كيفية صلاة الاحتياط من حيث الشرائط والأجزاء - رعاية جهتي الاستقلال والجزئية في صلاة الاحتياط 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6971


ــ[272]ــ

فصل

في كيفية صلاة الإحتياط
 

   وجملة من أحكامها مضافاً إلى ما تقدّم في المسائل السابقة .

   [ 2063 ] مسألة 1 : يعتبر في صلاة الاحتياط جميع ما يعتبر في سائر الصلوات من الشرائط ، وبعد إحرازها ينوي ويكبّر للإحرام ويقرأ فاتحة الكتاب ويركع ويسجد سجدتين ويتشهّد ويسلّم، وإن كانت ركعتين فيتشهّد ويسلّم بعد الركعة الثانية ، وليس فيها أذان ولا إقامة ولا سورة ولا قنوت ويجب فيها الإخفات في القراءة وإن كانت الصلاة جهرية حتّى في البسملة على الأحوط ، وإن كان الأقوى جواز الجهر بها بل استحبابه (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) يقع الكلام في كيفية صلاة الاحتياط تارة من حيث الشرائط واُخرى من ناحية الأجزاء .

   أمّا من حيث الشرائط :  فلا إشكال في أ نّه يعتبر فيها كلّ ما يعتبر في سائر الصلوات من الستر والاستقبال والطهارة من الحدث والخبث ونحو ذلك ، إذ هي بحسب الواقع إمّا جزء من الصلاة الأصلية أو نافلة مسـتقلّة ، وعلى أيّ تقدير فهي من الصلاة ، فيعتبر فيها كلّ ما يعتبر في طبيعي الصلاة .

   وعليه فليس له أن يترك مراعاة الاستقبال ـ مثلاً ـ فيأتي بها إلى ناحيـة اُخرى مخالفة للصلاة الأصلية لدى تردّد القبلة بين الجهات الأربع ، وهذا في الجملة ممّا لا إشكال فيه .

ــ[273]ــ

   إنّما الكلام فيما لو قلنا حينئذ بكفاية الصلاة إلى جهة واحدة وعدم الحاجة إلى تكرارها إلى الجهات الأربع ، وأ نّه يجتزي في ظرف الشكّ بالقبلة الاحتمالية ـ  كما هو المختار على ما سبق في محلّه (1)  ـ فهل يجوز حينئذ التوجّه في صلاة الاحتياط إلى جهة اُخرى مخالفة لما توجّه إليه في الصلاة الأصلية ؟

   أمّا بناءً على كونها جزءاً متمّماً فلاينبغي الإشكال في عدم الجواز ، لوضوح عدم إمكان التفكيك بين المتمَّم والمتمِّم في مراعاة الشرط . فانّه بمثابة الإتيان ـ  في هذه الحالة ـ ببعض الصلاة إلى ناحية والبعض الآخر إلى ناحية اُخرى وهو كما ترى .

   وأمّا بناءً على كونها صلاة مسـتقلّة فقد يتوهّم الجواز ، نظراً إلى أ نّهما صلاتان مستقلّتان فيلحق كلّ صلاة حكمها من التخيير بين الجهات .

   ولكنّه واضح الدفع ، بداهة حصول العلم الإجمالي حينئذ ببطلان إحدى الصلاتين من أجل ترك مراعاة القبلة في إحداهما ، فانّ القبلة إن كانت في الناحية التي توجّه إليها في الصلاة الأصلية فصلاة الاحتياط فاقدة للاستقبال وإن كانت بالعكس فبالعكس . ومن المعـلوم أنّ تدارك النقص المحتمل إنّما يتحقّق بصلاة احتياط موصوفة بالصحّة ، دون ما إذا كانت محكومة بالبطلان ولو من أجل العلم الإجمالي .

