وإنّما الكلام في أنّ الحكم هل يختصّ بذلك أو يعمّ كلّ من كان له عمل خاص وكان السفر مقدّمة له كالطبيب الذي يذهب كلّ يوم إلى بلد للطبابة ، والمعلم أو المتعلّم الذي يذهب كلّ يوم أو كلّ اُسبوع للدراسة ويرجع ، وكذا البناء والمعمار ونحوهم ممّن شغلهم في السفر ، لا أنّ شغلهم السفر كما في المكاري والملاّح ، فهل
ــ[154]ــ
يجب عليهم التمام أيضاً مع فرض بلوغ سفرهم حدّ المسافة الشرعية ، أو أ نّهم يقصّرون ولا يتعدّى عن الموارد المنصوصة ؟
قد يقال بالاختصاص وعدم التعدِّي، رعاية للتعليل الوارد في صحيح زرارة واقتصاراً في غير مورده على مقدار قيام النص ، فيرجع فيما عدا ذلك ممّن كان السفر مقدّمة لعمله إلى إطلاقات القصر لكلّ مسافر .
وقد يقال بالتعميم والتعدِّي، نظراً إلى الارتكاز العرفي، وفهم عدم خصوصية للجابي والتاجر ونحوهما ممّن ورد اسمه في النص ، وأنّ ذلك ليس إلاّ من أجل إلحاق من كان السفر مقدّمة لعمله بمن كان السفر عملاً له ، وحينئذ فكلّ من كان على هذه الشاكلة يتم صلاته .
وغير خفي أنّ التعدّي استناداً إلى ما ذكر من الارتكاز وفهم عدم الخصوصية في غاية الإشكال والصعوبة ، وعهدة هذه الدعوى على مدّعيها ، فانّ أقصى ما يمكن إخراجـه من تحت إطلاقات القصر هو عنوان العمل ومن جاء اسمه في الخبر ، ولعلّ هناك خصوصية لا نفهمها ، فكيف يمكننا التعدّي إلى الفاقد لها بعد جهلنا بمناطات الأحكام .
ومع ذلك كلّه فالأظهر هو التعدّي .
أمّا أوّلاً : فلقرب دعوى صدق عنوان من عمله السفر الوارد في النصّ على من عمله في السفر ، فمثلاً لا يبعد أن يقال عرفاً للطبيب الذي يسافر كلّ يوم لبلد آخر لطبابته أنّ السفر عمل له ، ولو كان ذلك الإطلاق بنحو من العناية غير البعيدة عن الفهم العرفي . فلا ندّعي الإلحاق بل ندّعي التوسعة في الإطلاق وأنّ المقام بنفسه مشمول للنصّ . وكم فرق بين الأمرين كما هو واضح .
وثانياً : لو أغمضنا النظر عن ذلك بدعوى أنّ الصدق المزبور مسامحي لايعبأ به ، فنستظهر من نفس صحيحة زرارة بالرغم من اشتمالها على التعليل أنّ موضوع
|