ــ[27]ــ
[ 2120 ] مسألة 5 : إذا شكّ في أنّ كثرة شكّه مختص بالمـورد المعـيّن الفلاني أو مطلقاً اقتصر على ذلك المورد (1) .
[ 2121 ] مسألة 6 : لايجب على كثير الشك وغيره ضبط الصلاة بالحصى أو السبحة أو الخاتم أو نحو ذلك ، وإن كان أحوط في من كثر شكّه(2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعلّق الأمر بها بما لها من الأجزاء ، وعليه فجواز الإتيان بالمشكوك فيه موقوف على قيام الدليل ، وبدونه تشريع محرّم ، والمفروض فقدان الدليل في المقام .
فان قلت : كفى دليلاً ظهور الأمر الواقع عقيب الحظر في الجواز ، فانّ جواز ترك الاعتناء مساوق لجواز الاعتناء ، لقيام مفهوم الجواز بالطرفين .
قلت : لا يراد بالجواز المدّعى ظهور الأمر فيه الجوازُ المصطلح بمعنى الإباحة الشرعية التي هي من أحد الأحكام الخمسة ، بل المراد الجواز بالمعنى الأعم أعني مجرّد نفي البأس في المضي ، وهذا لا يدل على مشروعية ترك المضي والإتيان بالفعل كما لا يخفى ، فتدبّر جيّداً .
وعلى الجملة : فلا حاجة إلى إثبات ظهور الأمر في الوجوب ، مع أ نّه لا إشكال في ظهوره فيه في المقام حسبما عرفت .
(1) أخذاً بالمقدار المتيقّن ، فيرجع في الزائد المشكوك فيه إلى استصحاب عدم الكثرة .
(2) كما لا يجب عليه تخفيف الصلاة والاقتصـار على أقلّ الواجب دفعاً للشك ، للأصل وإطلاق الأدلّة . وهذا هو المعروف المشهور ، بل من غير خلاف يعرف .
ولكن هناك عدّة روايات قد يقال أو قيل بظهورها في الوجوب ، مع أنّ
ــ[28]ــ
شيئاً منها لا تدلّ عليه .
فمنها : معتبرة حبيب الخثعمي قال : «شكوت إلى أبي عبدالله (عليه السلام) كثرة السهو في الصلاة ، فقال: احص صلاتك بالحصى، أو قال احفظها بالحصى»(1) .
وهي كما ترى قاصرة الدلالة على الحكم الشرعي ، إذ غايتها الشكاية عن هذا المرض وطلب العلاج ، فعلّمه (عليه السلام) كيفية العلاج . فالأمر محمول على الإرشاد لا محالة .
ونظيرها صحيحة عمر بن يزيد قال: «شكوتُ إلى أبي عبدالله (عليه السلام) السهو في المغرب ، فقال: صلّها بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) و (قُلْ يَا أَ يُّهَا ا لْكَافِرُونَ )ففعلت ذلك فذهب عنِّي» (2) .
بل إنّ ذيلها شاهد على المطلب ، لعدم وجوب السورتين بالضرورة . فهاتان الصحيحتان لا تدلاّن لا على الوجوب ولا الاستحباب ، بل هما مسوقتان للعلاج إمّا لكثرة السهو كما في الاُولى ، أو لأصل السهو كما في الثانية .
ومنها : رواية حبيب بن المعلّى : «أ نّه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) فقال له : إنِّي رجل كثير السهو ، فما أحفظ صلاتي إلاّ بخاتمي ، اُحوّله من مكان إلى مكان ؟ فقال : لا بأس به» (3) .
وهي مضافاً إلى ضعف السند لا تدل إلاّ على الجواز ، كمعتبرة عبدالله بن المغيرة (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 247 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 28 ح 1 .
(2) الوسائل 8 : 236 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 22 ح 1 .
(3) الوسائل 8 : 247 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 28 ح 2 .
(4) الوسائل 8 : 247 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 28 ح 3 .
ــ[29]ــ
ونحوهما صحيحة عمران الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) أ نّه قال : «ينبغي تخفيف الصلاة من أجل السهو» (1) .
بناءً على أنّ كلمة «ينبغي» ـ التي لا تسـتعمل إلاّ بصيغة المضارع ـ بمعنى يتيسّر كما هو كذلك لغة(2)، وكذا في الكتاب العزيز قال تعالى : (لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا ) إلخ (3) ، أي لا يتيسّر لها ، وعليه فلا تدل في المقام إلاّ على الجواز . نعم ، لو حملناها على المعنى المتعارف الدارج في العرف الحاضر فغايته الاستحباب .
ولم يبق في البين إلاّ رواية واحدة قد يتوهّم ظهورها في الوجوب ، وهي موثّقة عبيدالله الحلبي قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن السهو، قلت : فانّه يكثر عليّ ، فقال : ادرج صلاتك ادراجاً ، قلت : وأي شيء الادراج ؟ قال : ثلاث تسبيحات في الركوع والسجود» (4) .
وفيه : أ نّها في نفسها غير ظاهرة في الوجوب ، إذ لم يعلم أ نّه سئل عن حكمه أو عن علاجه ، ولو سلّم فيرفع اليد عن ظهورها وتحمل على العلاج بقرينة الروايات المتقدّمة .
فتحصّل : أنّ الضبط أو التخفيف غير واجب وإن كان ذلك أحوط في من كثر شكّه كما في المتن ، خروجاً عما توهمه بعض النصوص المتقدّمة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 236 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 22 ح 2 .
(2) المنجد : 44 مادّة بغى .
(3) يس 36 : 40 .
(4) الوسائل 8 : 236 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 22 ح 3 .
|