ــ[55]ــ
[ 2248 ] مسألة 17 : لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلاًّ (1) بل يكفي ولو كان من جهة التبعية للغير لوجوب الطاعة كالزوجة والعبد ، أو قهراً كالأسير والمكره ونحـوهما ، أو اختياراً كالخادم ونحوه بشرط العلم بكون قصد المتبوع مسافة ، فلو لم يعلم بذلك بقي على التمام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو التفصيل بين صدق عنوان المقيم وعدمه حسبما عرفت .
(1) فان مقتضى إطلاق الأدلّة المتضمّنة لإناطة التقصير بقصد المسافة عدم اعتبار الاستقلال في القصد المزبور ، فيشمل ما إذا كان تابعاً لقصد الغير ، سواء أكانت التبعيّة واجبة كما في الزوجة والعبد ، أم مباحة مع الاختيار كما في الخادم أو الإكراه كالأسير ، أو الاضطرار كمن شدّت يداه ورجلاه واُخذ قهراً ، كلّ ذلك للإطلاق بعد صدق قصد المسافة الذي هو الموضوع للحكم .
نعم ، يعتبر في ذلك علم التابع بمقصد المتبوع وأ نّه يريد المسـافة ، أمّا مع جهله بذلك فهو باق على التمام ، إذ الاعتبار بفعلية القصد ، المنفي عن التابع ، لأنّ تعلّق قصده بالمسافة منوط بقصد المتبوع ، فيقصد على تقدير قصده وإلاّ فلا وحيث إنّه لا يدري فلا جرم ليس له قصد فعلي .
فحاله حال طالب الضالّة أو الصيد ، أو الخارج لاستقبال أحد ونحوه ممّن لم يعلم ببلوغ السير حدّ المسافة الشرعية ، فانّ هؤلاء لا يقصّرون ، لعدم إحرازهم للسفر ، الموجب لانتفاء القصد ، هذا .
ولكن المنسوب إلى جماعة منهم الشهيد (قدس سره) (1) تعيّن القصر فيما إذا كان المتبوع قاصداً للمسافة واقعاً ، نظراً إلى أنّ التابع بمقتضى فرض التبعية
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدروس 1 : 209 .
ــ[56]ــ
قاصد لما يقصده المتبـوع ، لأنّ قصده تابع لقصده ومرتبط بارادته ، فإذا كان المتبوع قاصداً للمسافة فالتابع أيضاً قاصد لها واقعاً وإن كان هو لايدري بذلك.
فهو نظير من قصد مسافة معيّنة كما بين الكوفة إلى الحلّة بزعم أ نّها سبعة فراسخ وهي في الواقع ثمانية ، فانّه يجب عليه التقصير حينئذ ، لكونه قاصداً للمسافة بحسب الواقع ، إذ المدار على واقع الثمانية لا عنوانها ، غايته أ نّه جاهل بذلك فيكون معذوراً في الإتمام ، ويجب عليه الإعادة قصراً بعد انكشاف الحال وإن لم يكن الباقي مسافة .
وعلى الجملة : لو سئل التابع عن مقصده لأجاب بأنّ قصدي ما يقصده متبوعي ، فاذا كان مقصوده واقعاً هي الثمانية فهو أيضاً قاصد لها بطبيعة الحال فلا مناص من التقصير .
هذا ما ذكره الشهيد (قدس سره) وجماعة ، وهو مختار الماتن (قدس سره) أيضاً كما سيصرّح به في المسألة العشرين الآتية .
ولكنّه لا يتم ، لما عرفت من لزوم فعلية القصد المتعلّق بواقع الثمانية وثبوته على كلّ تقدير ، المنفي في حقّ التابع ، لكونه معلّقاً على تقدير خاص ، وهو قصد المتبوع للثمانية ، وإلاّ فهو غير قاصد لها .
ومنه تعرف بطلان التنظير وضعف قياس المقام بقاصد المسافة الواقعية جاهلاً بها ، فانّ القياس مع الفارق ، ضرورة أنّ القصد هنا تعليقي وهناك تنجيزي .
فانّ من قصد السير من الكوفة إلى الحلّة المشتمل على بعد ثمانية فراسخ وإن جهل بها فهو في الحقيقة قاصد فعلاً للثمانية قصداً تنجيزياً ، لتعلّق قصده بالذهاب إلى الحلّة على كلّ تقدير ، والمفروض أنّ هذه المسافة ثمانية واقعاً ، فهو
|