ــ[15]ــ
أمّا لو كانت مفهومية كأن يشكّ في مفهوم الكثرة عرفاً وما به يتحقّق حدّها ومسمّاها ـ بناءً على إناطة التحديد بذلك ـ فلا سبيل حينئذ للتمسّك بالاستصحاب ، لما هو المقرّر في محلّه (1) من عدم جريانه في الشبهات المفهومية حتّى بناءً على القول بجريانه في الشبهات الحكمية ، كما التزم شيخنا الأنصاري (قدس سره) (2) بالتفكيك فأجراه في الشبهة الحكمية دون المفهومية ، ولذا منع عن استصحاب النهار لدى الترديد في مفهوم الغروب الّذي هو غاية للظهرين ومبدأ للعشاءين بين استتار القرص وزوال الحمرة المشرقية ، كما هو موضح في الاُصول .
وعليه فلا مناص من الاقتصار في المفهوم المجمل الدائر بين الأقل والأكثر ـ كما في المقام ـ على المقدار المتيقّن ، والرجوع فيما عداه إلى إطلاقات أدلّة الشكوك ، السليمة عمّا يصلح للتقييد . ولكن عبارة المتن غير ناظرة إلى الشبهة المفهومية قطعاً .
ثمّ إنّ في الشبهة الموضوعية لو لم يعلم بالحالة السابقة بأن تردّدت بين الكثرة وعدمها كما في تعاقب الحالتين والشك في المتقدّم منهما والمتأخّر لا إشكال في عدم جريان الاستصحاب ، إمّا لقصور المقتضي وعدم جريانه في نفسه من أجل عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقـين كما يراه صاحب الكفاية (3) ، أو لوجود المانع وسقوطه بالمعارضة كما هو الصحيح ، وعلى التقديرين فلا مسرح له في المقام .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الاُصول 3 : 234 .
(2) فرائد الاُصول 2 : 605 .
(3) كفاية الاُصول : 420 .
|