ــ[239]ــ
[ 2170 ] المسألة السابعة والثلاثون : لو تيقّن بعد السلام قبل إتيان المنافي نقصان ركعة ثمّ شكّ في أ نّه أتى بها أم لا (1) ففي وجوب الإتيان بها لأصالة عدمه أو جريان حكم الشك في الركعات عليه وجهان ، والأوجه الثاني ((1)) ، وأمّا إحتمال جريان حكم الشك بعد السلام عليه فلا وجه له ، لأنّ الشك بعد السلام لا يعتنى به إذا تعلّق بما في الصلاة وبما قبل السلام ، وهذا متعلِّق بما وجب بعد السلام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والبطلان في المغرب والفجر لو تمّ الفرض في الأخير كما ذكره في المتن .
ومنه تعرف أنّ الوجه الأوّل الّذي احتمله في المتن في غاية الضعف .
(1) فبما أنّ السلام الصادر منه الواقع على النقص زائد جزماً لوقوعه في غير محلّه ، فهل يجب عليه حينئذ الإتيان بالركعة المتيقّن نقصها المشكوك إتيـانها استناداً إلى أصالة عدم الإتيان ، أو أ نّه يجري عليه حكم الشك في الركعات فيبني على الأربع ويسلِّم ثمّ يأتي بركعة الاحتياط ؟
ذكر في المتن أنّ فيه وجهين وأنّ الأوجه الثاني ، ثمّ تصدّى (قدس سره) لدفع احتمال جريان حكم الشك بعد السلام بأنّ ذلك خاص بما إذا تعلّق الشك بما في الصلاة من الأجزاء وما وجب قبل السلام ، فلا يعتنى به حينئذ ، وأمّا في المقام فالشك متعلِّق بما وجب بعد السلام وهي الركعة المتيقّن نقصها المشكوك إتيانها ، فلا يكون مشمولاً لذاك الحكم .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا فيما إذا لم يعلم بوقوع السلام على تقدير الاتيان بالركعة الناقصة ، وأمّا مع العلم بوقوعه على تقديره فلا يخلو الوجه الأوّل عن وجه وجيه .
ــ[240]ــ
أقول : الشاك في الإتيان بالركعة المتيقّن نقصها بعد التسليم الزائد قد يفرض علمه بفعل السلام الثاني الموظّف بعدها ، واُخرى علمه بالعدم وأ نّه على تقدير الإتيان بها لم يسلِّم عنها جزماً ، وثالثة شكّه في ذلك أيضاً .
أمّا في الفرض الأوّل: ـ وإن كان هو غير مراد للماتن جزماً، وإنّما ذكرناه استقصاءً للأقسام ـ فلا ينبغي الكلام في كونه من الشك بعد السلام المحكوم بعدم الاعتناء ، لتعلّق الشك حينئذ بما كان واجباً قبل السلام ، فيشمله التعليل الوارد في الصـحيحة من أ نّه حينما يصلِّي أقرب منه إلى الحقّ حينما يشك (1) فتجري قاعدة الفراغ بلحاظ السلام الثاني ، ويبني على الإتيان بالركعة ، وهذا ظاهر .
وأمّا في الفرض الثاني : فلا ينبغي التأمّل في لزوم إجراء حكم الشك في الركعات ، لشكّه وجداناً في أنّ ما بيده الثالثة أم الرابعة بعد فرض التردّد في الإتيان بالركعة الناقصة وعدمه ، فيشمله حكمه من البناء على الأكثر .
وليس له حينئذ ضم تلك الركعة متّصلة استناداً إلى الاستصحاب ، لسقوطه في هذا الباب ، ولزوم سلامة الركعات عن الزيادة والنقصان كما نطقت به موثّقة عمار : «ألا اُعلِّمك شيئاً...» إلخ(2) ، وهذا أيضاً ظاهر .
وأمّا في الفرض الثالث : فالشك في فعل التسليم بعد الركعة على قسمين :
فتارة يعلم بالملازمة بينهما وأ نّه على تقدير الإتيان بالركعة فقد سلّم عنها جزماً ، وعلى تقدير عدم الإتيان لم يسلِّم جزماً ، ولا يحتمل التفكيك بأن يكون آتياً بالركعة ولم يسلِّم عنها بعد .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقدّم مصدرها آنفاً ، (نقل بالمضمون) .
(2) الوسائل 8 : 213 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 8 ح 3 [ الظاهر ضعفها سنداً ] .
ــ[241]ــ
واُخرى لم يعلم بذلك أيضاً ، ويشك في كلّ من الركعة والتسليم شكّاً مستقلاًّ فلا يدري أ نّه أتى بهما معاً ، أو لم يأت بشيء منهما ، أو أ نّه أتى بأحدهما دون الآخر .
أمّا في القسم الأوّل : فلا يمكن إجراء حكم الشك في الركعات ، إذ لو بنى على الأربع وسلّم فهو يعلم بعدم وقوع السلام في محلّه جزماً ، لأ نّه إن كان قد أتى بالركعة وتسليمتها فهذا سلام زائد واقع خارج الصلاة ولا معنى للسلام بعد السلام ، وإلاّ فهو تسـليم على الثلاث ، فلم يكن السلام مأمـوراً به على التقديرين ، ولا يحتمل صحّته كي يكون مشمولاً لقاعدة البناء .
بل اللاّزم حينئذ الإتيان بالركعة المشكوكة متّصلة اسـتناداً إلى قاعدة الاشتغال أو استصحاب عدم الإتيان ، وبذلك يقطع ببراءة الذمّة ، لأ نّه إن لم يكن آتياً بها واقعاً فوظيفته الإتيان بها متّصلة وقد فعل ، وإلاّ فيقع لغواً خارج الصلاة ولا ضير فيه . وعلى أيّ تقدير فصلاته مأمونة عن الزيادة والنقصان .
وأمّا في القسم الثاني : فيجري حكم الشك في الركعات ، إذ بعد كونه مأموراً بالتسليم بمقتضى أصالة العدم ، والمفروض زيادة السلام الأوّل فهو غير خارج بعد عن الصلاة ، فلا جرم يكون شكّه حادثاً في الأثناء بمقتضى التعبّد الاستصحابي . وبما أ نّه شاك فعلاً بين الثلاث والأربع وجداناً فيكون مشمولاً لدليل البناء على الأكثر بطبيعة الحال .
ومن جميع ما ذكرناه تعرف أنّ ما أفاده في المتن من جريان حكم الشك في الركعات لا يستقيم على إطلاقه ، بل ينبغي التفصيل بين الصور حسبما عرفت .
|