الخامسة عشرة : العلم إجمالاً في السجدة الثانية بترك ركن أو غيره 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4146


ــ[176]ــ

   [ 2148 ] المسألة الخامسة عشرة : إن علم بعدما دخل في السجدة الثانية مثلاً أ نّه إمّا ترك القراءة أو الركوع أو أ نّه إمّا ترك سـجدة من الركعة السابقة أو ركوع هذه الركعة (1) وجب عليه الإعادة ((1)) ، لكن الأحوط هنا أيضاً إتمام الصلاة وسجدتا السهو في الفرض الأوّل ، وقضاء السجدة مع سجدتي السهو في الفرض الثاني ثمّ الإعادة ، ولو كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة فكذلك .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يجب قضاء السجدتين في الصورة الاُولى ، والإتيان بهما في المحل في الصورة الثانية ، بل الثالثة أيضاً حسب التفصيل الّذي قدّمناه .

   (1) بأن كان أحد طرفي العلم الإجمالي الحاصل بعد الدخول في السجدة الثانية من الركعة الثانية مثلاً ترك الركن ، وهو الركوع من هذه الركعة ، والطرف الآخر ترك جزء غير ركني ، وهو تارة يكون ممّا أثر تركه القضاء كالسجدة الواحدة من الركعة السابقة ، واُخرى يكون أثره سجود السهو كالقراءة بناءً على وجوبه لكلّ زيادة ونقيصة ، ومن هنا مثّل له الماتن (قدس سره) بمثالين فنقول :

   لا ريب في عدم جواز الرجوع حينئذ لتدارك المنسي بعد فرض كونه داخلاً في الركن وهو السجدة الثانية ، فانّ ذلك لم يكن جائزاً حتّى مع العلم التفصيلي فضلاً عن الإجمالي ، وهو واضح .

   وأمّا بلحاظ الأثر المترتِّب عليه من البطلان تارة والقضاء أو سجود السهو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يبعد عدم وجـوبها واخـتصاص الشك في الركوع بجريان قاعدة التجاوز فيه فيحكم بعدم الإتيان بالقراءة أو بالسجدة من الركعة السابقة ، وبه يظهر الحال فيما إذا كان الشك بعد الفراغ .

ــ[177]ــ

اُخرى فقد ذكر في المتن أ نّه لا بدّ من الإعادة ، وإن كان الأحوط ضمّ القضاء أو سجود السهو قبل ذلك ، نظراً إلى سقوط قاعدتي التجاوز الجاريتين في الطرفين بالمعارضة ، فتجب الإعادة حينئذ بأحد تقريبين :

   إمّا بأن يقال : إنّه يعلم إجمالاً إمّا بوجـوب الإعادة لو كان المتروك هو الركوع ، أو بوجوب القضاء أو سجود السهو لو كان هو السجدة أو القراءة فلا بدّ من الجمع بينهما عملاً بالعلم الإجمالي ، ولكن حيث إنّه ينحل بالأصل المثبت والنافي لكون الأوّل مجرى لقاعدة الاشتغال ، والثاني مورداً لأصالة البراءة ، فلا تجب عليه إلاّ الإعادة ، وإن كان الأحوط ضمّ الآخرين رعاية للاحتمال الآخر .

   أو يقال : إنّ المرجع بعد فرض سقوط القاعدة بالمعارضة كما مرّ أصالة عدم الإتيان بالركوع المقتضية للإعادة بعدما عرفت من عدم إمكان التدارك ، ولا تعارض بأصالة عدم الإتيان بالسجدة الواحدة أو بالقراءة بعد فرض عدم لزوم المخالفة القطعية العملية من جريانهما التي هي مناط المعارضة ، بل لا مجال لإعمال الثاني بعد إعمال الأصل الأوّل الموجب للبطلان ، فانّ أثر الثاني القضاء أو سجود السهو غير الثابتين إلاّ في صلاة محكومة بالصحّة ، والمفروض هنا بطلانها بمقتضى الأصل الأوّل كما عرفت .

