ــ[235]ــ
فالظاهر عدم وجوب صلاة الاحتياط ((1)) عليه وإن كان أحوط (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قد عرفت حكم الترديد في الحالة الفعلية وأ نّها شكّ أو ظنّ ، وأمّا لو كان التردّد في الحالة السابقة بعد الدخول في فعل آخر ، فهذا قد يكون في أثناء الصلاة كما لو علم أ نّه تردّد بين الاثنتين والثلاث وأ نّه بنى على الثلاث ، ولم يدر أ نّه حصل له الظنّ بالثـلاث فبنى عليـه ، أو أ نّه بنى عليه من باب الشكّ والبناء على الأكثر كي تجب عليه ركعة الاحتياط . وقد يكون بعد الفراغ من الصلاة .
أمّا في الصورة الاُولى : فقد ذكر الماتن (قدس سره) أ نّه يبني على أ نّه كان شكّاً إن كان فعلاً شاكاً ، وعلى أ نّه كان ظناً إن كان فعلاً ظاناً .
وغير خفي أنّ في عبارته (قدس سره) مسامحة ظاهرة ، إذ لا أثر للبناء على مطابقة الحال السـابقة للحاضرة بعد أن كانت العبرة بالحال الحاضرة ، بل لو كان عالماً بالمخالفة لم يكن به بأس فضلاً عن الشكّ ، فانّ الظنّ السابق أو الشكّ إنّما يترتّب عليه الأثر لو كان باقياً على حاله دون ما لو زال وانقلب إلى غيره إذ المتعيّن حينئذ العمل بمقتضى الأخير ، لكون المدار على مرحلة البقاء دون الحدوث ، كما تقدّم في المسألة السابقة . فأيّ أثر بعد هذا البناء المزبور ، وما هو الموجب لذلك ؟
وأمّا في الصورة الثانية : فقد حكم في المتن بعدم وجوب صلاة الاحتياط عليه . وهو مبنيّ على أنّ ركعة الاحتياط صلاة مستقلّة غير مرتبطة بالصلاة الأصلية وإن كان الداعي على إيجابها تدارك النقص المحتمل ، إذ عليه يكون الأمر بنفس الصلاة ساقطاً جزماً، وإنّما الشكّ في تعلّق أمر جديد بصلاة الاحتياط
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يبعد وجوبها .
ــ[236]ــ
ومقتضى الأصل البراءة عنه .
وبعبارة اُخرى : مقتضى البناء على الاستقلال سقوط جزئية الركعة في ظرف الشكّ ، وتشريع صلاة اُخرى بداعي التدارك على تقدير النقص . وبعد احتمال حصول الظنّ وعدم عروض الشكّ يشكّ في تعلّق الأمر بتلك الصلاة ، فيندفع بأصالة البراءة .
ويكون الوجه في احتياطه (قدس سره) مراعاة الاحتمال الآخر في تلك الصلاة وأ نّها جزء متمّم من الصلاة الأصلية ، إذ عليه يجب الإتيان بصلاة الاحتياط عملاً بقاعدة الاشتغال ، لرجوع الشكّ حينئذ إلى مرحلة الامتثال والخروج عن عهدة التكليف المعلوم المتعلّق بالركعة الرابعة، لا إلى مقام الجعل وحدوث التكليف الجديد ، هذا .
ولكن الظاهر وجوب الإتيـان بركعة الاحتياط على التقـديرين . أمّا على التقدير الثاني فظاهر كما مرّ ، وأمّا على التقدير الأوّل فلعـدم كون المقام من موارد الرجوع إلى البراءة، وذلك من أجل وجود الأصل الحاكم المنقّح لموضوع صلاة الاحتياط ، فانّ موضوعها التردّد بين الثنتين والثلاث وعدم وقوع الوهم على شيء ، أي عدم حصول الظنّ . والأوّل محرز بالوجدان حسب الفرض والثاني ثابت بمقتضى الأصل ، وبذلك يلتئم الموضوع ويرتّب الأثر ، هذا .
وربما يتمسّك لنفي صلاة الاحتياط بقاعدة الفراغ .
وفيه : أنّ صحّة الصلاة مقطوعة على كلّ تقدير ، ولا يحتمل الفساد ليدفع بقاعدة الفراغ ، فلا شكّ في كون وظيفته هو البناء على الثلاث وفي أ نّه قد عمل بهذه الوظيفة ، وإنّما الشكّ في منشأ ذلك وأنّ سببه الظنّ بالثلاث أو البناء على الأكثر. ومن البيّن أنّ القاعدة لاتتكفّل لإثبات السبب وتعيينه . فلا مجال للرجوع إليها في مثل المقام، بل المرجع إمّا أصالة البراءة أو قاعدة الاشتغال حسبما عرفت .
