الجهة الثالثة : لو أراد الإعادة قبل فوات الموالاة إمّا بعد التروّي أو قبله ـ على الخلاف ـ فهل يجب عليه أوّلاً إبطال الصلاة بكلام عمدي أو استدبار
ــ[216]ــ
ونحوهما ثمّ الشروع في الإعادة ، ليقطع ببطلان الاُولى لدى الشروع في الثانية ؟
قد يقال بذلك ، نظراً إلى احتمال صحّة الصلاة واقعاً ، فتكون التكبيرة واقعة أثناء الصلاة ، فتفسد وتفسد .
لكنّ الأقوى عدم الوجوب ، والوجـه فيه : أنّ الأمر المتعلّق بالمركّب وإن كان منحلاًّ إلى أوامر عديدة حسب تعدّد الأجزاء، إلاّ أ نّها ليست أوامر استقلالية متعلّقة بكلّ جزء على سبيل الإطلاق بحيث يسقط أمره بمجرّد الإتيان بذات الجزء، بل سقوط كلّ أمر منوط بالإتيان ببقية الأجزاء بمقتضى فرض الارتباطية الملحوظة بينها ، فلا يسقط الأمر المتعلّق بالتكبير إلاّ لدى اقترانه خارجاً بسائر الأجزاء ، كما أنّ الأمر المتعلّق بالقراءة لا يسقط بمجرّد الإتيان بها إلاّ إذا كانت مسبوقة بالتكبير وملحوقة بالركوع والسجود ، وهكذا الحال في بقية ما يعتبر في الصلاة .
فالأمر المتعلق بكلّ واحد مراعى سقوطه بامتثال الأمر المتعلّق بالباقي ، ولا ينفكّ أحدهما عن الآخر . وجميع هذه الأوامر الضمنية التحليلية مساوقة مع الأمر النفسي المتعلّق بالمركّب ، وملازمة معه ثبوتاً وسـقوطاً ، حدوثاً وبقاءً وما لم يأت بالجزء الأخير لم يسقط شيء منها . ونتيجة ذلك جواز رفع اليد أثناء العمل وتبديل الامتثال بفرد آخر .
وبعبارة اُخرى : من المقرّر في محلّه أنّ متعلّق الأوامر إنّما هي الطبائع المجرّدة دون الأفراد الخارجيـة ، وإنّما هي مصاديق للمأمـور به لدى انطـباقه عليها والخصوصيات الفردية خارجة عن حريم الأمر طرّاً (1) .
ومن المعلوم أنّ المكلّف مخيّر عقلاً في امتثال الأمر المتعلّق بالطبيعة بين الأفراد الطولية والعرضية ، وله اختيار أيّ منها شاء ، وهذا التخيير كما هو ثابت قبل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محاضرات في اُصول الفقه 4 : 12 وما بعدها .
|