صور انقلاب الشك بعد الصلاة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3845


ــ[247]ــ

سجدتي السهو للسّلام في غير محلّه ، والأحوط مع ذلك إعادة الصلاة ((1)) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حادث بعد الفراغ ، ومثله محكوم بعدم الاعتناء ، إلاّ إذا كان الشكّ المنقلب إليه ممّا يعلم معه بالنقيصة كما لو شكّ بين الثنتين والأربع فبنى على الأربع وأتمّ ، ثمّ انقلب إلى الثنتين والثلاث ، فانّ اللاّزم حينئذ عمل الشك المنقلب إليه الحاصل بعد الصلاة ، لتبيّن كونه بعد في الصلاة وأنّ السلام قد وقع في غير محلّه ، فيبني حينئذ على الثلاث ويتمّ ، وبعد ما يأتي بصلاة الاحتياط يسجد سجدتي السهو للسلام الزائد .

   أقول :  أمّا الحكم في صورة الاسـتثناء فظاهر جدّاً ، لما ذكره في المتن من تبيّن كونه في الصلاة، فكأنّ الشكّين المنقلب أحدهما إلى الآخر كلاهما عارضان في أثناء الصلاة ، وقد مرّ (2) أنّ الاعتبار في مثله بالمتأخّر منهما .

   وأمّا الاحتياط بالإعادة الذي ذكره (قدس سره) في هذه الصورة فلم يعرف وجهه ، إذ المقام داخل حينئذ في من تذكّر النقص بعد السلام ، الذي لا خلاف ظاهراً في كونه محكوماً بالتدارك ما لم يأت بالمنافي ـ كما هو المفروض ـ وفي اتّصاف السلام الواقع في غير محلّه بالزيادة . وكيف ما كان ، فالحكم في هذه الصورة ظاهر لا سترة عليه .

   وأمّا فيما عدا ذلك فالتعليل الذي ذكره (قدس سره) لعدم الاعتناء بشيء من الشكّين من أنّ الأوّل قد زال والثاني شكّ حادث بعد الصلاة بظاهره كلام جيّد ، لكنّه لدى التحليل لا يستقيم على إطلاقه .

   وتفصيل الكلام يستدعي استقصاء صور الانقلاب فنقول :

   قد يكون الشكّان متباينين بحيث لا يشتركان في جامع أصلاً ، كما إذا انقلب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لم يظهر لنا وجهه .

(2) في ص 228 .

ــ[248]ــ

الشكّ في النقيصة إلى الشكّ في الزيادة أو بالعكس ، وقد يكونان مشتركين في احتمال النقص، وعلى الثاني فامّا أن ينقلب الشكّ المركّب إلى البسيط ، أو البسيط إلى المركّب ، أو ينقلب الشكّ البسيط إلى بسيط مثله مغاير معه . فهذه صور أربع :

   أمّا الصورة الاُولى :  فمثالها ما لو انقلب الشكّ بين الثلاث والأربع إلى الأربع والخمس ، فاحتمل أوّلاً نقصان الصلاة ثمّ زال هذا الاحتمال وأيقن بالتمام بعد السلام ، وتبدّل باحتمال الزيادة المباين للاحتمال الأوّل ، أو انعكس ذلك بأن انقلب احتمال الزيادة إلى النقيصة كالشكّ بين الأربع والخمس المنقلب إلى ما بين الثلاث والأربع .

   ففي هذه الصورة لا ينبغي الإشكال في صحّة الصلاة وعدم وجوب شيء عليه ، لما ذكره في المتن من أنّ الشكّ الأوّل قد زال ، والثاني حادث بعد الصلاة فلا أثر لشيء من الشكّين . فالتعليل المذكور في المتن متّجه في هذه الصورة .

