نجاسة الميتة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6751


    نجاسة الميتة :

   (2) وهو مما لا إشكال فيه ، وقد وردت نجاستها في عدة روايات يمكن دعوى تواترها إجمالاً وإليك بعضها :

   منها : ما ورد في السمن أو الزيت أو غيرهما تقع فيه الميتة أو تموت فيه الفأرة أو غيرها ، من الأمر باهراقه أو الاستصباح به إذا كان مائعاً وإلقائه وما يليه إذا كان جامداً (2) .

   ومنها : ما ورد من الأمر باعادة الوضوء وغسل الثوب فيما إذا توضأ من الماء القليل ثم وجد فيه ميتة (3) .

   ومنها : ما ورد في البئر من الأخبار الآمرة بنزحها لموت الفأرة أو الدجاجة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 498 / أبواب النجاسات ب 55 ح 1 .

(2) ورد ذلك في عدّة كثيرة من الأخبار منها صحيحة زرارة أو حسنته عن الباقر (عليه السلام) قال : «إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت فيه فان كان جامداً فألقها وما يليها وكل ما بقي ، وإن كان ذائباً فلا تأكله واستصبح به ، والزيت مثل ذلك» . ومنها غير ذلك من الأخبار المروية في الوسائل 24 : 194 / أبواب الأطعمة المحرمة ب 43 ح 2 ، 3 ، وغيرهما . وكذا في الوسائل 17 : 97 / أبواب ما يكتسب به ب 6 ح 1 ، 2 ، 3 .

(3) كموثقة عمار الساباطي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «عن رجل يجد في إنائه فأرة وقد توضأ من ذلك الاناء مراراً أو اغتسل منه أو غسل ثيابه وقد كانت الفأرة متسلخة ، فقال : إن كان رآها في الاناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثم يفعل ذلك بعد ما رآها في الاناء فعليه أن يغسل ثيابه ويغسل كل ما أصابه ذلك الماء ويعيد الوضوء والصلاة ...» المروية في الوسائل 1 : 142 / أبواب الماء المطلق ب 4 ح 1 .

ــ[420]ــ

ونحوهما أو لوقوع الميتة فيها (1) فان النزح وإن لم يكن واجباً حينئذ لعدم نجاسة البئر بملاقاة النجس إلاّ أن نزح مائها ولو للاستحباب مستند إلى نجاسة ما وقع فيها من الميتة ، ومنها غير ذلك من الأخبار الكثيرة .

   والانصاف أنه لم ترد في شيء من أعيان النجاسات بمقدار ما ورد في نجاسة الميتة من الأخبار كما اعترف بذلك المحقق الهمداني (قدس سره) (2) ومن العجيب ما نسب إلى صاحب المعالم (قدس سره) من أن العمدة في نجاسة الميتة هو الاجماع وقصور الأخبار عن إثبات نجاسـتها (3) ، وأعجب من ذلك ما حكي عن صاحب المدارك (قدس سره) (4) من المناقشة في نجاسة الميتة بدعوى انحصار مدرك القول بنجاستها في الاجماع ، واستظهر عدم تمامية الاجماع في المسألة ، وخروجاً عن وحشة التفرد فيما ذهب إليه نسب القول بطهارة الميتة إلى الصدوق (قدس سره) ، لأنه روى مرسلاً عن الصادق (عليه السلام) «أنه سئل عن جلود الميتة يجعل فيها اللّبن والماء والسمن ما ترى فيه ؟ فقال : لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن وتتوضّأ منه وتشرب، ولكن لا تصلّ فيها»(5) وقد التزم في أوائل كتابه أن لا يورد فيه إلاّ ما  يفتي ويحكم بصحته ويعتقد أنه حجة فيما بينه وبين الله تعالت قدرته ، وبذلك صح إسناد القول بطهارة الميتة إليه ، وفيه :

   أوّلاً : أن الدليل على نجاسة الميتة غير منحصر في الاجماع فان الأخبار في نجاستها كثيرة بل متواترة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كما في صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) «عن البئر تقع فيها الميتة فقال : إن كان لها ريح نزح منها عشرون دلواً ...» المروية في الوسائل 1 : 195 / أبواب الماء المطلق ب  22 ح 1 وعن أبي بصير قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عما يقع في الآبار ؟ فقال أمّا الفأرة وأشباهها فينزح منها سبع دلاء إلاّ أن يتغيّر الماء فينزح حتى يطيب ...» إلى غير ذلك من الأخبار المروية في الوسائل 1 : 185 / أبواب الماء المطلق ب 17 ح 11 ، 2 ، 3 .

(2) مصباح الفقيه (الطهارة) : 523 السطر 4 .

(3) المعالم (فقه) : 222 .

(4) المدارك 2 : 268 .

(5) الفقيه 1 : 9 / 15 .

 
 

ــ[421]ــ

   وثانياً : أن نجاسة البول مما لا مناقشة فيه عنده (قدس سره) وهي إنما استفيدت من الأمر بغسل ما أصابه ، ومعه فلماذا لا يلتزم بنجاسة الميتة في المقام ؟ وقد ورد في غير واحد من الأخبار الأمر بغسل ما أصابته الميتة برطوبة .

   وأمّا ما نسبه إلى الصدوق (قدس سره) فالكلام فيه يقع في مقامين :

   أحدهما : في صحة إسناد القول بالطهارة إلى الصدوق بمجرد نقله ما يقتضي بظاهره طهارة الميتة .

   وثانيهما : في حجية تلك الرواية في حقنا ولو على تقدير عمله (قدس سره) بطبقها .

   أمّا المقام الأوّل : فالصحيح عدم تمامية الاسناد ، لأن الصدوق وإن التزم بما نقلناه عنه في أوائل كتابه ، ويبعد عدوله عما بنى عليه إلاّ أن مقتضى ذلك أن تكون الرواية وغيرها مما نقله في كتابه رواية عدل معتبر عنده ، وأمّا الافتاء على طبقها فلا ، لأنه يعتبر في الافتاء ملاحظة معارضات الرواية ودفع المناقشات الواردة عليها ، وما رواه (قدس سره) معارض بغير واحد من الأخبار وكيف يفتي بكل ما  رواه من الأخبار المتعارضة فهل يفتي بالمتناقضين . ولعلّه يرى طهارة الجلود بالدباغة كما هو أحد الأقوال فيها ، كما يحتمل أن تكون الجلود المسؤول عنها في الرواية جلود ما لا نفس له وقد نقل أنها تستعمل في صنع ظروف السمن والماء ونحوهما ، ومع هذه الاحتمالات لا يمكن استكشاف عمله بالرواية وحكمه بطهارة الميتة .

   وأمّا المقام الثاني : فحاصل الكلام فيه أن الرواية ضعيفة لارسالها فلا يمكن أن يعتمد عليها بوجه وإن كانت معتبرة عند الصدوق (قدس سره) ولعلّ وجهه أن العدالة عنده (قدس سره) عبـارة عن عدم ظهور الفسق ونحن لا  نكتفي بذلك في حجية الأخبار، بل نرى اعتبار توثيق الرواة . هذا مضافاً إلى أن الرواية شاذة في نفسها فلا يمكن العمل بها في مقابل الروايات المشهورة ، وعلى الجملة أن نجاسة الميتة مما لا يعتريه شك .

ــ[422]ــ

وكذا أجزاؤها المبانة منها وإن كانت صغاراً (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net