ــ[229]ــ
الترخّص قصراً (1) ثمّ وصل إلى ما دونـه ، فان كان بعد بلوغ المسـافة فلا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلا ينبغي الشك في أنّ هذا المقدار من الذهاب المتعقّب بالرجوع ملغى ، لعدم كونه من السير المعتبر في تحقّق المسافة على ما بيّناه سـابقاً (1) من لزوم كون السير بعداً امتدادياً ، غير الصادق على الذهاب بعد فرض تعقّبه بالإياب . فلا جرم يسقط هذا المقدار عن الاحتساب .
ولكن الظاهر عدم سقوطه مطلقاً ، بل الساقط خصوص الذهاب فقط دون الرجوع ، فلو فرضنا أ نّه ذهب إلى الكوفة من طريق ثمّ رجع من طريق آخر إلى ما دون حدّ الترخّص من النجف قاصداً به مكاناً من الأمكنة كالذهاب إلى كربلاء ، وقد قصد السفر من نفس محلّ الرجوع فلماذا لا يحسب هذا من المسافة مع عدم الموجب لإلغائه بوجه .
والمتحصّل من جميع ما ذكرناه : أنّ رجوعه إن كان سفرياً ـ أي واقعاً في طريقه وسـفره ـ من أجل اعوجاج الطريق وانحرافه فحينئذ يحسب الذهاب والإياب معاً ، كما لو خرج من النجف قاصداً كربلاء ولكن الطريق العادي المسـتقيم كان مسدوداً لمانع من الموانع فذهب إلى الكوفة ومنها إلى السّهلة ورجع منها إلى خارج النجف ـ المحل المُعد للبنزين ـ ثمّ توجّه نحو كربلاء ، فانّه لا موجب لإلغاء هذا المقدار من السير ، بل الذهاب والإياب كلاهما محسوبان من المسافة بعدما عرفت من عدم اعتبار استقامة الطريق .
وأمّا إن كان الرجوع لا لأجل الاعوجاج فطبعاً يسقط الذهاب ويلغى كما عرفت ، دون الرجوع، بل يكون مبدأ سفره من حين ما يرجع في المثال المتقدّم .
(1) الرابعة : لو قصّر في المورد الذي لا يكون محكوماً بالقصر كالذهاب في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 7 ، 39 .
ــ[230]ــ
إشكال في صحّة صلاته، وأمّا إن كان قبل ذلك فالأحوط وجوب الإعادة ((1)) وإن كان يحتمل الإجزاء إلحاقاً له بما لو صلّى ثمّ بدا له في السفر قبل بلوغ المسافة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفرض المتقدّم ، كما لو سـافر من النجف وعندما بلغ الكـوفة قصّر ولم يعلم برجوعه ، ثمّ بدا له فرجع إلى ما دون حدّ الترخّص فهل يعيد صلاته .
لا ينبغي الشك في دخول الفرض في المسألة المتقدّمة سابقاً ، أعني من سافر وقصّر في الطريق ثمّ بدا له في السفر قبل بلوغ المسـافة ، فان قلنا ثمة بعدم الحاجة إلى الإعادة استناداً إلى صحيحة زرارة كما تقدّم (2) فكذلك في المقام بل الحكم هنا أولى ، إذ المفروض في تلك المسألة أ نّه بدا له في أصل السفر وأمّا في المقام فهو بعدُ على نيّة السفر ، وإنّما بدا له في الطريق فقط فعدل عن طريق إلى آخر ، فالصحّة هناك تستلزم الصحّة هنا بطريق أولى كما لا يخفى .
وأمّا لو لم نقل بالصحّة هناك لأجل المعارضة كما أسـلفناك لم نقل بها هنا أيضاً ، إذ الإجـزاء يحتاج إلى الدليل ولا دليل عليه ، ومن هنا كانت الإعادة أحوط كما ذكره في المتن .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا فيما إذا كان رجوعه إلى ما دون حدّ الترخّص لقضاء حاجة ونحـوها ، وأمّا إذا كان لاعوجاج الطريق فالأظهر هو الإجزاء .
(2) في ص 84 .
|