ــ[264]ــ
في واحدة منها عشرة أيام (1) . ولا يضرّ بوحدة المحلّ فصل مثل الشطّ بعد كون المجموع بلداً واحداً كجانبي الحلّة وبغداد ونحوهما ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هل يعتبر في محلّ الإقامة وحدة المكان بحيث لو قصد الإقامة في الأمكنة المتعدِّدة عشرة أيام كالنجف والكوفة ، أو الكاظمية وبغداد ونحو ذلك ممّا ذكره في المتن لم ينقطع حكم السفر أو لا ؟
يقع الكلام تارة في اصل الاعتبار ، واُخرى في تحديد المقدار وبيان ضابط الوحدة وميزانها .
أمّا نفس الاعتبار فالظاهر أ نّه ممّا لا خلاف فيه ولا إشكال، لظهور النصوص في إناطة انقلاب القصر بالتمام بالإقامة الوحدانية الممتدة عشرة أيام ، المتقوّمة بالوحدة المكانية بطبيعة الحال ، فلا تجدي إقامة العشرة المتفرقة في الأمكنة المتعدّدة ، إذ لا يصدق معه أ نّه أقام في البلد الفلاني أو المحلّ الكذائي عشرة أيام كما هو ظاهر جدّاً .
نعم ، ربما يستفاد كفاية ذلك ممّا رواه الكافي في الصحيح عن عبدالرحمن بن الحجّاج، قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : الرجل له الضياع بعضها قريب من بعض فيخرج فيقيم فيها أيتم أم يقصّر؟ قال : يتم»(1) حيث دلّت على وجوب التمام لدى الإقامة في الضـياع المتفرّقة الواقعة في الأمكنة المتعدِّدة . فلا تعـتبر الوحدة في محلّ الإقامة .
ويردّه أوّلاً : عدم ظهور الصحيحة في إرادة الإقامة الشرعية أعني عشرة أيام التي هي محلّ الكلام ، لعدم قرينة على التخصيص بذلك ، بل ظاهرها أنّ صاحب الضياع محكوم بالإتمام متى أقام فيها ، سواء أكانت إقامته في مجموع
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 495 / أبواب صلاة المسافر ب 14 ح 12 ، الكافي 3 : 438 / 6 .
ــ[265]ــ
تلك الضياع عشرة أيام أم أقل أم أكثر ، فتكون من قبيل الروايات الدالّة على أنّ مجرّد الملك كاف في الحكم بالإتمام متى دخله ، التي تقدّمت سابقاً (1) وعرفت لزوم تقييدها بمقتضى صحيحة ابن بزيع(2) بسبق إقامة ستّة أشهر كي تتّصف الضيعة بالوطن الشرعي . فهي أجنبية عما نحن فيه .
وثانياً : أ نّها مروية بعين المتن في الفقيه(3) والتهذيب(4) ، غير أنّ المذكور فيها «يطوف» بدل «يقيم» وعليه فتكون أظهر فيما ذكرناه من الدلالة على أنّ مجرّد الطواف والمرور بمطلق الملك موجب للإتمـام . فلا ربط لها بالإقامة الشرعية المبحوث عنها في المقام . وكيف ما كان ، فالصحيحة غير مخالفة لما ذكرناه من اعتبار الوحدة في محلّ الإقامة . مع أنّ الظاهر أنّ المسألة ممّا لا خلاف فيها كما عرفت .
إنّما الكلام في بيان المراد من الوحدة المكانية وتشخيص ضابطها بعد القطع بعدم إرادة الوحدة الحقيقية ، ضرورة جـواز تردّد المقـيم في بلد من داره إلى المسجد أو السوق أو الحمام ونحوها . فلا يراد الإقامة في منزل خاص كالمحبوس بل لعلّه لا يتحقّق ذلك إلاّ في مثل المحبوس ونحوه ، وإلاّ فالفاعل المختار يخرج بطبيعة الحال إلى خارج الدار ، بل خارج البلد أحياناً .
فنقول : قد ورد التعبير عن محلّ الإقامة في الروايات بألسنة مختلفة ، كالبلد أو البلدة أو المدينة أو الضيعة أو المكان أو الأرض ، ولا شكّ أنّ المراد بالإقامة في الأخيرين ما يقابل الارتحال ، فانّ المسافر بحسب طبعه ينزل أثناء السير في مكان أو أرض فيرتحل ، فلا يكون مقيماً في ذلك المحل ، بل الغاية من النزول
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 240 .
(2) المتقدمة في ص 242 .
(3) الفقيه 1 : 282 / 1281 .
(4) التهذيب 3 : 213 / 522 .
ــ[266]ــ
الاستراحة أو الأكل أو الشرب ، إمّا ليلاً أو نهاراً حسب اختلاف الفصول ممّا يقتضيه طبع السفر .
ولكن قد يتعلّق نظره بالإقامة في مكان خاص أو أرض كذلك ، فلا يرتحل فاعتبرت هذه الإقامة التي هي في مقابل الارتحال مناطاً للإتمام إذا كانت عشرة أيام . فيستفاد من مجموع الروايات أنّ المناط في وحدة المحلّ صدق الإقامة العرفية فيه على نحو لا يعدّ التباعد عنه ارتحالاً عن ذلك المكان ، سواء أكان بلداً أم قرية أم ضيعة أم غيرها من برّ أو ساحل بحر ونحو ذلك . فالعبرة بصدق الإقامة عرفاً في مكان واحد في قبال الارتحال عنه الذي يختلف سعة وضيقاً حسب اختلاف الموارد وخصوصيات الأمكنة .
ثمّ إنّ الصدق المزبور إن كان محرزاً فلا إشكال ، كما لو أقام في بلد بل برّ أو ساحل بحر بحيث يصدق معه عرفاً أ نّه مقيم في ذلك المكان ، وإن دعت الحاجة إلى التعدّي والمشي يميناً وشمالاً لبعض حاجياته من تحصيل ماء أو كلأ ونحو ذلك ، لعدم اعتبار المكث في مكان شخصي وحداني كما عرفت .
كما لا إشكال أيضاً إذا كان عدمه محرزاً مثل ما لو أقام في مكان من البر ليلة وفي مكان آخر ليلة اُخرى بينهما مسافة ربع الفرسخ مثلاً وهكذا ، أو أقام عند عشيرتين متباعدتين بربع الفرسخ عشرة أيام ، بحيث لا يصدق عرفاً أ نّه أقام في مكان واحد عشرة أيام، فان كان الصدق محرزاً من الطرفين فلا إشكال .
|