ــ[131]ــ
من غير فرق بين الأوّلتين والأخيرتين على الأصحّ (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دلّ الصدر على عدم الاعتنـاء بعدما تجاوز ، والذيل بمقتضى المفهـوم على الاعتناء ما لم يتجاوز ولم يدخل في الغير . مضافاً إلى أنّ الأخير مطابق لقاعدة الاشتغال أو الاستصحاب . فالحكم في الجملة مسلّم لا غبار عليه ، إنّما الكلام في بعض الخصوصيات التي اُشير إليها في المتن ، ونتعرّض إليها في ضمن جهات :
(1) الاُولى : هل تختصّ قاعدة التجاوز بالركعتين الأخيرتين أو تعمّ الأولتين؟
المشهور هو الثاني ، أخذاً باطلاق النصـوص . وعن جماعة كالشـيخين (1) والعلاّمة (2) وابن حمزة (3) الأوّل ، نظراً إلى ورود جملة من النصـوص المعـتبرة المتضمّنة للزوم سلامة الأولتين عن الشكّ لأ نّهما فرض الله ، وفرضه تعالى لا يدخله الشكّ والوهم (4) ، وبذلك يقيّد الإطلاق في تلك النصوص ويحمل على الأخيرتين .
ولكن الصحيح ما عليه المشهور ، فانّ هذه النصوص ظاهرة أو محمولة على إرادة الشكّ في الركعات ، كيف وبعض تلك الروايات صريحة في الركعة الاُولى كصحيحة زرارة المتقدّمة ، فانّ سبق ذكر الإقامة والتكبير يستدعي إرادتها كما لا يخفى ، فلا يمكن ارتكاب التقييد فيها ، فيكشف ذلك عن أنّ المراد من الشكّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المقنعة : 145 [ لاحظ ص 138 منها ، حيث قال : فان شكّ في الركوع وهو قائم ... ، حيث لم يفصّل بين الركعات ] النهاية : 92، التهذيب 2 : 154 / ذيل ح 604 .
(2) التذكرة 3 : 316 [ لكن فصّل بين الركن وغيره ، وما نقل إنّما يستفاد من كلام العلاّمة بعد ملاحظة صدر مسألة 341 من التذكرة ] .
(3) الوسيلة : 101 .
(4) الوسائل 8 : 187 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 1 ح 1 ، 2 وغيرهما .
ــ[132]ــ
والمراد بالغير مطلق الغير المرتّب على الأوّل كالسورة بالنسبة إلى الفاتحة (1) فلا يلتفت إلى الشكّ فيها وهو آخذ في السورة ، بل ولا إلى أوّل الفاتحة أو السورة وهو في آخرهما ، بل ولا إلى الآية وهو في الآية المتأخّرة ، بل ولا إلى أوّل الآية وهو في آخرها . ولا فرق بين أن يكون ذلك الغير جزءاً واجباً أو مستحبّاً ((1)) كالقنوت بالنسبة إلى الشكّ في السورة والاستعاذة بالنسبة إلى تكبيرة الإحرام ، والاستغفار بالنسبة إلى التسبيحات الأربعة ، فلو شكّ في شيء من المذكورات بعد الدخول في أحد المذكورات لم يلتفت .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الممنوع دخوله في الاُوليين في تلك النصوص خصوص الشكّ المتعلّق بعدد الركعات لو لم تكن ظاهرة فيها في نفسها كما عرفت .
ومنه تعرف ضعف التفصيل بين الركن وغيره كما عن بعضهم ، للتصريح في الصحيحة بعدم الاعتناء بالشكّ في الركوع بعدما سجد .
(1) الجهة الثانية : هل تختصّ القاعدة بالأجزاء المستقلّة فلا تشمل الجزء غير المستقل ، فلو شكّ في الفاتحة بعدما دخل في السورة وجب الاعتناء ، أو أ نّها تشمل الأجزاء بأسرها ؟
قد يقال بالأوّل ، نظراً إلى أنّ المذكورات في صحيح زرارة كلّها من قبيل الأجزاء المسـتقلّة ، إذ الـظاهر أنّ المراد بالقراءة تمـامها المشـتمل على الفاتحـة والسورة ، فالمجموع جزء مستقلّ معنون بهذا العنوان ، فلا دليل على جريانها في الجزء غير المستقل ، بل المرجع حينئذ القاعدة الأوّلية المقتضية للاعتناء أعني الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال، اقتصاراً في الخروج عمّا يقتضيه الأصل الأوّلي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في جريان قاعدة التجاوز بالدخول في المستحبّ المترتب إشكال ، بل منع .
|