إنّما الكلام في عكس ذلك ، أعني ما لو شكّ في الجزء الوجوبي وقد دخل في المستحبّ المترتّب عليه كما لو شكّ في القراءة بعدما دخل في القنوت ، أو في السجدة الثانية وهو متشاغل بذكر بسم الله وبالله ... إلخ ، ونحو ذلك .
فقد ذكر جماعة منهم الماتن جريان القاعدة حينئذ أيضاً ، استناداً إلى إطلاق لفظ (الغير) المذكـور في النصّ ، فانّه شامل لمطلق الغير المترتّب ، سـواء أكان واجباً أم مستحباً .
ولكنّ الظاهر المنع ، لا لقصور في إطلاق لفظ الغير ، بل لعدم صدق التجاوز .
وتوضيحه : أ نّا قد أشرنا قريباً (1) إلى أنّ المعتبر في هذه القاعدة بعد ملاحظة أنّ الشكّ فيها متعلّق بأصل الوجود لا بصحة الموجود إنّما هو التجاوز عن محلّ المشكوك فيه ، لامتناع التجاوز عن نفسه بعد فرض الشكّ في أصله ، فلا بدّ من فرض محلّ شرعي مقرّر للمشكوك فيه ليصدق التجاوز عنه ولو بعناية التجاوز عن محلّه لدى الدخول فيما هو مترتّب عليه ، وإلاّ فلو لم يكن له محلّ خاصّ امتنع صدق التجاوز حتّى بالعناية كما لا يخفى .
وعلى ذلك رتّبنا المنع عن جريان القاعدة لو شكّ في الظهر بعد الإتيان بالعصر أو بعد الدخول فيه ، لعدم لحاظ محلّ خاصّ للظهر ، إذ هو غير مشروط بتقدّمه على العصر ، بل العصر مشروط بتأخّره عن الظهر بمقتضى الترتيب الملحوظ بينهما ، فالمحلّ المقرّر معتبر في العصر دون الظهر ، فلا تجاوز كي تجري القاعدة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 114 .
|