ــ[138]ــ
[ 2031 ] مسألة 11 : الأقوى جريان الحكم المذكور في غير صلاة المختار فمن كان فرضه الجلوس مثلاً وقد شكّ في أ نّه هل سجد أم لا وهو في حال الجلوس الذي هو بدل عن القيام لم يلتفت ((1)) ، وكذا إذا شكّ في التشهّد ، نعم لو لم يعلم أ نّه الجلوس الذي هو بدل عن القيام أو جلوس للسجدة أو للتشهّد وجب التدارك ، لعدم إحراز الدخول في الغير حينئذ (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التجاوز عنه والدخول في السجود ، وهو واقع في كلام الإمام (عليه السلام) لا كلام السـائل ، قال (عليه السلام) : «إن شكّ في الركوع بعدما سجد فليمض وإن شكّ في السجود بعدما قام فليمض ، كلّ شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه» (2) .
نعم ، صدر الصحيحة لا مفهوم له كما بيّناه في الاُصول (3) . ولكن التحديد بالتجاوز المذكـور في الذيل كاشف عمّا ذكرناه ، وأنّ عدم الاعتناء بالشكّ في الركوع مورده التجاوز عنه أي عن محلّه ، وقد عرفت أنّ التجاوز عن محلّ الركوع لا يكون إلاّ بالدخول في الجزء المترتّب عليه ، وليس هو إلاّ السجود دون الهوي كما مرّ ، فيقيّد بذلك الإطلاق المزبور .
والمتحصّل من جميع ما قدّمناه : عدم جريان القاعدة بالدخول في المقدّمات مطلقاً ، من غير فرق بين الركوع والسجود والتشهّد .
(1) هل تختصّ قاعدة التجاوز بالأجزاء الأصلية ، أو تعمّ الأبدال المجعولة في ظرف الاضطرار كالجلوس المجعول بدلاً عن القيام لدى العجز عنه ؟ فلو دخل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل يجب الالتفات ما لم يشتغل بالقراءة أو نحوها .
(2) الوسائل 6 : 369 / أبواب السجود ب 15 ح 4 .
(3) مصباح الاُصول 3 : 303 .
ــ[139]ــ
في هذا البدل وشكّ في الجزء السابق فهل تجري القاعدة حينئذ أو لا ؟.
ذكر (قدس سره) أنّ الأقوى هو الجريان وعدم اختصاص الحكم بصلاة المختار .
أقول : لا ينبغي التأمّل في شمول الحكم للأبدال ، بل لا ينبغي جعل ذلك محلاًّ للخلاف والجدال ، لا لأجل الاستناد إلى عموم دليل البدلية كي يناقش فيه بقصر نظره على البدلية من حيث الجزئية ، وعدم تكفّله للتنزيل بلحاظ سائر الأحكام التي منها كون الدخول فيه موجباً لعدم الاعتناء بالشكّ في وجود ما قبله .
بل لأجل الاستناد إلى إطلاق نفس أدلّة القاعدة، إذ لا قصور في شموله للبديل كالأصيل بعد ملاحظة أنّ البدل هو الوظيفة المقرّرة في هذه الحالة ، وهو الجزء المترتّب على ما قبله ، والدخول فيه يوجب التجاوز عن محلِّ المشكوك فيه فيشمله قوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة: «إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء» (1) وقوله (عليه السلام) في صحيحة إسماعيل بن جابـر المتقدّمة : «كل شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه» .
فلو كانت وظيفته الإيمـاء إلى الركوع فأومأ إليه وعند ذلك شكّ في القراءة أو أومأ إلى السجود فشكّ في إيمائه للركوع ، أو كان عاجزاً عن القراءة فكانت وظيفته الانتقال إلى البدل وهو الإتيان بما تيسّر من القرآن ، فأتى به وبعده شكّ في التكبير ، لا ينبغي التأمّل في جريان القاعدة حينئذ ، ولا نظنّ فقيهاً يرتاب في ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقدّمت في ص 130 .
ــ[140]ــ
وعلى الجملة : فشمول الكبرى لكلا المقامين وعموم الضابط لكلتا الصلاتين الاختيارية والاضطرارية ممّا لا ينبغي المرية فيه ولا شبهة تعتريه .
إنّما الكلام في تطبيق ذلك على الصغرى المذكورة في المتن ، وهي من كان فرضه الصلاة جالساً فشكّ في حال الجلوس في أ نّه هل سجد أو هل تشهّد أم لا .
أمّا إذا لم يعلم أ نّه الجلوس الذي هو بدل عن القيام أو أ نّه جلوس للسجدة ـ إمّا للاستراحة أو بين السجدتين ـ أو للتشهّد ، فلا إشكال في وجوب التدارك وعدم جريان القاعدة حينئذ ، لعدم إحراز الدخول في الغير الذي هو شرط في الجريان كما اُشير إليه في المتن ، وهو ظاهر .
وأمّا إذا علم ذلك وأ نّه في حال الجلوس الذي هو بدل عن القيام فقد حكم في المتن بعدم الالتفات ، وأنّ القاعدة تجري حينئذ .
ولكنّه مشكل جدّاً ، فانّ العبرة في جريان القاعدة بواقع التجاوز ، لا بالبناء عليه واعتقاده . ومن المعلوم أنّ الجلوس إنّما يكون بدلاً عن القيام ويتحقّق معه التجاوز فيما لو كان مسبوقاً بالتشهّد وبالسجدتين واقعاً ، سواء علم به المصلّي وبنى عليه أم لا ، إذ لا يعتبر فيه قصد البدلية ، فمتى كان مسبوقاً بهما اتّصف بالبدلية وبالتجاوز ، ومتى لم يكن مسبوقاً لم يكن بدلاً ولا متجاوزاً ، ولا أثر لما تخيّله من الاعتقاد والبناء في شيء من ذلك .
وعليه فمع الشكّ في المسبوقية ـ كما هو المفروض ـ لم يحرز بدلية هذا الجلوس عن القيام ليحرز معه التجاوز ، فحيث إنّ صدق التجاوز والخروج والدخول مشكوك فيه لا مجال للتمسّك بالقاعدة .
ولا يقاس ذلك بالقيام حال الاختيار فانّه غير بالذات ، فيتحقّق معه التجاوز حقيقة ، بخلاف الجلوس فانّ غيريّته لا تكون إلاّ بالمسبوقية بما عرفت . ومن
|