ــ[393]ــ
ثمّ يرفع رأسه ويسـجد مرّة اُخرى (1) ويقول ما ذكر ويتشهّد ويسلِّم(2) ويكفي في تسليمه : «السلام عليكم» .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلبي وصدر عن المعصوم (عليه السلام) ، فلا يحصل الفراغ اليقيني إلاّ باختيار التسليم الذي اتّفق الكلّ على روايته .
(1) بلا إشكال ، لتقوّم مفهوم التعدّد المأمور به بذلك ، إذ لا تتحقّق الاثنينيّة والسجود مرّتين إلاّ برفع الرأس والسجود ثانياً .
(2) المعروف والمشهور وجوب التشهّد والتسليم في سجدتي السهو ، وذهب جماعة إلى استحبابهما ، والكلام في ذلك هو الكلام في الذكر بعينه ، إذ قد ورد الأمر بهما في بعض النصوص .
ففي صحيحة الحلبي الأمر بالتشهّد ، قال : «إذا لم تدر أربعاً صلّيت أم خمساً أم نقصت أم زدت فتشهّد وسلّم، واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة، تتشهّد فيهما تشهّداً خفيفاً» (1) .
وفي صحيح ابن سنان الأمر بالتسليم ، قال : «إذا كنت لا تدري أربعاً صلّيت أم خمساً فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ، ثمّ سلّم بعدهما» (2) ونحوهما غيرهما . وظاهر الأمر فيهما هو الوجوب .
وليس بازاء ذلك عدا موثّقـة عمّار المتقـدّمة المصرّحة بأ نّه ليس فيهما إلاّ السجدتان فقط (3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ، (2) الوسائل 8 : 224 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 14 ح 4 ، 1 .
(3) الوسائل 8 : 235 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 20 ح 3 ، وقد تقدّمت في ص 389 .
ــ[394]ــ
وأمّا التشهّد فمخيّر بين التشهّد المتعارف والتشهّد الخفيف وهو قوله : «أشهد أنّ لا إله إلاّ الله، أشهد أنّ محمّداً رسول الله، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد» والأحوط الاقتصار على الخفيف((1)). كما أنّ في تشهّد الصلاة أيضاً مخيّر بين القسمين ، لكن الأحوط هناك التشهّد المتعارف كما مرّ سابقاً (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد عرفت امتناع الجمع بالحمل على الاستحباب ، لظهور تلك الأخبار في الوجوب ، وظهور الموثّقة في عدم المشروعية، ولا سبيل للتصرّف في كلا الظهورين بحمل الأمر على الاستحباب وحمل نفي المشروعية على نفي الوجوب ، فانّ ذلك ليس من الجمع العرفي في شيء كما لا يخفى ، فتستقرّ المعارضة بينهما لا محالة .
ولا ريب أنّ الترجيح مع تلك النصوص ، لكونها أشهر قديماً وحديثاً ، سيما وروايات عمّار لا تخلو عن نوع من الاشتباه كما مرّ ، فتطرح الموثّقة ويردّ علمها إلى أهله .
(1) تقدّم في محلّه(2) أنّ نسيان التشهّد موجب لسجود السهو وأ نّه يتشهّد فيه ، ويكتفى به عن التشهّد الفائت للنصوص الدالّة عليه ، فلو كنّا نحن وتلك النصوص لحكمنا بعدم وجوب التشهّد فيما عدا سجود السهو المسبّب عن نسيان التشهّد ، لإطلاق الأمر بالسجدتين في غير واحد من نصوص الباب ، إلاّ أنّ هناك روايات اُخرى دلّتنا على وجوب التشهّد فيما عدا ذاك الموجب أيضاً كما مرّت آنفاً ، ولأجله حكمنا باعتباره في مطلق سجود السهو كما عرفت .
غير أنّ في بعض تلك النصـوص التقييد بالتشهّد الخفيف كما في صحيحة الحلبي المتقدّمة وغيرها، وقد جعله في المتن قبالاً للتشهّد المتعارف وفسّره بقول:
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل الأحوط الإتيان بالتشهّد المتعارف كما كان هو الحال في أصل الصلاة .
(2) في ص 357 ، 98 .
ــ[395]ــ
أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أشهد أنّ محمّداً رسول الله ، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد . ولأجله حكم بالتخيير بينه وبين المتعارف ، جمعاً بين هذه الصحيحة وبين غـيرها ممّا اُطلق فيه الأمر بالتشهّد المنزّل على المتعارف ، وذكر أخيراً أنّ الأحوط الاقتصار عليه حملاً على المقيّد ، هذا .
ولكنّه لم يثبت اصطلاح للشارع في الخفيف كي يفسّر بما ذكر ويحكم بمقابلته مع التشهّد المتعارف ، لعدم الشاهد عليه بوجه ، بل الظاهر أنّ المراد به هو ذلك بعينه ، وإنّما قيّده بالخفيف في مقابل التشهّد الطويل المشتمل على الأذكار المستحبّة المفصّلة ، إيعازاً إلى اختصاص تلك الأذكار بالتشهّد الصلاتي وعدم انسحابها إلى هذا التشهّد ، وإلاّ فنفـس التشهّد لا يراد به في كلا المـوردين إلاّ ما هو المتعارف الذي ينصرف إليه اللفظ عند الإطلاق .
ويكشف عمّا ذكرناه ـ مضافاً إلى ما ذكر ـ موثّقة أبي بصير ، قال : «سألته عن الرجل ينسى أن يتشهّد، قال: يسجد سجدتين يتشهّد فيهما»(1) ، فانّ الظاهر منها بمقتضى اتّحاد السياق أنّ هذا التشهّد هو ذاك التشهّد المنسي ، ولا يراد به معنى آخر وراء ذلك .
وأصرح منها رواية علي بن أبي حمزة قال «قال أبو عبدالله (عليه السلام) : إذا قمت في الركعتين الأولتـين ولم تتشهّد فذكرت قبل أن تركع فاقعد فتشهّد وإن لم تذكر حتّى تركع فامض في صـلاتك كما أنت ، فاذا انصرفت سجدت سجدتين لا ركوع فيهما ، ثمّ تشهّد التشهّد الذي فاتك» (2) ، فانّها وإن لم تصلح للاستدلال لضعف علي بن أبي حمزة البطائني إلاّ أ نّها صالحة للتأييد .
وعلى الجملة : فلم يثبت الاكتفاء بالخفيف بالمعنى الذي ذكره ، لعدم ثبوت اصطلاح خاصّ لهذا اللفظ كما عرفت . فالأقوى هو الإتيان بالتشهّد المتعارف
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 403 / أبواب التشهد ب 7 ح 6 .
(2) الوسائل 8 : 244 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 26 ح 2 .
|