ــ[183]ــ
[ 2281 ] مسألة 50 : إذا لم يكن شغله وعمله السـفر لكن عرض له عارض فسافر أسفاراً عديدة لا يلحقه حكم وجوب التمام (1) ، سواء كان كلّ سفرة بعد سابقها اتفاقياً ، أو كان من الأوّل قاصداً لأسفار عديدة ، فلو كان له طعام أو شيء آخر في بعض مزارعه أو بعض القرى وأراد أن يجلبه إلى البلد فسافر ثلاث مرّات أو أزيد بدوابّه أو بدوابّ الغير لا يجب عليه التمام وكذا إذا أراد أن ينتقل من مكان إلى مكان فاحتاج إلى أسفار متعدِّدة في حمل أثقاله وأحماله .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا هو عمدة الوجه في اعتبار النيّة في غير البلد ، وإلاّ فالإجماع المدّعى في المقام غير صالح للاعتماد ، نظراً إلى أنّ المسألة لم تكن محرّرة ولا معنونة في كلمات الأصـحاب ، بل لم يعرف من تعرّض لها إلى زمان المحقّق في النافع (1) . فهي من المسائل المستحدثة في كتب المتأخّرين والمهملة لدى القدماء السابقين ومع هذا الإهمال والإعراض لم يبق وثوق بنقل الإجماع بحيث يعتمد عليه في رفع اليد عن إطلاق النصّ على تقدير ثبوته .
لكنّك عرفت عدم الإطلاق من أصله بالإضافة إلى غير البلد ، بل هو إمّا ظاهر في اعتبار النيّة أو لا أقل من الإجمال حسبما ذكرناه . ومنه تعرف ضعف ما في المتن من إلحاق غير البلد به في عدم اعتبار النيّة فلاحظ .
(1) إذ ليست العبرة في وجوب التمام بمجرّد الكثرة وتكرّر السفر مرّات عديدة ، بل المدار على صدق كون السفر عملاً وشغلاً له كما في النص(2) المنوط عُرفاً باتخـاذه حرفة وصنعة له كما في المكاري ونحـوه ، وهو غير حاصل في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المختصر النافع : 51 .
(2) المتقدم في ص 151 .
ــ[184]ــ
[ 2282 ] مسألة 51 : لا يُعــتبر في مَن شـغله السفر اتحـاد كيفـيات وخصوصيات أسـفاره من حيث الطول والقصر ومن حيث الحمولة ومن حيث نوع الشغل (1) فلو كان يسافر إلى الأمكنة القريبة فسافر إلى البعـيدة أو كانت دوابّه الحمير فبدّل بالبغال أو الجمال ، أو كان مكارياً فصار ملاّحاً أو بالعكس يلحقه الحكم وإن أعرض عن أحد النوعين إلى الآخر أو لفّق من النوعين ، نعم لو كان شغله المكاراة فاتّفق أ نّه ركب السفينة للزيارة أو بالعكس قصّر ، لأ نّه سفر في غير عمله ، بخلاف ما ذكرنا أوّلاً فانّه مشتغل بعمل السفر ، غاية الأمر أ نّه تبدّل خصوصية الشغل إلى خصوصـية اُخرى فالمناط هو الاشتغال بالسفر وإن اختلف نوعه . ــــــــــــــــــــــــــ
الفرضين المذكورين في المتن كما هو ظاهر جدّاً .
(1) فانّ شيئاً من هذه الخصوصيات غير دخيل فيما هو موضوع الحكم من كون السفر شغله وعملاً له ، الصادق في جميع هذه الفروض على نحو صدقه في السفر السابق عليه .
فلو بدّل سفره الطويل بالقصير كما لو كان مكارياً من العراق إلى خراسان فأبدله إلى المكاراة بين النجف والحلّة ، أو كانت دوابه الحمير فأبدلها بالبغال أو الجمال، أو كان مكارياً في يوم وجمّالاً في يوم آخر وملاحاً في يوم ثالث ، وكرياً في يوم رابع وهكذا ، أو أعرض عن نوع واشتغل بنوع آخر ففي جميع ذلك يجب عليه التمام ، لما عرفت من أنّ المناط هو الاشتغال بالسفر وكونه عملاً له وإن تبدّلت خصوصياته واختلفت أنواعه ، أخذاً باطلاق الدليل كما هو ظاهر .
|