   وأمّا الصورة الثانية :  أعني انقلاب الشكّ المركّب إلى البسيط ـ ونعني بالمركّب كون طرف الشكّ أكثر من اثنين ، الراجع إلى تركيبه من شكّين ـ كما إذا شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع ثمّ انقلب شكّه بعد السلام إلى الشكّ بين الثلاث والأربع ، فحكمها العمل على طبق الشكّ الفعلي ، لوضوح عدم كونه شكاً جديداً حادثاً بعد السلام ، بل هو نفس الشكّ العارض في الأثناء غير أ نّه كان آنذاك مقروناً بشكّ آخر قد زال ، فلا أثر للزائل، ولا موجب لرفع اليد عن أثر الباقي .

 وعلى الجملة : احتمال النقص بركعة موجود سابقاً ولاحقاً ، ولم ينقلب هذا الاحتمال عمّا كان ، غاية ما هناك أنّ هذا الاحتمال كان مقروناً سابقاً باحتمال آخر وهو النقص بركعتين وقد زال ذاك وانعدم مع بقاء الاحتمال الأوّل بحـاله فلا مانع من شمول الإطلاق في موثّقة عمّار : «فأتمّ ما ظننت أ نّك قد نقصت» (1)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 212 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 8 ح 1 .

ــ[249]ــ

لمثل المقام ، ولازمه إجراء حكم الشكّ الفعلي كما عرفت .

   ومنه يظهر حكم الصورة الثالثة ـ أعني انقلاب الشكّ البسيط إلى المركّب ـ كما لو شكّ بين الثلاث والأربع ثمّ انقلب بعد السلام إلى الشكّ بين الثنتين والثلاث والأربع ، وأنّ اللاّزم حينئذ إجراء حكم الشكّ السابق دون الحادث ، فانّ ترديده بعد السلام ينحلّ إلى الشك بين الثلاث والأربع والشكّ بين الثنتين والأربع ، والأوّل منهما كان بعينه موجوداً سابقاً وقد اُضيف إليه الشكّ الثاني لاحقاً فيلغى الزائد المتّصف بالحدوث ، ويعمل بالأوّل غير المتّصف به ، فالتعليل المذكور في المتن غير متّجه في هاتين الصورتين كي لا يرتّب الأثر على شيء من الشكّين .

   وأمّا الصورة الرابعة :  أعني انقلاب الشكّ البسيط إلى مثله المغاير معه في الجملة والمشارك معه في النقيصـة ـ كالصورتين السابقتين ـ كما إذا شكّ بين الاثنتين والأربع ثمّ انقلب شكّه بعد السلام إلى الشكّ بين الثلاث والأربع أو بالعكس ، ففي مثله لا مناص من الحكم بالبطلان .

   فانّ شكّه الفعلي الراجع إلى احتمال النقص وعدم إتمام الرابعة لم يكن شكاً حادثاً طارئاً بعد السلام كي يحكم عليه بعدم الالتفات ، بل كان موجوداً أثناء الصلاة ، غاية الأمر أنّ طرف الشكّ قد تغيّر وتبدّل ، فكان طرفه سابقاً الثنتين فانقلب إلى الثلاث أو بالعكس . فذات الشكّ محفوظ في كلتا الحالتين ولم ينقلب عمّا هو عليه ، وإنّما الانقلاب في طرفه ومتعلّقه ، فلا يمكن الحكم بعدم الاعتناء بالشكّ الفعلي .

   كما لا يمكن ترتيب الأثر والبناء على الأكثر على الشكّ السابق ، لانصراف النصوص إلى ما إذا كان ذاك الشكّ بما له من الطرفين باقياً ومستمرّاً إلى ما بعد الصلاة، والمفروض تخلّفه عمّا كان ولو في الجملة، باعتبار التخلّف في أحد طرفيه .

   فاذن لا يمكن تصحيح الصلاة بوجه بعد وضوح عدم جريان قاعدة الفراغ في المقام ، لاختصاصها بالشكّ الحادث بعد السلام ، المنفي فيما نحن فيه كما عرفت




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net