عدم اعتبار قصد عدم الخروج عن بلد الإقامة في نيّة الإقامة - خروج المقيم إلى ما دون المسافة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4420


ــ[269]ــ

   [ 2309 ] مسألة 8 : لا يعتبر في نيّة الإقامة قصد عدم الخروج عن خطّة سور البلد على الأصح بل لو قصد حال نيّتها الخروج إلى بعض بساتينها ومزارعها ونحوها من حدودها ممّا لا ينافي صدق اسم الإقامة في البلد عرفاً جرى عليه حكم المقيم حتّى إذا كان من نيّته الخروج عن حدّ الترخّص، بل إلى ما دون الأربعة إذا كان قاصداً للعود عن قريب بحيث لايخرج عن صدق الإقامة في ذلك المكان عُرفاً، كما إذا كان من نيّته الخروج نهاراً والرجوع قبل اللّيل((1))(1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) هل يعتبر في صدق الإقامة في البلد ـ بعد البناء على اعتبار الوحدة المكانية في محلّ الإقامة كما سبق ـ قصد عدم التجاوز عن خطة السور فيما له سور أو عن آخر البيوت فيما لا سور له ، فيلزمه المكث في نفس البلد بحيث يضرّه أدنى الخروج ولو قليلاً كما عن بعضهم ، أو أ نّه لا يعتبر المداقّة في ذلك فلا مانع من قصده حال نيّة الإقامة الخروج إلى بعض نواحي البلد وضواحيه من بساتينه ومزارعه ونحو ذلك ممّا لا ينافي صدق اسم الإقامة في البلد عُرفاً بل لا يضرّه الخروج إلى حدِّ الترخّص ، بل ما دون المسـافة إذا  كان قاصداً للعود عن قريب ، كما لو خرج في النهار ورجع قبل الليل كما ذكره في المتن ؟

   الظاهر ابتناء المسألة على تفسـير لفظ الإقامة الوارد في أخـبار الباب كما ذكره غير واحد ، فان فسّر بكون المحلّ محطاً لرحله لم يضرّه الخروج حتّى إلى ما دون المسافة في تمام النهار فضلاً عن بعضه ، إذ بالأخرة يكون مرجعه ومبيته نفس البلد الذي هو محط للرحل ومحلّ للإقامة . وإن فسّر بما هو ظاهر اللّفظ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تحقّق قصد الإقامة إذا كان من نيّته الخروج في تمام النهار من أوّل الأمر لا يخلو من إشـكال ، والقدر المتيقّن من الخروج الذي لا يضرّ بالإقـامة ما كان يسيراً  كالساعة والساعتين مثلاً ، وفي غير ذلك لا يترك الاحتياط بالجمع .

ــ[270]ــ

بحسب المتفاهم العرفي من كونه محلاً لإقامة المسـافر نفسه لا لرحله ، إذ ربما لا يكون له رحل أصلاً ، فحينئذ يضرّه أدنى الخروج وإن كان قليلاً .

   وتوضيح الحال في المقـام : أ نّه لا ينبغي الإشكال في قادحية الخروج عن محلّ الإقامة بمقدار المسافة ، كما لو أقام في النجف خمسة أيام ، ثمّ خرج يوماً إلى الحلّة ، ثمّ رجع فبقي خمسة اُخرى بحيث صار المجموع عشرة ، فانّ الظاهر عدم الخلاف في عدم تحقّق الإقامة الشرعية بذلك ، وإن احتمل بعضهم عدم القدح بذلك ، لما عرفت من لزوم الاسـتمرار والاتصال في إقـامة عشرة أيام ، الذي يضرّه تخلّل السفر الموجب للتقطيع بطبيعة الحال .

   نعم ، ربّما يستفاد ذلك وكفاية إقامة العشرة ولو منفصلة من رواية الحضيني قال فيها : «إنّي أقدم مكّة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة ، قال : انو مقام عشرة أيام وأتمّ الصلاة» (1) إذ كيف يمكن قصد إقـامة العشرة لمن دخل مكّة قبل التروية بيوم أو يومين مع لزوم خروجه إلى عرفات التي هي مسافة تلفيقية .

   ولأجل ذلك احتمل الشيخ اختصاص الحكم بموردها وهو مكّة ، وأنّ في خصوص هذا البلد لا مانع من الإقامة المنقطعة (2) بأن يبقى ثلاثة قبل التروية وسبعة أيام بعد الرجوع عن الموقف والفراغ عن الأعمال .

   ولكن الذي يهون الخطب أنّ الرواية ضعيفة السند وليست بحجّة في نفسها لجهالة الحضيني وعدم ثبوت وثاقته ، فلا تصل النوبة إلى الحمل المزبور .

   وكيف ما كان، فلا ينبغي الإشكال في أنّ نيّة الإقامة لا تكاد تجتمع مع نيّة الخروج إلى المسافة، بل لاتجتمع حتّى مع الشكّ في ذلك، للزوم العزم على الإقامة واليقين بها كما صرّح به في الروايات(3)، الذي يضرّه مجرّد الاحتمال والترديد .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 528 /  أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 15 .

(2) التهذيب 5 : 427 / ذيل ح 1483 .

