ــ[57]ــ
[ 2372 ] مسألة 13 : لو نوى الصوم ليلا ثمّ نوى الإفطار ثمّ بدا له الصوم قبل الزوال فنوى وصام قبل أن يأتي بمفطر ، صح على الأقوى ((1)) (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يُحسَب له بمقدار ما نوى ، فيكون دونه في الفضيلة لا محالة .
ولو أغمضنا عن ذلك فصحيحة هشام كالصريحة فيما ذكرناه ، وتكون شاهدة للجمع بين الروايتين ، حيث دلّت على أ نّه إن نوى الصوم قبل الزوال حُسِب له يومه ، وإن نواه بعده حُسِب له من هذا الوقت ، أي بمقدار نصف يوم أو أقلّ ، فتُحمَل موثّقة أبي بصير على مجرّد المشروعيّة وإن لم يكن صوماً تاماً ، وأ نّه يثاب على هذا الصوم الناقص ، كما أنّ موثّقة ابن بكير تحمل على إرادة صوم اليوم الكامل ، فلا تنافي بينهما .
فتحصّل : أنّ ما ذكره جماعة ـ وإن نُسِب إلى المشهور خلافه ـ من جواز تجديد النيّة إلى الغروب ومشروعيّته هو الصحيح ، ولا أقلّ من جوازه رجاءً .
(1) لا يخفى أنّ هنا مسـألتين ربّما اختلطت إحداهما بالاُخرى في كلمات بعضهم .
إذ تارةً : يُتكلّم في أنّ النيّة المعتبرة في الصوم هل يلزم فيها الاستمرار بأن يكون الإمساك في كلّ آن مستنداً إلى النيّة ، بحيث لو تخلّف في آن فنوى الإفطار ثم رجع أخلّ بصحّة صومه لفقد النيّة في ذاك الآن ، فحال تلك الآنات حال الأجزاء الصلاتيّة المعتبر فيها صدور كلّ جزء عن النيّة وإلاّ بطلت صلاته ؟ أو أنّ نيّة الصوم أوّل الأمر بضميمة عدم تناول المفطر خارجاً كافيةٌ في الصحّة ولا يعتبر فيها الاستدامة ؟
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يعني بذلك الواجب غير المعيّن .
ــ[58]ــ
إلاّ أن يفسد صومه برياء ونحوه ، فإنّه لا يجزئه لو أراد التجديد قبل الزوال على الأحوط .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذه المسألة سيتعرّض لها الماتن في مطاوي المسائل الآتية عند البحث عن أنّ نيّة القطع أو القاطع هل يكون مبطلا أو لا ؟ والأقوال المعروفة فيها ثلاثة : البطلان مطلقاً ، وعدمه مطلقاً ، والتفصيل بين نيّة القطع ونيّة القاطع . وسيجيء البحث حول ذلك مسـتقصىً إن شاء الله تعالى ، وهي أجنبيّة عن محطّ نظره (قدس سره) وما هو محلّ الكلام في المقام .
واُخرى : يُتكلّم في أنّ التخيير في تجديد النيّة الثابت في الواجب غير المعيّن ولو اختياراً إلى ما قبل الزوال ـ على ما تقدّم(1) ـ هل يختصّ بما إذا لم يكن ناوياً للصيام من أوّل الأمر ، أو يعمّ الناوي أيضاً ؟ فمن أصبح بنيّة الصوم ثمّ نوى الإفطار ثمّ بدا له الصوم قبل الزوال هل يصحّ منه مثل هذا التجديد المسبوق بنيّة الصيام أو لا ؟
وهذا هو محّل كلامه (قدس سره) في هذه المسألة ، وهو من فروع المسألة السابقة ومن متمّماتها ، حيث تعرّض هناك أوّلا لوقت النيّة في الواجب المعيّن مفصِّلا بين صورتي العلم والجهل وأ نّه عند طلوع الفجر في الأوّل وإلى الزوال في الثاني ، ثمّ تعرّض لوقتها في غير المعيّن وأ نّه يمتدّ ولو اختياراً إلى الزوال ، ونبّه ثمّة على عدم الفرق في ذلك بين سبق التردّد والعزم على العدم ، فحكم بالمساواة بين من لم يكن ناوياً ومن كان بانياً على العدم، فتعرّض في هذه المسألة لحكم من كان بانياً على الفعل وعازماً على أن يصوم ، وأ نّه لو عدل عن نيّته
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 46 .
ــ[59]ــ
ونوى الإفطار لفرض كون الواجب موسّـعاً ، ثمّ بدا له وجدّد النيّة قبل أن يستعمل المفطر ، فهل يسوغ مثل هذا التجديد أو لا ؟
وهذا ـ كما ترى ـ من شؤون المسألة السابقة ومتمّماتها ولا ربط له بمسألة استدامة النيّة واستمرارها المبحوث عنها في المسائل الآتية .
ومعلومٌ أنّ الصحيح حينئذ هو ما ذكره (قدس سره) من جواز التجديد ، إذ بعد ما رفع اليد عمّا نواه من الصوم أولا فمرجعه إلى عدم كونه ناوياً للصوم فعلا ، إذ قصد العنوان ممّا لابّد منه في البقاء على الصوم ، فهو حينما قصد الإفطار خرج عن هذا العنوان وصدق عليه أ نّه ليس بصائم ، فيشمله إطلاق النصوص المتقدّمة الدالة على جواز تجديد النيّة لغير ناوي الصوم وأ نّه بالخيار إلى ما قبل الزوال ، ومن الواضح أنّ نيّة الصوم السابقة الزائلة لا تزيد على عدمها فلا تقدح في الاندراج تحت إطلاق النصوص ، وأما نيّة الإفطار فلا تضرّ إلاّ من حيث فقد نيّة الصوم ، والمفروض أنّ غير الناوي ما لم يستعمل المفطر محكومٌ بجواز التجديد ، فلا مانع من الحكم بصحّة الصوم بمقتضى تلك الأخبار .
نعم ، يشترط في ذلك أن لا يكون قد أفسد صومه برياء ونحوه ، فلا يجزئه لو أراد التجديد قبل الزوال على الأحوط كما ذكره في المتن ، بل الظاهر ذلك ، والوجه فيه : قصور النصوص عن الشمول لذلك ، لأنّ النظر فيها مقصور على تنزيل غير الصائم ـ أي من كان فاقداً للنيّة فقط ـ منزلة الصائم ، وأنّ من لم يكن ناوياً إلى الآن لو جدّد النيّة فهو بمنزلة الناوي من طلوع الفجر فيحتسب منه الباقي ، ويفرض كأنّه نوى من الأول .
وأمّا تنزيل الصائم على الوجه المحرم لرياء ونحوه منزلة الصائم على الوجه المحلّل فهو يحتاج إلى مؤونة زائدة ودليل خاصّ ، وهذه النصوص غير وافية بإثبات ذلك بوجه ، ولا تكاد تدلّ على انقلاب ما وقع حراماً ـ لكونه شركاً
|