليه وقوع العصر خارجاً وفراغ الذمّة عنه ، إذ لا يثبت به اللاّزم كي يتعارض الأصلان . فأصالة عدم الإتيان بالعصر التي نتيجتها اختصاص الوقت بالعصر سليمة عن المعارض ، فيجوز له أن ينوي فيما يأتي به العصر ، كما يجوز له الإتيـان بأربع ركعات بقصد ما في الذمّة .
ومنه تعرف الحال في العشـاء ، فانّ أصالة عدم الإتيـان بها غير معـارضة بأصالة عدم الإتيان بالمغرب ، لعدم الأثر كما عرفت .
وبالجملة : أصالة عدم الإتيان بالظهر أو المغرب لا تنفع في وجوب الإتيان بهما في الوقت لما ذكر ، ولا في خارجه قضاءً ، لأنّ موضوعه الفوت الذي لا يثبت بالأصل المزبور ، فيرجع في نفيه إلى أصالة البراءة . فلا مانع من البناء على الإتيان بهما كما اُفيد في المتن .
(1) إذ بعد حدوث الشكّ في الوقت الموجب لتنجّز التكليف عليه بمقتضى الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال فهو محرز للفوت وجداناً ، الذي هو الموضوع لوجوب القضاء ، وإن كان الفائت هو امتثال التكليف الظاهري الثابت ببركة الأصل لا الواقعي ، ضرورة أنّ القضاء تابع لفوت الوظيفة المقرّرة في الوقت سواء أكانت واقعية أم ظاهرية قد ثبتت بدليل شرعي كالاستصحاب ، أم عقلي كقاعدة الاشتغال .
ــ[125]ــ
الوقت ثمّ تبيّن أنّ شكّه كان في أثناء الوقت (1) ، وأمّا إذا شكّ واعتقد أ نّه في الوقت فترك الإتيان بها عمداً أو سهواً ثمّ تبيّن أنّ شكّه كان خارج الوقت فليس عليه القضاء .
[ 2028 ] مسألة 8 : حكم كثير الشكّ في الإتيان بالصلاة وعدمه حكم غيره ، فيجري فيه التفصيل بين كونه في الوقت وخارجه . وأمّا الوسواسي فالظاهر أ نّه يبني على الإتيان وإن كان في الوقت (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فيجب الاعتناء عملاً بالاستصحاب أو قاعدة الاشتغال ، إذ الاعتبار بحدوث الشكّ في الوقت الواقعي لا الخطائي الخيالي . ومنه تعرف عدم القضاء في صورة العكس المذكورة بعد ذلك .
(2) أمّا إذا بلغت كثرة الشكّ حدّ الوسواس فلا إشكال في عدم الاعتناء فيبني على الإتيان وإن كان في الوقت ، لأنّ ـ مضافاً إلى قيام الإجماع عليه ، بل قيل بحرمته استناداً إلى بعض النصوص ، وإن كانت الدلالة قاصرة كما مرّت الإشارة إليه في مطاوي بعض الأبحاث السابقة (1) ـ المقتضي للاعتناء من النصّ أو الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال في نفسه قاصر الشمول لمثل ذلك، لانصرافه إلى الشكوك المتعارفة الناشئة عن منشأ عقلائي ، فلا يعمّ الوسواسي الذي ربما يسـتند شكّه إلى الجنون . وكذا الحال في القاعـدة ، فانّ الاشـتغال اليقيني إنّما يستدعي اليقين المتعارف بالفراغ كما لا يخفى .
وأمّا إذا لم تبلغ ذاك الحدّ ، بل كان مجرّد كثرة الشكّ ، على الخلاف في تفسير ضابطها من الإيكال إلى الصدق العرفي ، أو عدم خلوّ ثلاث صلوات متتاليات
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شرح العروة 3 : 160 ـ 161 .