(3) الوسائل 8 : 500 /  أبواب صلاة المسافر ب 15 ح 9 .

ــ[271]ــ

   وأمّا الخروج إلى ما دون المسافة فهو على قسمين ، إذ تارة لا يكون عازماً على الخروج حال نيّة الإقامة بوجه ، وإنّما يبدو ذلك فيما بعد ، فقصد الإقامة في خصوص البلد عشرة أيام وبعد أن صلّى صلاة تامّة بدا له في الخروج إلى ما دون المسافة ، واُخرى يكون عازماً عليه من أوّل الأمر .

   أمّا في القسم الأوّل :  فلا ينبغي التأمل في عدم انقلاب الحكم ولزوم البقاء على التمام في البلد وخارجه ، سواء أكمل العشرة في محلّ الإقامة أم لا ، كما لو أقام في النجف يوماً وبعدما صلّى أربعاً خرج إلى الكوفة وبقي فيها ثمانية ثمّ رجع وبقي يوماً آخر في النجف ، فانّه يبقى على التمام في جميع ذلك بلا إشكال فيه ولا خلاف ظاهراً ، فانّ العبرة في الإقامة التي هي موضوع للتمام بقصدها ونيّتها ، لا الإقامة الخارجية .

   فمتى تحقّقت النيّة وتعقّبت بصلاة واحدة تامّة كانت وظيفته البقاء على التمام وإن عدل عن نيّته وعزم على السفر والخروج إلى حدّ المسافة فضلاً عمّا دونها . فهو محكوم بالتمام ما لم يتلبّس بالسفر خارجاً على ما نطقت به صحيحة أبي ولاد ، قال (عليه السلام) : «إن كنت دخلت المدينة وحين صلّيت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصّر حتّى تخرج منها ... » إلخ (1) . فانّ المراد من الخروج فيها الخروج السفري كما لا يخفى ، هذا .

   مضافاً إلى الكبرى الكلّية التي تكرّرت الإشارة إليها من أنّ من حكم عليه بالتمـام لا تنقلب وظيفـته إلى القصر إلاّ مع قصد ثمانية فراسخ ولو تلفيـقية . فالمقيم في محلّ الكلام باق على التمام بمقتضى هذا الضابط العام ما لو ينو سفراً جديداً ، وهذا كلّه ظاهر لا سترة عليه .

   وإنّما الكلام في القسم الثاني :  أعني ما إذا كان عازماً على الخروج من أوّل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 508 /  أبواب صلاة المسافر ب 18 ح 1 .

ــ[272]ــ

الأمر وحال نيّة الإقامة ، فدخل النجف مثلاً وقصد الإقامة عازماً على الخروج إلى الكوفة خلال العشرة ، وقد عرفت أ نّهم بنوا المسألة على تفسير الإقامة بمحطّ الرحل أو باقامة المسافر نفسه ، وأ نّه على الأوّل لا يضرّ الخروج حتّى طول النهار فضلاً عن الساعات فيما إذا رجع في الليل بحيث كان مبيته في البلد إذ يصدق حينئذ أنّ البلد محلّ رحله ، وأمّا على الثاني فيضرّ الخروج حتّى دقيقة واحدة .

   ولكن الظاهر هو التفصيل واختيار الحدّ الوسط بين الإفراط والتفريط ، فانّ التفسير الأوّل خلاف الظاهر جدّاً، ضرورة أنّ محلّ الإقامة محلّ لإقامة المسافر نفسـه لا لإقامة رحله ، كيف وربما لا يكون له رحل أصلاً . فالمتعـيّن إنّما هو التفسير الثاني ، لكن لا بذلك الضيق ، بل مع نوع من التوسعة .

   فانّ الجمود على ظاهر لفظ الإقامة عشرة أيام الوارد في الروايات وإن كان يقتضي الاستيعاب الذي يضرّه أدنى الخروج عن خطّة السور ولو دقيقة واحدة إلاّ أنّ المتفاهم عرفاً ما هو الأوسع من ذلك ، نظراً إلى أنّ العادة جارية على أنّ المقيم في بلد ربما يخرج عنه إلى خارج البلد ، بل ما دون حدّ المسافة لتشييع جنازة ، أو قضـاء حاجة ، أو سقي دابّة ، أو معالجـة مريض ونحو ذلك من الأغراض الداعية إلى الخروج ، ولا يبقى مسـتقرّاً في البلد كالمحبوس ، من غير فرق بين ما إذا كانت الإقامة دائمية كالمتوطّن أو موقّتة كما في المسافر المقيم .

   فحال الإقامة في البلد حال الإقامة في الدار والسكونة فيها ، فكما لا ينافيه الخروج عن الدار إلى الصحن الشريف أو السوق أو الدرس ونحوها ، فكذلك لا ينافي الإقامة الدائمية أو الموقّتة في البلد الخروج إلى ضواحيه وتوابعه وإن تجاوز حدّ الترخّص بل بلغ إلى ما دون المسافة كما لو كان ضيفاً في بستان بعيد عن البلد بمقدار ثلاثة فراسخ مثلاً ، لما عرفت من جريان العادة الخارجية على التباعد عن البلد والخروج عنه وأنّ هذا المقدار ممّا يتسامح فيه عُرفاً ، ولا يكون




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net