حكم الصلاة لو نذر الإتمام في يوم معيّن فسافر - قصد الغاية المحرّمة في حواشي الطريق في السفر المباح 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4361


   ويندفع بما هو المقرّر في محلّه (1) من عدم وجوب المقدّمة شرعاً وإن لزم الإتيان بها عقلاً من باب اللابدية ، فليس في البين إلاّ وجوب واحد متعلّق بذيها، أعني الذات المقيّدة وهي الصّلاة التامّة المشروطة بترك السفر، وأمّا نفس القيد والشرط فلم يتعلّق به وجوب آخر ليحرم السفر ويندرج في سفر المعصية.

   وانحلال النذر إلى النذرين غير قابل للتصديق فيما نحن فيه ، كيف ولازمه تعدّد الكفارة بترك الواجب المنذور ومقدّمته ، لتكرر الحنث ، وهو كما ترى . فنذر الإتيان بالصلاة لا ينحلّ إلى نذرها ونذر الوضوء المشروط به ، وليس في مخالفته إلاّ كفارة واحدة بالضرورة ، كما ليس إلاّ عقاب واحد ، فانّ الدخيل في النذر إنّما هو التقيّد لا ذات القيد . ولأجله لم يكن إلاّ مخالفة واحدة ، وهي لا تستتبع إلاّ كفارة واحدة وعقاباً واحداً كما عرفت .

   إذن فترك السفر لا يكون متعلّقاً للنذر ليكون فعله محرّماً ، بل هو داخل في كبرى الاستلزام كما أثبته في المتن .

   الجهة الثالثة :  لو بنينا في تلك المسألة ـ  أعني مسألة استلزام السفر لترك الواجب  ـ على وجوب التمام ولو في خصوص ما قصد به الفرار عن أداء الواجب كما اختاره الماتن وقوّيناه ، فهل نقول به في المقام أيضاً ؟

   الظاهر هو العدم ، فيقصّر في المقام حتّى لو سافر بقصد مخالفة النذر ، لامتناع التمام ، إذ يلزم من وجوده عدمه ، ضرورة أ نّه لو أتمّ من جهة كونه سفر المعصية فبالإتمام قد وفى بالنذر ، ومع الوفاء لا عصيان ، فلا موضوع للإتمام .

   وبعبارة اُخرى : لو أتمّ لم يخالف نذره ، وإذا لم يخالف لم يتّصف سفره بالمعصية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 2 : 438 .

 
 

ــ[141]ــ

   [ 2271 ] مسألة 40 : إذا كان سفره مباحاً لكن يقصد الغاية المحرّمة في حواشي الجادّة فيخرج عنها لمحرّم ويرجع إلى الجادّة (1) فإن كان السفر لهذا الغرض كان محرّماً موجباً للتمام، وإن لم يكن كذلك وإنّما يعرض له قصد ذلك في الأثناء فما دام خارجاً عن الجادّة يتمّ وما دام عليها يقصر((1)) ، كما أ نّه إذا

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإذا لم يكن سفره معصية فلا يجب فيه التمام لانتفاء الموضوع ، فيلزم من شمول دليل التمام للمقام عدم الشمول .

   أو فقل يلزم من فرض المخالفة عدمها، وهو أمر غير معقول، ولأجله يستحيل شمول أدلّة التمام للمقام ، فيبقى تحت إطلاقات القصر وإن كان عاصياً بسفره ويكون ذلك تخصيصاً في أدلّة التمام في سفر المعصية .

   ومن هذا القبيل ما لو سافر لغاية محرّمة وهي إتمام الصلاة في السفر تشريعاً فانّ هذا وإن كان سفر معصية إلاّ أ نّه لا يمكن أن يشمله دليل الإتمام ، لعين المحذور المزبور ، إذ يلزم من الإتمام عدم التشريع ، ومن عدمه انتفاء المعصية وبانتفائها ينتفي التمام ، لوجوب القصر في السفر المباح .

   وعلى الجملة : ففي كلّ مورد يلزم من فرض شـمول الدليل عدم الشمول يستحيل الشمول ، وعليه فأدلّة التمام لا يعقل شمولها لأمثال المقام ، بل تبقى تحت إطلاقات القصر حسبما عرفت .

   (1) لا ريب في وجوب التمام فيما لو كان السفر لأجل هذه الغاية ، لكونه من سفر المعصية كما ذكره (قدس سره) وهذا واضح ، وأمّا لو عرض القصد المزبور في الأثناء فعزم بعدما قطع شطراً من الطريق على الخروج من الجادّة لغاية محرّمة.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بشرط أن يكون الباقي بعد المحرّم مسافة كما تقدّم .

ــ[142]ــ

كان السفر لغاية محرّمة وفي أثنائه يخرج عن الجادّة ويقطع المسافة أو أقلّ ((1)) لغرض آخر صحيح يقصّر ما دام خارجاً ، والأحوط الجمع في الصورتين .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فان كان الخروج قليلاً جدّاً بحيث لاينقطع به عرفاً نفس السير الأوّل المباح كما لو عاداه شخص أثناء الطريق فنزل ليقتله ومشى لذلك خطوات خارج الجادة، أو نزل في قرية ثمّ خرج إلى المواضع التي حولها ليسرق متاعاً أو يشرب ماءً غصباً ، أو خرج إلى بستان خارج القرية بغير إذن أهله ، ونحو ذلك من السير اليسير الذي لا يعتنى به ولا يضرّ بصدق كونه في سفر مباح ، فلا ريب في بقائه على التقصير خروجاً ورجوعاً كما هو ظاهر، وهو خارج عن محلّ الكلام .

   وأمّا إذا كان الخروج عن الجادة بمقدار يعدّ عرفاً جزءاً من السفر وقطعة من المسافة المحدودة فقد ذكر في المتن أ نّه يتم ما دام خارجاً عن الجادة ، ويقصّر ما دام عليها .

   وقد مرّ نظيره في المسألة الثالثة والثلاثين من جعل المدار في القصر والتمام على حال الطاعة والعصيان ، بناءً منه (قدس سره) على أنّ الإباحة قيد في الحكم بالترخّص لا في السفر الذي جعل موضوعاً له . وقد عرفت ما فيه وأ نّه لا مناص من رجوعه إلى الموضوع .

   وعليه فالحكم بالإتمام لدى خروجه عن الجادّة واضح ، لكونه من سفر المعصية وقتئذ .

   وأمّا العود إلى القصر بعد رجوعه إلى الجادة فيتوقّف على كون الباقي مسافة ولو ملفّقة ، للقاعدة الكلّية التي أسلفناك غير مرّة من أنّ من حكم عليه بالتمام لا يعود إلى القصر إلاّ مع قصد المسافة على ما يستفاد ذلك من مثل قوله : في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم عدم التقصير فيما إذا كان الحلال أقل من المسافة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net