ــ[318]ــ
[ 2330 ] مسألة 29 : إذا بقي من الوقت أربع ركعات وعليه الظهران ففي جواز الإقامة إذا كان مسافراً ، وعدمه من حيث استلزامه تفويت الظهر وصيرورتها قضاءً إشكال ، فالأحوط عدم نيّة الإقامة مع عدم الضرورة ((1)) نعم لو كان حاضراً وكان الحال كذلك لا يجب عليه السفر لإدراك الصلاتين في الوقت (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فما يظهر من ثلّة من الأكابر من التسوية بين النذر والإجارة ثبوتاً وسقوطاً لا يمكن المساعدة عليه ، بل الظاهر هو التفصيل ، فيسقط الوجوب في الأوّل ويقضيه ، ولا يسقط في الثاني حسبما عرفت .
(1) تنحلّ المسألة إلى فرعين :
أحدهما : ما لو كان حاضراً وعليه الظهران ولم يبق من الوقت إلاّ مقدار أربع ركعات ، فهل يجب عليه السفر لإدراك الصلاتين معاً في الوقت لو أمكن ذلك ، كما لو كانت الطائرة على وشك الطيران ، أو كان قريباً من حدّ الترخّص جدّاً بحيث يحتاج إلى المشي أقداماً يسيرة يستوعب من الوقت ثواني قليلة ، أو لا يجب ذلك بل يصرف الوقت في صلاة العصر تامّة حسب الوظيفة الفعلية ويقضي الظهر خارج الوقت ؟
ثانيهما : عكس ذلك ، أعني ما لو كان مسافراً وكان الحال كذلك ، بحيث يمكنه فعلاً إدراك الصلاتين في الوقت فهل يجوز له قصد الإقامة من غير ضرورة أو لا يجوز نظراً إلى استلزامه تفويت الظهر وصيرورتها قضاءً ؟ ومحل الكلام إنّما هو في الجـواز التكليفي وأنّ هذا القصـد هل هو سائغ أو حرام ، وإلاّ فلا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل الأظهر ذلك .
ــ[319]ــ
إشكال في تأثيره في الإتمام وإن ارتكب الحرام ، لعدم الفرق في ذلك بين الإقامة المحلّلة والمحرّمة كما تقدّم (1) هذا . وقد جزم في المتن بعدم الوجوب في الفرع الأوّل ، واستشكل في الجواز في الفرع الثاني وذكر أنّ الأحوط عدم نيّة الإقامة مع عدم الضرورة .
أقول : أمّا في الفرع الأوّل : فلا إشكال في عدم الوجوب ، ضرورة عدم لزوم تبديل الموضوع والتصدّي لإحداث تكليف جديد ، بل اللاّزم بحكم العقل امتثال التكليف الفعلي فارغاً عن صدوره من المولى ، لا جعل المكلّف نفسه مورداً لتعلّق الخطاب ومشمولاً للتكليف بقلب الموضوع وتبديله بموضوع آخر .
وعليه فما كان واجـباً عليه وهو الظهر تامّة لم يتمكّن من امتثاله لفرض ضيق الوقت ، وما يمكن وهو الظهر قصراً لم يكن واجباً عليه فعلاً ، ولا دليل على التصدّي لإحداثه كما عرفت ، وهذا ظاهر .
وأمّا في الفرع الثاني : فالظاهر أ نّه لا ينبغي الاستشكال في عدم الجواز ، ولا وجه لتوقّف الماتن عن الفتوى ، لفعلية الأمر بالظهرين قصراً بفعلية موضوعه وهو السـفر ، وتحقّق التكليف وتنجّزه والتمكّن من الامتثال ، ومعه كيف يسوغ له تفويت الغرض الملزم بإعـدام الموضوع وإفـنائه ، وهل هذا إلاّ من التعجيز الاختياري عن امتثال التكليف الفعلي ، الذي لا ريب في قبحه بحكم العقل .
وعلى الجملة : كم فرق بين التصدِّي لإحداث التكليف بإيجاد الموضوع الذي هو مورد الفرع الأوّل ، وبين التصدّي لتفويته وتعجيز نفسـه بإعدام الموضوع الذي هو مورد الفرع الثاني . فلا يلزم الأوّل لعدم المقتضي له ، فلا موجب للسفر ولا يجوز الثاني لكونه من التفويت المحرّم ، فلا تجوز الإقامة إلاّ لضرورة ، وبذلك يظهر لك الفرق بين الفرعين .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 314 .
|