   وأمّا النيّة فلا إشكال أيضاً في اعتبارها فيها بمعنييها من القصد إلى العمل ومن قصد التقرّب . أمّا الأوّل فللزوم القصد إلى عنوان العمل الذي به يمتاز عن غيره ، فيقصد بها الركعـة المردّدة بحسب الواقع بين كونها تداركاً على تقدير ونافلة على التقدير الآخر كما هو واقع الاحتياط ، وإلاّ فعنوان الاحتياط لم يرد في شيء من الأخـبار . وأمّا الثاني : فلكونها عـبادة ، ولا عـبادة إلاّ مع قصد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح العروة 11 : 438 .

ــ[274]ــ

التقرّب . هذا كلّه من حيث الشرائط .

   وأمّا من ناحية الأجزاء :  أمّا تكبيرة الإحرام فالمعروف والمشهور بل لعلّه المتسالم عليه بين الأصحاب اعتبارها فيها ، إذ لم ينسب الخلاف إلى أحد ، وإن كان ظاهر المحكي(1) عن القطب الراوندي وجود الخلاف في المسـألة ، وإن لم يعرف المخالف بشخصه .

   وكيف ما كان، فربما يتوهّم عدم الاعتبار، نظراً إلى خلوّ الأخبار عن التعرّض لها، مضافاً إلى أ نّها في معرض الجزئية للصلاة الأصلية فينافيه التكبير، لاستلزامه زيادة الركن .

   ويردّه :  أنّ الأخبار وإن كانت خالية عن ذكر التكبير صريحاً إلاّ أنّ ذلك يسـتفاد منها بوضوح ، لأجل الترديد فيها بين التتميم على تقدير والنفل على التقدير الآخر ، فلا بدّ من الإتيان بها على وجه تصلح لوقوعها نافلة . ومن المعلوم أنّ هذه الصلاحية موقوفة على اشتمالها على تكبيرة الافتتاح ، إذ لا صلاة من دون افتتاح ، فانّ أوّلها التكبير كما أنّ آخرها التسليم ، من غير فرق بين الفريضة والنافلة .

   وأمّا حديث الزيادة فيدفعه :  أوّلاً :  منع صدق الزيادة في المقام ، لتقوّمها بالإتيان بشيء بقصد الجزئية للعمل المزيد فيه ، المفقود فيما نحن فيه ، إذ لم يقصد بها الافتتاح للصلاة الأصلية ، ولم يؤت بها بعنوان الجزئية لها ، بل يقصد بها واقعها من الافتتاح لصلاة النافلة على تقدير التمام والذكر المطلق على تقدير النقص كما هو معنى الاحتياط في المقام .

   وثانياً :  سلّمنا صدق عنوان الزيادة لكنّها مغتفرة في خصوص المقام بعد قيام الدليل على الإتيـان بها حسبما عرفت من اسـتفادته من نفس نصوص الباب ، فغاية ما هناك ارتكاب التخصيص في عموم دليل قدح الزيادة ، كما هو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكاه في الحدائق 9 : 302 .

ــ[275]ــ

الحال في السلام العمدي للصلاة الأصلية . فلا ينبغي التشكيك في لزوم الإتيان بتكبيرة الإحرام .

   وأمّا فاتحـة الكـتاب فالمشهور تعيّن اختـيارها، بل ادّعي عليه الإجماع خـلافاً للمحكي عن المفيد(1) والحلِّي(2) من التخـيير بينها وبين التسـبيحات الأربع نظراً إلى قيامها مقام الركعة الثالثة أو الرابعة فيلحقها حكم المبدل منه .

   وهو كما ترى ، لمنافاته مع التصريح بالفاتحة والأمر بها في غير واحد من النصوص(3) ، الظاهر في التعيين . مضافاً إلى أ نّها محتملة الاستقلال ، ولا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب .

   وأمّا السورة فغير معتبرة لخلوّ النصوص ، بل غير مشروعة ، إذ المستفاد من نحو قـوله (عليه السلام) في موثّق عمّار : «فأتمّ ما ظننت أ نّك نقصت» (4) لزوم الإتيان بها على النحو الذي نقص ومماثلاً للناقص المحتمل بحيث يصلح أن يقع متمّماً . ومن المعلوم عدم مشروعية السورة في الأخيرتين ، وهذا من غير فرق بين كونها جزءاً أو صلاة مستقلّة كما لا يخفى .