   أقول :  كلا التقريبين مبنيان على جريان قاعدة التجاوز في الطرفـين وسقوطهما بالمعارضة كما ذكرناه .

   ولكن التحقيق عدم المعارضة على ضوء ما بيّناه في المسألة السابقة ، حيث عرفت ثمة أنّ أثر النقص في أحد طرفي العلم الإجمالي لو كان هو البطلان ، وفي الطرف الآخر شيء آخر من القضاء أو سجود السهو ونحو ذلك ممّا هو متفرّع على صحّة الصلاة اختصّ الأوّل بجريان الأصل وما يشبهه من القواعد المصحّحة ، ولا يكاد يجري في الثاني ، نظراً إلى أنّ المناط في تنجيز العلم

ــ[178]ــ

الإجمالي تعارض الاُصول وما ضاهاها الجارية في الأطراف .

   والضابط في المعارضة لزوم المخالفة العملية من الجمع بينها والترجيح من غير مرجّح من التخصيص بالبعض . فلا تعارض لدى انتفاء أحد الأمرين .

   وهذا الضابط غير منطبق على المقام ونحوه ممّا كان طرفا العلم من قبيل ما عرفت ، لانتفاء الأمر الثاني وهو الترجيح من غير مرجّح ، لوجود المرجّح .

   حيث إنّ قاعدة التجاوز في الطرف الّذي أثر نقصه البطلان تجري من غير توقّفـه على شيء ، وأمّا في الطرف الآخر الّذي اثر نقصه القضـاء مثلاً فهو موقوف على إحراز الصحّة، وبدونه لايترتّب أثر على القاعدة بوجه . ولا سبيل إلى الإحراز إلاّ بعد الإجراء في ذاك الطرف الّذي يندفع معه البطلان فيكون الترجيح معه ، وبعدئذ لا تجري في هذا الطرف للزوم المخالفة العملية .

   فالقاعدة لا تجري في هذا الطرف لا وحده لعدم الأثر ، ولا منضمّاً للزوم المخالفة ، فيختص جريانها بالأوّل لا محالة ، فيكون سليماً عن المعارض .

   وعليه ففي المـقام يرجع إلى قاعدة التجاوز في الركوع من غير معارض وبها تحرز صحّة الصلاة فلا حاجة إلى الإعادة ، وأمّا في السجود أو القراءة فالمرجع أصالة عدم الإتيان ، ونتيجته القضاء في الأوّل وسجود السهو في الثاني . فصحّة الصلاة تثبت بقاعدة التجاوز ، والقضاء أو سجدة السهو بمقتضى الاستصحاب ، وبذلك ينحل العلم الإجمالي .

   هذا كلّه فيما إذا حصل العلم الإجمالي بعد الدخول في السجدة الثانية الّذي هو مفروض كلام الماتن (قدس سره) .

   ولم يتعرّض (قدس سره) لما إذا حصل بعد الدخول في السجدة الاُولى ، ولا بأس بالإشارة إلى حكمه فنقول :

   إذا بنينا على فوات محل التدارك بمجرّد الدخول في السجدة الاُولى كما لعلّه

ــ[179]ــ

المشهور ، نظراً إلى أ نّه محقّق للدخول في الركن كان حكمه حينئذ حكم الدخول في السجدة الثانية ، فيجري فيه ما مرّ .

   وأمّا إذا بنينا على بقاء المحل وجواز الرجوع لتدارك المنسي كما هو الصحيح فربما يتوهّم أنّ قاعدة التجاوز جارية حينئذ في كل من الطرفين في حدّ نفسها لفرض صحّة الصلاة على التقديرين بعد إمكان العود والتدارك ، لبقاء المحل الذكري للركوع ، ولازمه بعد تساقط القاعدتين بالمعارضة الرجوع إلى الاستصحابين ، فيرجع ويأتي بالسجدة الواحدة أو القراءة ثمّ يركع استناداً إلى أصالة عدم الإتيان الجارية في كلّ منهما من غير تعارض ، لعدم استلزام المخالفة العملية .

