وأمّا إذا كان فرداً واحداً من نوع واحد مع تعدّد السهو بأن سها ثانياً بعد الالتفات فأتمّ كلامه السابق على نحو يعدّ المجموع كلاماً واحداً كما لو قال : زيد ، فأتى بالمبتدأ ساهياً وتذكّر ، ثمّ سها ثانياً وأتى بخبره فقال : قائم ، وهكذا في الفعل ومعموله ، بحيث يعدّ المجموع فرداً واحداً من الكلام ، فهل هو من تعدّد الموجب نظراً إلى تعدّد السهو فيتكرّر السجود ، أم من وحدته باعتبار وحدة الكلام الذي تعلّق به السهو فلا يتكـرّر ؟ ظاهر عبارة المـتن بل صريحه هو الأوّل .
وهذا هو الصحيح ، فانّ المستفاد من الأدلّة أنّ العبرة في وجوب السجدة بنفس السهو، أو فقل التكلّم ساهياً ، فانّه المأخوذ في لسان الأخبار ، ولا اعتبار بما تعلّق به السهو أعني ذات التكلّم ، لعدم كونه موضوعاً للحكم .
فمتى تكرّر السهو تكرّر الموجب وإن اتّحد المـتعلّق ، لصدق التكلّم ساهياً مرّتين ، فلا بدّ لكلّ منهما من سجدتين ، بحيث لو لوحظ كلّ منهما مستقلاًّ وكان وحده مجرّداً عن الآخر لكان سبباً مستقلاً للسجود ، فلدى انضمام السهوين وجب السجود مرّتين لا محالة .
كما أ نّه مع اتّحاد السهو لم يكن ثمّة عدا وجوب واحد ، وإن تكرّر أفراد متعلّقه كما في الكلام الطويل الذي تعلّق به سهو واحد مستمرّ من غير تخلّل ذكر في البين ، فانّ مجموعه يعدّ موجباً واحداً ، لصدوره عن منشأ واحد .
ــ[376]ــ
ويرشدك إلى ما ذكرناه إضافة السجدتين إلى السهو ، وتوصيفهما بالمرغمتين في غير واحد من الأخبار باعتبار إرغام أنف الشيطان الكاره للسجود ، مجازاة له على فعل السهو وإلقاء المصلّي فيه ، فانّها تكشف عن أنّ السببية إنّما تناط بنفس السهو ، وأ نّه المدار في مراعاة وحدة السجود وتعدّده ، فلا اعتبار باتّحاد متعلّقه وعدمه .
ومنه تعرف أنّ الصيغ الثلاث للسلام موجب واحد ، لصدور الكلّ عن سهو واحد وإن تعدّد المتعلّق وتكثّرت الأفراد ، فلا يقسّط السبب عليها .
على أنّ النصوص الدالّة على سجود السهو للسلام الزائد (1) ظاهرة في ذلك حيث إنّ الواقع منه في غير محلّه إنّما يقع على حدّ وقوعه في المحلّ ، الذي هو مشتمل حينئذ على الصيغ الثلاث غالباً ، بل ومع التشهّد أحياناً كما لو سلّم ساهياً في الركعة الاُولى أو الثالثة من الرباعية ، فيكتفى عن الكلّ بسجود واحد بمقتضى إطلاق تلك النصوص .
كما تعرف أيضاً أنّ نقصان التسبيحات الأربع موجب واحد ، كما أنّ زيادتها كذلك وإن أتى بها ثلاث مرّات ، فانّه سهو واحد تعلّق بالنقص أو بالزيادة وإن كانت أفراد المتعلّق متعددة بل مؤلفاً من عناوين متباينة كالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير ، فلا يعدّ ذلك زيادات عديدة بعد وحدة السهو المتعلّق بها الذي هو مناط الحكم كما مرّ .
وممّا ذكرنا يظهر النظر فيما أفاده (قدس سره) في المسألة اللاّحقة من أ نّه إذا سها عن سجدة واحدة من الركعة الاُولى مثلاً، وقام وقرأ الحمد والسورة وقنت وكبّر للركوع فتذكّر قبل أن يدخل في الركوع وجب العود للتدارك ، وعليه سجود السهو ست مرّات لتلك الزيادات حسبما فصّله في المتن .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقد تقدم بعضها في ص 347 .
ــ[377]ــ
[ 2104 ] مسألة 3 : إذا سها عن سجدة واحدة من الركعة الاُولى مثلاً وقام وقرأ الحمد والسورة وقنت وكبّر للركوع فتذكّر قبل أن يدخل في الركوع وجب العود للتدارك ، وعليه سجود السهو ستّ مرّات ((1)) (1) ، مرّة لقوله : بحول الله ، ومرّة للقيام ، ومرّة للحمد ، ومرّة للسورة ، ومرّة للقنوت ، ومرّة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فانّ مقتضى ما ذكرناه من كون المعيار وحدة السهو وتعدّده وجوب السجدتين مرّة واحدة ، لأنّ الكلّ قد نشأ عن سهو واحد ، وإلاّ فلو كان المدار على لحاظ المتعلّق وتقسيط السبب حسب تعدّده وجب لحاظ تعدّد السبب حينئذ بعدد الآيات ، بل الكلمات ، بل الحروف على المختار أو كلّ حرفين على المعروف من اعتبار الاشتمال عليهما في صدق التكلّم السهوي الموجب للسجدة على الخلاف المتقدّم في محلّه (2) والكلّ كما ترى .
وعلى الجملة : إن كان المدار على ملاحظة السهو نفسه لم يجب في البين عدا السجدتين مرّة واحدة ، لنشئ المجموع عن سهو واحد ، فلم يكن ثمّة إلاّ زيادة واحدة ، وهذا هو الصحيح . وإن كان المدار على ملاحظة المتعلّق لزم التقسيط حسب التفصيل المتقدّم . فالتفكيك الذي صنعه في المتن غير ظاهر الوجه .
هذا كلّه بناءً على تسليم وجوب السجود لكلّ زيادة ونقيصة ، وإلاّ فالأمر أوضح ، فانّه لا يجب عليه حينئذ إلاّ مرّة واحدة لأجل القيام في موضع القعود الذي هو بنفسه سبب مستقلّ على القول به ، ولا يجب لما عداه على كلّ تقدير .
(1) قد مرّ ما فيه آنفاً فلاحظ .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على الأحوط فيه وفيما بعده كما مرّ .
(2) في ص 344 .
ــ[378]ــ
لتكبير الركوع ، وهكذا يتكرّر خمس مرّات لو ترك التشهّد وقام وأتى بالتسبيحات والاستغفار بعدها وكبّر للركوع فتذكّر .
|