بقى هنا أمران :
أحدهما : أ نّه نسب إلى المشهور اعتبار قصد التوطّن الأبدي في تحقّق الوطن الشرعي ، وأ نّه متى مضى على هذا العزم والقصد ستّة أشهر يحكم بالإتمام متى دخل وإن أعرض ، فلا تكفي الإقامة الفاقدة لقصد التوطّن الدائم .
ولكن هذه النسبة لم نتحقّقها ، ولم يثبت ذهاب المشهور إليها ، وعلى تقدير الثبوت لا دليل عليه بوجه ، فانّا قد ذكرنا أنّ التفسير المذكور في الصحيح ناظر
ــ[249]ــ
إلى مادّة الاسـتيطان لا هيئته ، وأنّ نفس الوطـن عـبارة في نظر الشرع عن الإقامة ستّة أشهر في منزله المملوك ، غايته بشرط أن تكون عن قصده ونيّته بمقتضى وضع الهيئة ، وأمّا قصد التأبيد فليس في الصحيحة ما يدلّ عليه .
نعم ، لو كان التفسير راجعاً إلى الهيئة من غير نظر إلى المادة صحّ ما ذكر باعتبار إشراب التأبيد في مفهوم الوطن بمقتضى الفهم العرفي ، لكنّك عرفت أنّ هيئة الاسـتفعال واضحة المفاد لا إجمال فيها كي تحتاج إلى التفسير والسؤال وإنّما الإجمـال كلّه في نفس المادة بالتقريب الذي تقدّم . فالتفسـير راجع إليها خاصّة ، ولازمه كما عرفت كفاية الإقامة الخارجية ستّة أشهر عن قصد ونيّة من غير حاجة إلى قصد التأبيد والتوطّن الدائم .
|