العاشر : التكبيرات عقيب أربع صلوات في عيد الفطر (5)
ـــــــــــــــــــ (5) على المشهور ، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليه . خلافاً للمحكي
ــ[329]ــ
عن ظاهر السيِّد المرتضى في الانتصار من القول بالوجوب (1) .
ويستدل للمشهور برواية سعيد النقاش ، قال «قال أبو عبدالله (عليه السلام) لي : أما أنّ في الفطر تكبيراً ولكنّه مسنون ، قال قلت : وأين هو ؟ قال : في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة وفي صلاة الفجر وفي صلاة العيد ثمّ يقطع ، قال قلت : كيف أقول ؟ قال تقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلاّ الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا . وهو قول الله عزّ وجلّ (ولتكملوا العدّة ) يعني الصِّيام (ولتكبروا الله على ما هداكم ) » (2) .
وهي وإن كانت كالصريح في إرادة الاستحباب من السنّة لا ما ثبت وجوبه بغير الكتاب كما لا يخفى ، إلاّ أ نّها ضعيفة السند ، فانّ سعيد النقاش لم تثبت وثاقته ، فلا يمكن التعويل عليها .
ومن الغريب ما عن صاحب المدارك (3) من جعل هذه الرواية هي الأصل في المسألة مع اعترافه بضعف سندها وبنائه على عدم العمل إلاّ بصحاح الأخبار ، ومن ثمّ اعترض عليه في الحدائق(4) بخروجه عن عادته وقاعدته . وهو في محلّه .
اللّهمّ إلاّ أن يقال : إنّه لم يعثر على نص يدل على الاستحباب غيره كما صرّح به في صدر عبارته المحكية عنه في الحدائق(5) ، ولم ينهض لديه دليل على الوجوب ليتوقّف الخروج عنه على ورود نص صحيح ، فمن ثمّ جوّز العمل به
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الانتصار : 171 .
(2) الوسائل 7 : 455 / أبواب صلاة العيد ب 20 ح 2 .
(3) المدارك 4 : 115 .
(4) الحدائق 10 : 279 .
(5) الحدائق 10 : 278 .
ــ[330]ــ
بناءً على قاعدة التسامح .
وبصحيحة علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال : «سألته عن التكبير أيّام التشريق أواجب هو أم لا؟ قال: يستحب ، فان نسي فليس عليه شيء» (1) .
بدعوى أ نّها وإن وردت في التكبير أيّام التشريق إلاّ أنّ دليل الوجوب لو تمّ لعمّ ، فاذا ثبت العدم في أحدهما كشف عن عدم إرادة الوجـوب في الآخر أيضاً . ولا يخلو عن تأمّل .
والأولى أن يستدلّ للمشهور بأنّ المسألة عامّة البلوى وكثيرة الدوران ، فلو كان الوجوب ثابتاً لاشتهر وبان وشاع وذاع وأصبح من الواضحات ، فكيف لم يذهب إليه إلاّ السيِّد المرتضى حسبما سمعت . وهذا خير شـاهد على اتِّصـاف الحكم بالاستحباب .
ومنه تعرف الجواب عمّا استدلّ به للقول بالوجوب من ظاهر الأمر في الآية المباركة ، ومن توصيف التكبير بالوجوب في رواية الأعمش ، قال فيها : «والتكبير في العيدين واجب» إلخ ، ونحوها خبر الفضل بن شاذان (2) .
مع جواز إرادة الاستحباب المؤكّد من لفظ الوجوب ، حيث إنّ إطلاقه عليه غير عزيز في لسان الأخبار ، نظير ما ورد من أنّ «غسل الجمعة واجب» (3) .
بل لايبعد تنزيل كلام السيِّد المرتضى (قدس سره) عليه ، المعتضد بما عرفت من دعوى الإجماع على عدم الوجوب ، وحينئذ فينتفي الخلاف في المسألة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 7 : 461 / أبواب صلاة العيد ب 21 ح 10 .
(2) الوسائل 7 : 457 / أبواب صلاة العيد ب 20 ح 6 ، 5 .
(3) الوسائل 3 : 315 / أبواب الأغسال المسنونة ب 6 ح 17 ، 5 ، 6 وغيرها .
|