ــ[175]ــ
وإلاّ انقطع حكم عملية السفر وعاد إلى القصر في السفرة الاُولى خاصّة دون الثانية فضلاً عن الثالثة ، وإن كان الأحوط الجمع فيهما (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر» (1) .
والظاهر أنّ هذه الإضافة ناظرة إلى اختلاف المورد من حيث الذهاب إلى بلد آخر أو الرجوع إلى منزله ، فتعتبر الإقامة عشرة أيام فيما لو ذهب إلى بلد آخر ، أو الإقامة كذلك فيما لو انصرف ورجع إلى منزله ، لا أ نّه يعتبر في الحكم بالانقطاع مجموع الأمرين معاً .
والمتحصّل من جميع ما ذكرناه أنّ الحكم بالانقطاع باقامة عشرة أيام ممّا لا ينبغي التأمل فيه ، لصحيحة عبدالله بن سنان بطريقي الشيخ والصدوق .
(1) لا إشكال في الانقطاع والرجوع إلى القصر في السفرة الاُولى ، فانّها القدر المتيقّن من النص ، كما لا إشكال في عدمه والرجوع إلى التمام في الرابعة وما زاد .
إنّما الكلام في السفرة الثانية ، بل الثالثة على ما نسب الخلاف فيها أيضاً إلى بعضهم ، فذهب جماعة ومنهم الماتن (قدس سره) إلى الرجوع في الثانية فضلاً عن الثالثة إلى التمام ، واختصاص الحكم بالسفرة الاُولى التي هي المتيقّن من مورد النص ، ويرجع فيما عداها إلى عموم وجوب التمام . ونسب التعميم إلى جماعة آخرين .
والأقوى هو الأوّل ، ويدلّنا عليه :
أوّلاً : إطلاق قوله (عليه السلام) في صحيحة عبدالله بن سنان : «المكاري إذا لم يستقر في منزله إلاّ خمسة أيام أو أقل ... » إلخ ، فانّ هذه الشرطية باطلاقها
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 489 / أبواب صلاة المسافر ب 12 ح 5 ، الفقيه 1 : 281 / 1278 .
ــ[176]ــ
تشمل السفرة الثانية والثالثة وهكذا .
والمذكور فيها من التفصيل بين الصوم والصلاة وبين صلاة الليل والنهار وإن كان محمولاً على التقية أو على النوافل أو غير ذلك ممّا ستعرف ، فلم تكن من هذه الناحية خالية عن الإجمال ، إلاّ أ نّها على أيّ حال دالّة على أنّ الحكم الثابت في مفروض الشرطية الثانية ـ أعني التقصير والإفطار لدى إقامة عشرة أيام ـ لم يكن ثابتاً في مورد الشرطية الاُولى أي إقامة الخمسة أو أقل ، فانّها في هذا المقدار من الدلالة ظاهرة بل صريحة .
ومقتضى الإطلاق كما عرفت شموله للسفرة الثانية أيضاً فيما إذا تحقّقت بعد إقامة خمسة أيام أو أقل ، وأمّا إذا وقعت بعد إقامة عشرة أيام اُخرى فهي بنفسها تعدّ من السفرة الاُولى كما لا يخفى .
وثانياً : أنّ الصحيحة المتقدّمة بنفسها دالّة على الاختصاص بالسفرة الاُولى لأنّ ظاهر قوله (عليه السلام) في الشرطية الثانية : «قصّر في سفره وأفطر» إرادة السفرة الواقعة عقيب إقامة العشرة وتلوها ، لا كلّ سفر حيثما تحقّق .
ومع الغض عن ذلك وتسليم الإجمال من هذه الناحية فالمرجع عموم وجوب التمام الثابت لكلّ مكار ، لأنّ هذه الصحيحة بمثابة التخصيص لذلك العام ، ومن المقرّر في محلّه لزوم الاقتصار في المخصّص المجمل الدائر بين الأقل والأكثر على المقدار المتيقّن(1) ، الذي هو السفر الأوّل في المقام ، فيرجع فيما عداه إلى عموم العام المتضمّن لوجوب التمام ، هذا .
وربما يستدلّ لوجوب التمام في السفرة الثانية بالاستصحاب ، بدعوى أ نّه
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محاضرات في اُصول الفقه 5 : 180 وما بعدها .
|