ــ[23]ــ
[ 2360 ] مسألة 1 : لايشترط التعرّض للأداء والقضاء(1) ، ولا الوجوب والندب، ولا سائر الأوصاف الشخصيّة ، بل لو نوى شيئاً منها في محلّ الآخر صحّ ، إلاّ إذا كان منافياً للتعيين ، مثلا : إذا تعلّق به الأمر الأدائي فتخيّل كونه قضائيّاً : فإن قصد الأمر الفعلي المتعلّق به واشتبه في التطبيق فقصده قضاءً ((1)) صح، وأمّا إذا لم يقصد الأمر الفعلي بل قصد الأمر القضائي بطل ، لأ نّه مناف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا دليل على الإجزاء قبل حلول الإيجاب .
وإن كان الثاني فهو المطلوب ويجزئ حتّى مع عدم تبيّن الحال واستمرار الجهل ، فكيف بما إذا علم به وظهر ؟!
وإن كان الثالث كان قضاءً. وعلى ذلك فالمأتي به مردّد بين التطوّع ورمضان وقضائه، ولأجله لابدّ من تعيين أ نّه من رمضان ليحسب منه إمّا أداءً أو قضاءً، وإلاّ فلو لم يعيّن وقصد طبيعي الصوم لم يقع عنه بل كان نافلةً وتطوّعاً ، فمن هذه الجهة احتاط (قدس سره) بالتعيين ، بل ذكر أنّ وجوبه لا يخلو من قوّة .
(1) نفى (قدس سره) اشتراط جملة من الاُمور في تحقّق العبادة ، لعدم دخلها في مسمّى الطاعة ، وهو وجـيهٌ في الجملة لا بالجملة ، لعدم خلوّ بعـضها من المناقشة .
أمّا التعرضّ للأداء والقضاء فممّا لابد منه ، ضرورة اختلاف متعلّق أحدهما
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظاهر أنّ القضاء والأداء طبيعتان متغايرتان ، ويترتّب على ذلك أ نّه إذا كان الواجب في الواقع أداءً فتخيّل كونه قضاءً وأتى به بقصد أ نّه قضاء بطل وكذا العكس ولو كان ذلك من جهة الاشتباه في التطبيق ، نعم في خصوص شهر رمضان إذا أتى بالصـوم بتخيّل كونه قضاءً صحّ من رمضان دون العكس .
ــ[24]ــ
للتعيين حينئذ ، وكذا يبطل إذا كان مغيّراً للنوع كما إذا قصد الأمر الفعلي لكن بقيد كونه قضائياً ـ مثلا ـ أو بقيد كونه وجوبيّاً ـ مثلا ((1)) ـ فبان كونه أدائيّاً أو كونه ندبيّاً ، فإنّه حينئذ مغيّرٌ للنوع ويرجع إلى عدم قصد الأمر الخاصّ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن الآخر ، فإنّ الأوّل هو العمل المأتيّ به في الوقت المضروب له ، والثاني هو الفعل في خارج الوقت ويتعلّق به أمر آخر على تقدير ترك الأوّل ، فهما متعدّدان أمراً ومتغايران متعلّقاً ، فإذا تعدّد المأمور به فلا مناص من قصده ولو إجمالا ، ليمتاز عن غيره ، فلو صام وهو لا يدري أ نّه أداءٌ أو قضاءٌ ولكن قصد الأمر الفعلي الذي هو نوع تعيين للمأمور به ولو بالإشارة الإجماليّة كفى ، أمّا لو قصد أحدهما مردّداً أو معيّناً وبقيد كونه أداءً ـ مثلا ـ ثمّ أنكشف الخلاف بطل ، لعدم تعلّق القصد بالمأمور به ، وغيره لا يجزئ عنه .
وأمّا نيّة الوجوبو الندب فغير معتبرة كما ذكره في المتن ، لأنّهما خصوصيّتان قائمتان بنفس الأمر ولايختلف متعلّق أحدهما عن الآخر، فليست هذه الخصوصيّة مأخوذة في المتعلّق كما في الأداء والقضاء لتلزم رعايتها ، وإنّما هي من عوارض الأمر نفسه مع وحدة المتعلّق وهو الصوم الكذائي ، فلو تخيّل أنّ صوم شهر رمضان مستحبٌّ فصام بقصد القربة وامتثال الأمر فقد تحقّقت العبادة ، كما لو تخيّل أنّ صلاة الليل واجبة فصلّى بتخيّل الوجوب فإنّها تصحّ ، وإن كان ذلك بنحو التقييد ، بحيث لو كان يعلم أنّها غير واجبة لم يكن ليقوم في جوف الليل ، إذ لا أثر للتقييد في أمثال المقام من الموجودات الخارجية والجزئيّات الحقيقيّة ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظاهر أ نّه لا أثر للتقييد من جهة الوجوب والندب .
ــ[25]ــ
وإنّما يتّجه التقييد في العناوين الكلّيّة ، كما تكرّرت الإشارة إليه في مطاوي هذا الشرح .
ومن ثمّ حكمنا بصحّة الاقتداء خلف من في المحراب بعنوان أ نّه زيد فبان أ نّه عمرو وإن كان ذلك بنحو التقييد ، إذ لا يعقل التقييد لدى التحليل ، فإنّ الاقتداء جزئي خارجي دائر أمره بين الوجود والعدم ، ولا إطلاق فيه كي يقيَّد .
وجميع هذه الموارد وما شاكلها إنّما هي من باب تخلّف الداعي دون التقييد .
وكيفما كان ، فليس الوجوب والاستحباب مثل الأداء والقضاء فإنّهما من خصوصيّات الأمر، وهذان من خصوصيّات المأمور به، وهذا هو الفارق الموجب للزوم تعلّق القصد بالثاني دون الأوّل ، فلا يقاس أحدهما بالآخر .
هذا على مسلك المشهور من كون الوجوب والاستحباب مجعولين شرعاً .
وأمّا على ما هو التحقيق ـ من أنّهما بحكومة العقل ومنتزعان من اقتران طلب المولى بالترخيص في الترك وعدمه، وأ نّه على الثاني يستقلّ العقل بمقتضى قانون العبوديّة والمولويّة بوجوب الطاعة دون الأوّل ـ فالأمر أوضح ، لعدم كونهما حينئذ لا من خصوصيّات المأمور به ولا من خصوصيّات الأمر .
وأمّا سائر الخصوصيات والأوصاف الشخصيّة فمن الضروري عدم لزوم تعلّق القصد بها ، لعدم دخلها في المأمـور به ـ كالأمر ـ بوجه ، ولا يخلو عنها أيّ فرد ، فإنّ صيام رمضان هذا العام بقيد أ نّه عام ثلاثة وتسعين بعد الألف والثلاثمائة وفي الخريف من الفصـول لا مدخل له في الصحّة لتلزم النيّـة ، وما أكثر تلك الخصوصيّات ، فلو قصدها وأخطأ لم يقدح في الصحّة . وقد تقدّم أنّ العبادة تتقوّم بركنين : الإتيان بذات العمل ، وقصد القربة الخالصة ، ولا يعـتبر شيء آخر أزيد من ذلك .
|