ــ[395]ــ
[ 2355 ] مسألة 11 : الأقوى كون المسافر مخيّراً بين القصر والتمام في الأماكن الأربعة(1)، وهي مسجد الحرام، ومسجد النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ومسجد الكوفة ، والحائر الحسيني (عليه السلام) ، بل التمام هو الأفضل ، وإن كان الأحوط هو القصر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأداء من حيث القصر والتمام بمثل هذه الرواية وإن كانت معتبرة .
(1) على المشهور المعروف بين القدماء والمتأخِّرين، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليه ، بل نسبته إلى مذهب الأصحاب ومتفرّداتهم . وعن المرتضى (1) وابن الجنيد (2) تعيّن التمام ، وعن الصـدوق تعيّن القصر وأ نّه لا فرق بين هذه المواطن وسائر البلدان ، غير أ نّه رعاية لشرافة البقعة يستحبّ له أن يقيم فيتم لا أ نّه يتم من غير قصد الإقامة (3) . ومنشأ الخلاف اختلاف الأخبار ، فقد دلّت جملة منها على التمام ، واُخرى على القصر ، وثالثة على التخيير كما ستعرف . ولا يمكن أن يراد بالأخير التخيير بين قصد الإقامة وعدمه .
إذ فيه أوّلاً : أنّ هذا لا يختص بتلك الأماكن ، بل يعمّ جميع البـلاد ، فما هو الامتياز لهذه البقاع .
وثانياً : يأباه بعض نصوص التمام الدالّة على أ نّه يتم ولو بقي بمقدار صلاة واحدة وكان بنحو المرور(4) ، فانّ هذا لا يجتمع مع التخيير بالمعنى المزبور كما هو ظاهر جدّاً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى 3) : 47 .
(2) [ لاحظ المختلف 2 : 552 المسألة 400 ، فانّه حكى عنه فيه استحباب الإتمام ] .
(3) الفقيه 1 : 283 ذيل ح 1284 .
(4) الوسائل 8 : 532 / أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 31 .
ــ[396]ــ
ولا يخفى أنّ نصوص التمام قابلة للجمع مع أخبار التخيير ، بأن يحمل الأمر بالتمام على أفضل الأفراد ، فيرفع اليد عن ظهور الأمر في التعيين ويحمل على التخيير .
وأمّا نصوص القصر فلا يمكن حمل الأمر فيها على الجواز ، سيما المفضول من الفردين ، وإن احتمله الشـيخ فحمل الأمر بالقصر على الجـواز ، غير المنافي للتخيير (1) .
على أنّ هذا لا يتم في مثل صحيحة أبي ولاد (2) الواردة في المدينة ، لظهورها بل صراحتها في تعيّن القصر فيما بينه وبين شهر ما لم ينو المقام عشرة أيام .
نعم ، لو كانت نصوص التقصير منحصرة في هذه الصحيحة لأمكن الذبّ عن الإشـكال ، بأن يقال : إنّ النظر في الجواب والسؤال معطـوف على جهة العدول عن نيّة الإقامة ، والتفصيل بين الإتيان بالرباعية وعدمها ، فهي متعرّضة لبيان حكم عام لمطلق البلدان على سبيل الكبرى الكلّية ، مع قطع النظر وغمض العين عن خصوصية المورد . فلم ينظر الإمام (عليه السلام) إلى مورد الصحيحة وإنّما نظر إلى جهة السؤال ، أعني حيثية العدول عن نيّة الإقامة . ولكنّها غير منحصرة في ذلك كما ستعرف (3) .
وكيف ما كان ، فقد عرفت أنّ النصوص على طوائف ثلاث :
فممّا دلّ على التخيير جملة من الأخبار :
منها : صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن (عليه السلام) : «في الصلاة بمكّة ، قال : من شاء أتمّ ومن شاء قصّر» (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التهذيب 5 : 427 ذيل ح 1483 ، 474 ذيل ح 1668 .
(2) المتقدّمة في ص 284 .
(3) في ص 400 .
(4) الوسائل 8 : 526 / أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 10 .
ــ[397]ــ
وصحيحة الحسين بن المختار عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال «قلت له : إنّا إذا دخلنا مكّة والمدينة نتم أو نقصّر ؟ قال : إن قصّرت فذلك ، وإن أتممت فهو خير تزداد» (1) .
وصحيحة علي بن يقطين الاُخرى ، قال : «سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن التقصير بمكّة؟ فقال: أتمّ، وليس بواجب ، إلاّ أنّي اُحبّ لك ما اُحبّ لنفسي»(2) ونحوها غيرها .
وهذه الأخيرة وإن كان في سندها إسماعيل بن مرار ، ولم يوثق صريحاً في كتب الرجال ، إلاّ أ نّه مذكور في أسناد تفسير علي بن إبراهيم ، الذي التزم (3) كابن قولويه (4) أن لا يروي إلاّ عن الثقة ، فهو موثّق بتوثيقه الذي لا يقلّ عن توثيق الرجاليين .
وقد عرفت عدم إمكان حمل هذه النصوص على التخيير في الموضوع ، بمعنى كونه مخيّراً بين قصد الإقامة وعدمه كما لعلّ الشيخ الصدوق فهم هذا المعنى ولذا ذهب إلى التقصير مع روايته أخبار التخيير ، لبعده في حدّ نفسه ، من أجل استلزامه نفي الخصوصية لهـذه المواطن ، فانّ الأمر بالإتمام يمكن أن تكون له خصوصية وهي الإيعاز إلى الأفضلية، وأمّا الأمر بالتخيير بهذا المعنى فهو مشترك فيه بين البلاد ، فينتفي الاختصاص .
على أن جملة من النصوص صريحة في الإتمام ولو صلاة واحدة وكان بنحو المرور على هذه الأماكن من غير الإقامة فيها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 529 / أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 16 .
(2) الوسائل 8 : 529 / أبواب صلاة المسافر ب 25 ح 19 .
(3) تفسير القمي 1 : 4 .
(4) كامل الزيارات : 4 .
|