   وأمّا العلم الإجمالي المتولّد بعد الرجوع المتعلِّق بالبطلان على تقدير زيادة الركوع أو سجود السهو على تقدير زيادة السجدة الواحدة أو القراءة فقد مرّ الجواب عنه في ذيل المسألة السابقة فلاحظ .

   ولكن التحقيق عدم المعارضة ، فلا تجري القاعدة إلاّ في الركوع دون غيره من القراءة أو السجود ، لعدم ترتّب الأثر فيهما ، للقطع بعدم الحاجة إلى العود وعدم موضوع للتدارك ، فلا يحتمل بقاء الأمر بهما لنحتاج إلى المؤمّن ، فنتمسّك بالقاعدة .

   لأ نّه إن كان قد أتى بهما فقد سقط أمرهما ، وإن كان قد أتى بالركوع فقد فات محل التدارك بالدخول في الركن . فالأمر بالعود والرجـوع ساقط جزماً فلا شك من ناحيته ليكون مورداً لجريان قاعدة التجاوز ، بل المرجع فيهما أصالة عدم الإتيان . فتجري القاعدة في الركوع المحتمل بقاء أمره من غير معارض ، ونتيجة ذلك الحكم بصحّة الصلاة استناداً إلى القاعدة ، وبوجوب القضاء أو سجود السهو عملاً بالاستصحاب .

ــ[180]ــ

   نعم ، قد يقال بأنّ القاعدة وإن لم تكن جارية في القراءة والسجدة بلحاظ أثرهما الداخلي وهو العود والرجوع كما ذكر إلاّ أ نّها تجري فيهما بلحاظ الأثر الخارجي وهو القضاء أو سجود السهو فتنفيهما وتكون مؤمّنة عنهما ، وبما أ نّها جارية في الركوع أيضاً فتسقطان بالمعارضة .

   ويندفع :  بامتناع الجريان فيهما حتّى بلحاظ هذا الأثر ، إذ يلزم من فرض الجريان عدمه ، فانّ الأثر المرغوب منه إنّما هو التأمين من ناحية القضاء أو سجود السهو حسب الفرض ، فلا بدّ وأن يكون هذا الأثر مشكوكاً فيه لنحتاج إلى المؤمّن ويتحقّق معه موضوع التمسّك بالقاعدة ، مع أ نّه يلزم من جريانها انتفاء الشك وحصول القطع الوجداني بعدم الحاجة إلى القضاء أو سجدتي السهو .

   فانّ القاعدة لا تجري حينئذ في الركوع بالضرورة ، للزوم المخالفة العملية ، بل المرجع فيه أصالة العدم ، فيجب الرجوع لتدارك الركوع بطبيعة الحال ، وبعدما ركع يقطع بعدم الحاجة إليهما وأ نّه مأمون من ناحيتهما .

   فانّ المتروك إن كان هو الركوع فقد أتى بالقراءة أو السجدة فلا موضوع للأثر المزبور ، وإن كان غيره فحيث إنّه أتى بالركوع ثانياً بمقتضى الاستصحاب فقد بطلت الصلاة لزيادة الركن ، ولا قضاء كما لا سجود للسهو في الصلاة الباطلة ، فيقطع بعدم الحاجة إليهما على التقديرين كما ذكرناه . فتلغو فائدة الجريان ، بل يلزم من وجوده العدم كما مرّ .

   وعلى الجملة : فلا تجري القاعدة فيهما وفي الركوع للزوم المخالفة ، ولا فيهما فقط للقطع بعدم الأثر بعد كون الركوع حينئذ مورداً لأصالة العدم . فالقاعدة التي شرعت بمناط المؤمّنية غير جارية في أمثال المقام ممّا يقطع بعدم ترتيب الأثر المرغوب على الجريان .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net