ــ[97]ــ
وأمّا الظن المتعلِّق بالأفعال ففي كونه كالشك أو كاليقين إشكال((1)) (1)، فاللاّزم مراعاة الاحتياط . وتظهر الثمرة فيما إذا ظنّ بالإتيان وهو في المحل أو ظنّ بعدم الإتيان بعد الدخول في الغير ، وأمّا الظن بعدم الإتيان وهو في المحل أو الظن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إكمال السجدتين فمع حصول الظن بالصحيح وهو الثلاث في الأوّل ، والأربع في الثاني عمل به بمقتضى دليل حجّيته .
وأمّا لو حصل له الظن بالبطلان وهو الخمس فماذا يصنع لو لم يعمل على طبق ظنّـه ؟ فانّه لو لم يكن حجّة في حقّه فغايته أ نّه شاك فاقد للحجّة ، وقد عرفت عدم جواز المضي على الشك ، فبالأخرة تكون صلاته محكومة بالبطلان فيتّحد بحسب النتيجة مع القول بحجّية الظنّ المتعلّق بالبطلان في أمثال هذه الموارد ، أعني ما إذا كان الشكّ بنفسه مبطلاً وإن لم يحصل له الظن به كما في المثالين ، وإن كان ربما يتخلّف كالشك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين كما لا يخفى .
وكيف ما كان ، فهذا الاتِّحاد الغالبي بحسب النتيجة يؤيِّد ما استظهرناه من الصحيحة من الدلالة على حجّية الظن مطلقاً ، سواء أكان موجباً للصحّة أم البطلان .
(1) فالمعروف والمشهور شهرة عظيمة إلحاقه باليقين ، وأنّ الظن المتعلّق بالأفعال حجّة كما في الركعات ، بل عن المحقّق الثاني نفي الخلاف فيه (2) .
وعن جماعة من المتأخِّرين عدم حجّيته وكونه ملحقاً بالشك ، واستشكل فيه الماتن ، ومن ثمّ احتاط بالوجهين الآتيين .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) والأظهر أ نّه كالشك .
(2) شرح الألفيّة (رسائل المحقق الكركي 3) : 310 .
ــ[98]ــ
بالإتيان بعد الدخول في الغير فلا يتفاوت الحال في كونه كالشك أو كاليقين إذ على التقديرين يجب الإتيان به في الأوّل ويجب المضيّ في الثاني ، وحينئذ فنقول : إن كان المشكوك قراءة أو ذكراً أو دعاءً يتحقّق الاحتياط باتيانه بقصد القربة ، وإن كان من الأفعال فالاحتياط فيه أن يعمل بالظن ثمّ يعيد الصلاة ، مثلاً إذا شكّ في أ نّه سجد سجدة واحدة أو اثنتين وهو جالس لم يدخل في التشهّد أو القيام وظنّ الاثنتين يبني على ذلك ويتم الصلاة ثمّ يحتاط بإعادتها ، وكذا إذا دخل في القيام أو التشهّد وظنّ أ نّها واحدة يرجع ويأتي باُخرى ويتم الصلاة ثمّ يعيدها ، وهكذا في سائر الأفعال . وله أن لا يعمل بالظن ، بل يجري عليه حكم الشك ويتم الصلاة ثمّ يعيدها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتظهر الثمرة على ما نبّه عليه في المتن في موردين :
أحدهما : ما إذا ظنّ بالإتيان وهو في المحل ، كما لو تردّد في السجدة الثانية قبل الدخول في التشهّد وهو ظانّ باتيان السجدتين ، فانّه يمضي في صلاته لو كان الظنّ حجّة ، وإلاّ رجع وتدارك استناداً إلى قاعدة الشك في المحل ، بخلاف ما لو كان ظانّاً حينئذ بعدم الإتيان ، فانّه يلزمه الإتيان على التقديرين .
ثانيهما : ما لو ظنّ بعدم الإتيان بعد تجاوز المحل والدخول في الغير ، فانّه يلزمه الرجوع لو كان الظن كاليقين ، وإلاّ فلا يعتني بشكّه ، استناداً إلى قاعدة التجاوز . وأمّا لو كان ظانّاً حينئذ بالإتيان فلا رجوع على التقديرين . فيقع الكلام عندئذ في مستند القول بحجّية الظنّ في الأفعال .
فنقول : قد ورد في جملة من النصوص لزوم الاعتناء بالشك إن كان في المحل وعدم الاعتناء إن كان في خارجه ، وقد دلّت على ذلك روايات قاعدة التجاوز
ــ[99]ــ
بصورة عامّة وبعض النصوص الواردة في الموارد الخاصّة كالشك في الركوع .
والمستفاد من ذلك أنّ الاعتبار بنفس الشك الّذي هو خلاف اليقين ، وأ نّه يعتني به إن كان في المحل حتّى يستيقن ، ولا يعتني إن كان في خارجه إلاّ إذا أيقن بالخلاف ، من غير فرق بين حصول الظن وعدمه في الموردين بمقتضى الإطلاق ، بل قد ورد التصريح باليقين في جملة من النصوص .
منها : صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) «في الّذي يذكر أ نّه لم يكبِّر في أوّل صلاته ، فقال : إذا استيقن أ نّه لم يكبِّر فليعد ، ولكن كيف يستيقن ؟ » (1) فانّ الاستعجاب عن حصول اليقين إنّما يتّجه لو اُريد به الصفة الخاصّة ، وإلاّ فلا مورد للتعجّب لو اُريد به ما يشمل الظن كما لا يخفى .
ومنها : صحيحة أبي بصير «إذا أيقن الرجل أ نّه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استأنف الصلاة» (2) دلّت بمقتضى المفهوم على عدم الاستئناف ما لم يتيقّن بترك الركعة أي الركوع ، سواء حصل الظن بالترك أم لا .
ومنها : رواية أبي بصير «عن رجل شكّ فلم يدر سجدة سجد أم سجدتين قال : يسجد حتّى يستيقن أ نّهما سجدتان»(3) دلّت على لزوم تحصيل اليقين لدى عروض الشك في المحل ، فلا يجوز المضي بدونه وإن حصل له الظن .
ولكنّها ضعيفة السند بمحمّد بن سنان ، فلا تصلح إلاّ للتأييد . وفي الأولتين غنى وكفاية ، ولا سيما اُولاهما المشتملة على الاستعجاب كما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 6 : 13 / أبواب تكبيرة الإحرام ب 2 ح 2 .
(2) الوسائل 6 : 313 / أبواب الركوع ب 10 ح 3 .
(3) الوسائل 6 : 368 / أبواب السجود ب 15 ح 3 .
ــ[100]ــ
وعلى الجملة : فمقـتضى هذه الإطلاقات عدم حجّية الظن المتعلّق بالأفعال فلا بدّ للقائل بالحجّية من إقامة الدليل لنخرج به عن مقتضاها ، وإلاّ فتلك المطلقات هي المحكّمة .
|