ــ[126]ــ
عن الشكّ كما هو المقرّر في محلّه(1) عند التعرّض لكثرة الشكّ المتعلّق بالأجزاء فهل الكثرة المتعلّقة بأصل الصلاة تلحق بكثرة الشكّ المتعلّق بالأجزاء في عدم الاعتناء ، أو لا ؟
المعروف والمشهور عدم الإلحاق كما اختاره في المتن، اقتصاراً في الخروج عن عموم أدلّة الشكوك من الشرعية والعقلية على المقدار المتيقّن ، وهو كثرة الشكّ المتعلّق بأجزاء الصلاة أو ركعاتها ، فلا يتعدّى إلى من كان كثير الشك في أصل الصلاة، أو في تحصيل شرائطها من الطهارة الحدثية كالغسل والوضوء، أو الخبثية كتطهير الثوب أو البدن ونحو ذلك ، لما عرفت من أنّ الأخبار الواردة في كثير الشكّ التي بها يخرج عن مقتضى العموم موردها الشكّ في الأجزاء أو الركعات مثل موثقة عمّار : «في الرجل يكثر عليه الوهم في الصلاة فيشكّ في الركوع فلا يدري أركع أم لا ، ويشكّ في السجود فلا يدري أسجد أم لا ، فقال : لا يسجد ولا يركع ويمضي في صلاته حتّى يستيقن يقيناً...» إلخ(2) ، ونحوها غيرها ممّا ورد في الركعات ، فيحتاج التعدّي وإلغاء خصوصية المورد إلى دليل مفقود ، هذا .
ويستفاد من الموثّقة أنّ وظيفة كثير الشكّ هو عدم الاعتناء والمضيّ في صلاته وأ نّه لو اعتنى فركع أو سجد أفسد ونقض صلاته ، إذ بعد النهي عنهما فالإتيان من الزيادة العمدية القادحة كما لا يخفى .
وكيف ما كان فربما يستدلّ للتعدّي :
تارة بصحيحة ابن مسلم : «إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك ، فانّه يوشك أن يدعك ، إنّما هو من الشيطان» (3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شرح العروة 19 : 11 .
(2) الوسائل 8 : 229 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 16 ح 5 .
(3) الوسائل 8 : 227 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 16 ح 1 .
ــ[127]ــ
واُخرى بصحيحة زرارة وأبي بصير ـ ولعلّها أوضح ـ قالا «قلنا له : الرجل يشكّ كثيراً في صلاته حتّى لايدري كم صلّى ولا ما بقي عليه ، قال : يعيد ، قلنا : فانّه يكـثر عليه ذلك ، كلّما أعاد شكّ ، قال : يمضي في شكّه ، قال : لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فانّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد فليمض أحدكم في الوهم ، ولا يكثرنّ نقض الصلاة ، فانّه إذا فعل ذلك مرّات لم يعد إليه الشكّ ... » إلخ (1) .
فانّه يستفاد منهما أنّ المناط في عدم الاعتناء بكثرة الشكّ عدم تمكين الخبيث وتطميعه وتعويده ، وأ نّه متى تُرك تَرك ولم يعد إليه الشك ، فلا يفرق في ذلك بين تعلّق الكثرة بأجزاء الصلاة أم بأصلها .
ولكنّ الظاهر عدم الدلالة على التعدّي ، لوجود الفارق .
أمّا الأخـيرة فلأنّ موردها النقض وقطع الصلاة ، وهو إمّا محرّم كما عليـه المشهور أو مكروه على الأقل ، وعلى أيّ حال فهو أمر مرجـوح . ومقتضى مناسـبة الحكم والموضوع أن يكون ذلك مستنداً إلى الشـيطان وناشـئاً عن إغوائه ، ومن ثمّ أمر (عليه السلام) بعدم الاعتناء ، فكيف يمكن أن يقاس عليه الشكّ المتعلّق بأصل الصلاة المستتبع للتكرار، ضرورة أ نّه وإن كثر لا مرجوحية فيه أبداً ما لم يبلغ حدّ الوسوسة كما هو المفروض ، فكيف يمكن أن يدّعى أ نّه من عمل الشيطان ومستند إلى تطميعه كي يشمله النصّ .
وكذا الحال في كثرة الشكّ المتعلّق بالشرائط الخارجة عن الصلاة كالتطهير من الحدث أو الخبث ونحو ذلك ، فانّ شيئاً من ذلك ما لم يصل حدّ الوسواس وكان الشكّ ناشئاً عن سبب عادي متعارف ـ كما هو محلّ الكلام ـ لا مرجوحية فيه بوجه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 228 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 16 ح 2 .
|