ــ[137]ــ
[ 2269 ] مسألة 38 : السفر بقصد مجرّد التنزّه ليس بحرام ولا يوجب التمام (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والظاهر أنّ الماتن لا يريد هذه الصورة ، لوضوحها وعدم قبولها للنزاع بعد دخولها في سفر المعصية حسبما عرفت .
واُخرى لا يكون السفر الزائد مقدّمة للحرام ، ولكنّه يستلزمه خارجاً كما لو سافر إلى لبنان لمعصية ولكنّ البقاء فيه يستلزم سفراً آخر إمّا لجريان العادة أو لضغط من قبل الحكومة ونحو ذلك ، بحيث لا يمكن التخلّف عنه .
وهذا هو مراد الماتن (قدس سره) في مفروض المسألة ، فهل يتم في السفر اللاّزم أيضاً أو أ نّه يقصر ؟ حكم الماتن (قدس سره) بالتمام ، لوحدة السفر وعدّ اللاّزم جزءاً من سفر المعصية ، فهو نظير ما تقدّم منه (قدس سره) سابقاً (1) من الحكم بالإتمام لدى الرجوع عن سفر المعصية ، لكون العود من متمّمات السفر وأجزائه .
ولكن الظاهر هو القصر ، لانفصال أحد السفرين عن الآخر ، ولكلّ حكمه ولا عبرة بالوحدة المسامحية العرفية ، فانّ موضوع التمام ما كان معصية بنفسه أو بغايته لا بلازمه ، وهذا اللاّزم ـ كالرجوع ـ مسير حقّ لا باطل ، فلا تشمله تلك الأدلّة ، ومع الشكّ في التخصيص الزائد فالمرجع عمومات القصر .
(1) لإطلاقات أدلّة القصر بعد أن كان السفر سائغاً ، والحكم مورد للإجماع والتسالم ، بل السيرة القطعية كما في الجواهر(2) ، وهو ظاهر لا غبار عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في المسألة [ 2263 ] .
(2) الجواهر 14 : 264 .
ــ[138]ــ
[ 2270 ] مسألة 39 : إذا نذر أن يتم الصلاة في يوم معـيّن أو يصوم يوماً معيّناً وجب عليه الإقامة . ولو سافر وجب عليه القصر على ما مرّ من أنّ السفر المستلزم لترك واجب لايوجب التمام إلاّ إذا كان بقصد التوصّل((1)) إلى ترك الواجب ، والأحوط الجمع (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فرّع (قدس سره) هذه المسألة على ما تقدّم في المسألة السابعة والعشرين المتضمّنة للمضادّة بين السفر وبين الإتيان بواجب آخر ، وجعلهما من واد واحد وأ نّه إذا كان بقصد التوصّل إلى ترك الواجب كان من سفر المعصية ووجب التمام وإلاّ فلا .
وينبغي التكلّم في جهات :
الاُولى : لو نذر الصيام أو إتمام الصلاة في يوم معيّن ، فهل تجب عليه الإقامة لو كان مسافراً ولا يسوغ السفر لو كان حاضراً كي يتمكّن من أداء الواجب والوفاء بالنذر ؟
مقتضى القاعدة ذلك ، لحكومة العقل بلزوم الخروج عن عهدة التكليف المنجّز المتوقف على ما ذكر بمقتضى المقدمية ، إلا أنّ النص الخاص قد ورد بخلاف ذلك في الصيام خاصة ، ولأجله يفرق بينه وبين الصلاة ، وهي صحيحة علي بن مهزيار قال : «كتبت إليه ـ يعني إلى أبي الحسن (عليه السلام) ـ يا سيِّدي رجل نذر أن يصوم يوماً من الجمعة دائماً ما بقي ، فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق أو سفر أو مرض ، هل عليه صوم ذلك اليوم أو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا إنّما يصحّ في غير مفروض المسألة ، وأمّا فيه فالسفر ولو بقصد التوصّل إلى ترك المنذور لا يوجب التمام ، ويظهر وجه ذلك بالتأمّل ، هذا في الصلاة ، وأمّا في الصوم فبما أ نّه يجوز السفر فيه اختياراً فلا يكون معصية .
ــ[139]ــ
قضاؤه وكيف يصنع يا سيِّدي ؟ فكتب إليه : قد وضع الله عنه الصيام في هذه الأيام كلّها ، ويصوم يوماً بدل يوم إن شاء الله ... » إلخ(1) .
فيظهر منها أنّ الصوم المنذور لا يزيد على صيام شهر رمضان في جواز السفر ولو بقصد الفرار ، وعدم وجوب الإقامة ، لأنّ الله تعالى قد وضع الصيام في هذه الأيام ، غايته أ نّه يقضي يوماً بدل يوم .
ولولا التعرّض فيها للقضاء لالتزمنا بانحلال النذر ، لانكشاف بطلانه فيما لو صادف أيام العيد ونحوه ممّا لا يشرع فيه الصوم ، فلا فوت ليجب القضاء ، إلاّ أ نّها صريحة في ذلك ، فيجب الالتزام به تعبّداً .
وكيف ما كان ، ففي نذر الصوم المعيّن يجوز السفر ، ولا تجب الإقامة بمقتضى هذه الصحيحة .
وأمّا الصلاة فحيث لم يرد فيها مثل هذا النصّ فلا بدّ من الجري فيها على مقتضى القواعد حسبما عرفت .
الجهة الثانية : هل النذر المتعلّق باتمام الصلاة في يوم معيّن المتوقّف على عدم السفر ـ كما مرّ ـ يندرج في كبرى المسألة المتقدّمة ، أعني السفر المستلزم لترك واجب ويتفرّع عليها ، كي يجري عليه حكمها من وجوب التمام إذا كان بقصد التوصّل إلى ترك الواجب وإلاّ فالقصر كما اختاره في المتن ، أو لا يندرج ؟
قد يُقال بالثاني، نظراً إلى أنّ موضوع البحث في تلك المسألة إنّما هو الاستلزام الناشئ من التضاد الذاتي بين فعل الواجب والسفر ، لا الناشئ من مقدّمية ترك السفر للواجب كما في المقام ، حيث إنّ ترك السفر مقدّمة شرعاً للإتمام ، لكونه مشروطاً به ، ولأجله ينحلّ النذر إليه ، ويكون مرجع النذر المتعلِّق بإتمام الصلاة إلى نذر ترك السفر والإتيان بالصلاة التامّة ، فينحلّ النذر إلى نذرين ، فلو خالف
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 23 : 310 / كتاب النذر والعهد ب 10 ح 1 .
ــ[140]ــ
وسافر كان السفر بنفسه معصية يجب فيه التمام وإن أنكرنا قضيّة الاستلزام في تلك المسألة .
|