السادس : للقيام في موضع القعود أو العكس ((1)) (2)
ــــــــــــــــــــــ (2) على المشهور ، بل ادّعي عليه الإجمـاع في بعض الكلمات . وتدلّ عليه صريحاً صحيحة معاوية بن عمّار : «عن الرجل يسهو فيقوم في حال قعود أو يقعد في حال قيام ، قال : يسجد سجدتين بعد التسليم ، وهما المرغمتان ، ترغمان الشيطان» (3) . سمّيتا بالمرغمتين لأنّ السهو من الشيطان ، وحيث إنّه امتنع من السجود فيسجد رغماً لأنفه . وكيف ما كان ، فهي صريحة في المطلوب .
وربما يسـتدلّ أيضاً بموثّقة عمّار : «عن السهو ما تجب فيه سجدتا السهو ؟ قال : إذا أردت أن تقعد فقمت ، أو أردت أن تقوم فقعدت ، أو أردت أن تقرأ
ـــــــــــــــ
(1) على الأحوط ، والأظهر عدم الوجوب لكلّ زيادة ونقيصة ، ورعاية الاحتياط أولى .
(3) الوسائل 8 : 250 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 32 ح 1 .
ــ[359]ــ
فسبّحت ، أو أردت أن تسبّح فقرأت فعليك سجدتا السهو ... » إلخ (1) .
وهي في نفسها وإن كانت صريحة في المدّعى لكن يعارضها قوله في الذيل : «وعن الرجل إذا أراد أن يقعد فقام ، ثمّ ذكر من قبل أن يقدم شيئاً أو يحدث شيئاً ، فقال : ليس عليه سجدتا السهو حتّى يتكلّم بشيء ... » إلخ ، حيث دلّت على أنّ القيام في موضع القعود بمجرّده لا يوجب السجود إلاّ أن يتكلّم ، سواء اُريد به الكلام الخارجي كما استظهرناه سابقاً (2) أو القراءة والتسبيح كما قيل فيتنافى مع الصدر الدالّ على أنّ ذلك بمجرّده من الموجبات . فهي لا تخلو عن التشويش الموجب للإجمال ، فتسقط عن صلاحية الاستدلال .
والعمدة هي الصحيحة . إلاّ أ نّه تعارضها روايات اُخرى ظاهرة في عدم الوجوب كصحيحة الحلبي : «إذا قمت في الركعتين من ظهر أو غيرها فلم تتشهّد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل أن تركع فاجلس وتشهّد وقم فأتمّ صلاتك ، وإن أنت لم تذكر حتّى تركع فامض في صلاتك حتّى تفرغ ، فاذا فرغت فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل أن تتكلّم»(3) ، وبمضمونها صحيحة الفضيل (4) .
فقد فصّل (عليه السلام) بين التذكّر قبل الركوع والتذكّر بعده ، وحكم في الشقّ الثاني بوجوب سجدة السهو، ومن المعلوم أنّ التفصيل قاطع للشركة فيظهر من ذلك عدم الوجوب في الشقّ الأوّل ، مع أنّ المفروض هناك القيام في موضع القعود سهواً ، فلو كان ذلك من الموجبات وكان السجود واجباً عليه
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 250 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 32 ح 2 .
(2) في ص 339 .
(3) الوسائل 6 : 406 / أبواب التشهد ب 9 ح 3 .
(4) الوسائل 6 : 405 / أبواب التشهد ب 9 ح 1 .
ــ[360]ــ
أيضاً لما اتّجه التفصيل بينهما كما لا يخفى .
وأوضح منهما رواية اُخرى للحلبي ـ وإن كانت ضعيفة السند بطرقها الثلاثة من أجل محمّد بن سنان ـ قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يسهو في الصلاة فينسى التشهّد ، قال : يرجع فيتشهّد ، قلت : أيسجد سجدتي السهو ، فقال : لا ، ليس في هذا سجدتا السهو» (1) .
وقد تضمّنت التصريح بنفي السجدة ، مع أنّ إطلاقها يشمل ما لو كان المنسي التشهّد الأوّل وقد قام إلى الركعة الثالثة . فحكمه (عليه السلام) بالرجوع نافياً للسجدة يدلّ على عدم كون القيام في موضع القعود من الموجبات ، نعم لا بدّ من تقييد الإطلاق بما إذا لم يكن التذكّر بعد الدخول في الركوع ، وإلاّ فلا رجوع حينئذ ، بل يسجد السجدتين بعد الصلاة بمقتضى النصوص المتقدّمة وغيرها .
وأوضح منها صحيحة أبي بصير المتقدّمة سابقاً (2) التي عرفت أ نّها مرويّة بطريقين أحدهما صحيح فتصلح للاستدلال ـ وإن كان طريقها الآخر ضعيفاً بمحمّد بن سنان ـ قال : «سألته عمّن نسي أن يسجد سجدة واحدة فذكرها وهو قائم، قال : يسجدها إذا ذكرها ما لم يركع، فان كان قد ركع فليمض على صلاته فاذا انصرف قضاها ، وليس عليه سهو» (3) ، فانّ المفروض فيها القيام في موضع القعود ، وقد حكم (عليه السلام) صريحاً بنفي سجدة السهو ، وإن وجب عليه القضاء في إحدى الصورتين .
وعلى الجملة : فهذه النصوص ظاهرة بل صريحة في نفي سجدة السهو لمجرّد القيام في موضع القعود ، فتكون معارضة لصحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 406 / أبواب التشهد ب 9 ح 4 .
(2) في ص 355 .
(3) الوسائل 6 : 365 / أبواب السجود ب 14 ح 4 .
|