   ومنه تعرف عدم مشروعية القنوت أيضاً ، إذ ليس فيما يظنّ نقصه ـ أعني الأخيرتين ـ قنـوت ، ولأجل أ نّه عبادة توقيفية قد قرّر له محلّ معيّن ـ وهو الثانية من الأولتين ـ فتحتاج مشروعيته فيما عداه إلى دليل مفقود .

   وأوضح حالاً الأذان والإقامة فانّهما غير مشروعتين إلاّ للصلوات اليومية لا لأبعاضها ولا لما عداها من الصلوات الواجبة كصلاة الآيات ونحوها فضلاً عن النوافل . فصلاة الاحتيـاط سواء أكانت جزءاً متمّماً أم نافلة أم صلاة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المقنعة : 146 .

(2) السرائر 1 : 254 .

(3) الوسائل 8 : 219 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 11 ح 1 ، 2 وغيرهما .

(4) الوسائل 8 : 212 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 8 ح 1 .

ــ[276]ــ

   [ 2064 ] مسألة 2 : حيث إنّ هذه الصلاة مردّدة بين كونها نافلة أو جزءاً أو بمنزلة الجزء فيراعي فيها جهة الاستقلال والجزئية ، فبملاحظة جهة الاستقلال يعتبر فيها النيّة وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة دون التسبيحات الأربعة، وبلحاظ جهة الجزئية يجب المبادرة إليها بعد الفراغ من الصلاة وعدم الإتيـان بالمنافيات بينها وبين الصلاة ، ولو أتى ببعض المنافيات فالأحوط إتيانها ثمّ إعادة الصلاة ((1)) (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسـتقلّة واجبة لم يشرع لها الأذان ولا الإقـامة ، لاختصاص دليل التشريع بالصلوات اليومية غير الشاملة لصلاة الاحتياط على كلّ تقدير .

   وأمّا الإخفات في القراءة فالظاهر وجوبه وإن كانت الصلاة جهرية كما ذكر في المتن ، ويدلّ عليه قوله (عليه السلام) في موثّق عمّار : «فأتمّ ما ظننت أ نّك نقصت» ، فانّ المسـتفاد منه لزوم الإتيان بركعة الاحتياط على نحو ما ظنّ أ نّه قد نقص ، بحيث يصلح لوقوعه متمّماً وتداركاً للناقص ، ولا يتحقّق ذلك إلاّ لدى الموافقة معه في الكيفية . فلا مناص من مراعاة الإخفات كما كان ثابتاً في الأخيرتين .

   وأمّا الإخفات في البسملة فحكمه حكم البسملة في الركعتين الأخيرتين لو اختار فيهما القراءة كما ظهر وجهه ممّا مرّ ، فإن قلنا هناك بتعيّن الإخفات كان كذلك في المقام أيضاً ، وإن قلنا بجواز الجهر فكذلك ، وحيث إنّ الأقوى جواز الجهر ثمّة، بل استحبابه كما سبق في محلّه (2) فكذا فيما نحن فيه ، وإن كان الأحوط رعاية الإخفات كما ذكره في المتن خروجاً عن شبهة الخلاف .

   (1) ذكر (قدس سره) أنّ هذه الصلاة حيث إنّها مردّدة بحسب الواقع بين أن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) والأظهر جواز الاكتفاء باعادة الصلاة .

(2) شرح العروة 14 : 484 .

ــ[277]ــ

تكون جزءاً متمّماً وأن تكون نافلة مستقلّة فلابدّ وأن يراعى فيها كلتا الجهتين أعني جهة الاستقلال وجهة الجزئية .

   فبلحاظ الاستقلال تعتبر فيها النيّة وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة كما مرّ الكلام حول ذلك كلّه مستقصى .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net