ــ[237]ــ
[ 2046 ] مسألة 10 : لو شكّ في أنّ شكّه السابق كان موجباً للبطلان أو للبناء(1) بنى على الثاني ، مثلاً لو علم أ نّه شكّ سابقاً بين الاثنتين والثلاث وبعد أن دخل في فعل آخر أو ركعـة اُخرى شكّ في أ نّه كان قبل إكمال السجدتين حتّى يكون باطلاً أو بعده حتّى يكون صحيحاً بنى على أ نّه كان بعد الإكمال ، وكذا إذا كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كما لو علم في حال القيام أ نّه شكّ سابقاً بين الثنتين والثلاث ، المستلزم لشكّه الفعلي في أنّ ما بيده الثالثة أو الرابعة ، ولكن لم يدر أنّ شكّه السابق هل كان قبل إكمال السجدتين وقد استمرّ عليه غافلاً ليستوجب بطلان الصلاة أو كان بعد الإكمال وقد بنى على الثلاث حتّى يكون صحيحاً ، ومثله ما لو طرأ الشكّ المزبور حال التشهّد أو بعد الفراغ من الصلاة . وقد حكم (قدس سره) بأ نّه يبني على أ نّه كان بعد الإكمال .
وربما يستدلّ له بجريان قاعدة الفراغ في السجدتين ، فانّ الشكّ المذكور إن كان عارضاً قبل الإكمال بطلت السجدتان كأصل الصلاة ، وإلاّ كانتا صحيحتين فببركة القاعدة الجارية فيهما يبني على الثاني .
وفيه : أنّ مورد القاعدة الشكّ في صحّة العمل المأتي به وانطباق المأمور به عليه بعد العلم بتعلّق الأمر به ، وأمّا مع الشكّ في أصل وجود الأمر فلا تجري القاعدة لإثباته وتعيين الوظيفة الفعلية .
فلو شكّ في صحّة الغسـل من أجل الشكّ في كونـه جنباً ليكون مأموراً بالاغتسال ، أو شكّ في صحّة الصلاة بعد الفراغ منها من أجل الشكّ في دخول الوقت وتعلّق الأمر بها ، فلا يمكن إجراء القاعدة لإثبات الأمر بالغسل أو الصلاة لما عرفت من أ نّها ناظرة إلى مرحلة الامتثال وتصحيح العمل لدى تفريغ الذمّة
ــ[238]ــ
عن الأمر المتعلّق به، الذي هو متفرّع على أصل وجود الأمر وفي مرتبة متأخّرة عنه ، فلا يمكن إثباته بها .
والمقام من هذا القبيل ، فانّ تعلّق الأمر بالسجدتين مشكوك فيه ، لجواز عروض الشكّ قبل الإكمال المستوجب للبطلان وسقوط الأمر بالإتمام والإتيان ببقية الأجزاء ، فلم يحرز الأمر بالسجدتين في شخص هذه الصلاة ليرجع الشكّ إلى مرحلة التطبيق والامتثال ، نعم الأمر بالطبيعي ولو في ضمن فرد آخر من الصلاة محرز ، لكن مورد القاعدة إنّما هو الشخصي لا الكلّي كما هو ظاهر .
بل الوجه فيما أفاده الماتن (قدس سره) هو التمسّك باستصحاب عدم عروض الشكّ قبل الإكمال فينفى موجب البطلان بمقتضى الأصل .
نعم ، قد يورد عليه بأنّ المعتبر إحراز حدوث الشكّ بعد الإكمال ، ليكون على يقين من إحراز الركعـتين وسلامتهما عن الشكّ . ومن المعلوم أنّ الأصل المزبور لا يتكفّل لإثبات ذلك .
ويندفع بعدم أخذ الحدوث في شيء من أدلّة الشكوك الصحيحة ، وإنّما المعتبر أن لا يكون الشكّ حادثاً قبل الإكمال ، الذي هو الموضوع للبطلان . فالشكّ بين الثنتين والثلاث المحكوم بالبناء على الأكثر موضوعه عروض الشكّ المزبور وأن لا يكون قبل الإكمال . أمّا الأوّل فمحرز بالوجدان حسب الفرض وأمّا الثاني فبمقتضى الأصل ، ولا يعتبر اتصاف الشكّ بحدوثه بعد الإكمال .
نعم ، يعتبر أن لا يكون هذا الشكّ مسبوقاً بشكّ مبطل ، وإلاّ لزم اللّغوية في دليل ذلك الشكّ، وأمّا الاتصاف بالحدوث بعده فغير مأخوذ في شيء من الأدلّة. وعليه فلا مانع من التمسّك بالاستصحاب المزبور وتنقيح الموضوع به .
وممّا ذكرنا يظهر أ نّه لو علم ـ وهو بعد الإكمال ـ بتردّده قبل الإكمال بين
|