[ 2383 ] مسألة 24 : لا يجوز العدول من صوم إلى صوم ، واجبين كانا أو مستحبّين أو مختلفين (2) .
ـــــــــــــــــــ (2) لعدم الدليل على جواز التبديل في الأثناء ، إلاّ في باب الصلاة في موارد
ــ[89]ــ
وتجديد نيّة رمضان إذا صام يوم الشك بنيّة شـعبان ليس من باب العدول(1)، بل من جهة أنّ وقتها موسّع لغير العالم به إلى الزوال ((1)) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خاصّة، كالعدول من الحاضرة إلى الفائتة، أو من اللاّحقة إلى السابقة ـ كالمترتّبتين ـ أو من الفريضة إلى النافلة ، كما في المنفرد الذي اُقيمت عنده الجماعة ونحو ذلك .
وأمّا فيما عدا ذلك فالعدول المستلزم للتبديل المزبور في مقام الامتثال ـ بأن يكون حدوثاً بداعي امتثال أمر ، وبقاءً بداعي امتثال أمر آخر ـ مخالفٌ للقاعدة لا بدّ في مشروعيّته من قيام الدليل عليه ، ضرورة أنّ كلاًّ من الأمرين قد تعلّق بالمجـموع المركّب من عمل خاصّ ، فكان الإمسـاك من الفجر إلى الغروب بعنوان النذر ـ مثلا ـ مأموراً بأمر ، وبعنوان الكفّارة بأمر آخر ، فلكلّ صنف أمرٌ يخصّه ، فالتلفيق بأن يأتي بالنصف من هذا والنصف الآخر من الآخر يحتاج إلى الدليل ، وحيث لا دليل عليه في باب الصوم لم يكن العدول مشروعاً فيه .
(1) هذا تداركٌ منه (قدس سره) لما أفاده من عدم جواز العدول في الصوم بأنّ هذا لا ينافي ما تقدّم من تجديد نيّة رمضان إذا صام يوم الشكّ بنيّة شعبان ، لأنّ ذلك ليس من باب العدول ، بل من باب التوسعة في وقت النيّة إلى الزوال بالنسبة إلى الجاهل .
ولكن الظاهر أنّ هذا سهو من قلمه الشريف ، ووجهه ظاهر ، إذ قد تقدّم منه (قدس سره) قبل مسائل قليلة : أنّ تجديد النيّة فيما إذا انكشف أنّ يوم الشكّ من رمضان لا يكون محدوداً بما قبل الزوال ، بل هو ممتدٌّ إلى الغروب ، بل ما بعد الغروب أيضاً ، وأ نّه يومٌ وُفِّق له ويُحسَب من رمضان قهراً ، فليس ذلك من باب تجديد النيّة إلى الزوال والتوسعة في الوقت ، وإلاّ فقد استشكلنا فيه
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ليس الأمر كذلك ، وإلاّ لم يكن الحكم شاملا لصورة التبيّن بعد الزوال .
ــ[90]ــ
وقلنا : إنّه لا دليل عليه كما سبق ، بل لأجل أنّ الشارع اكتفى بالصوم المأتيّ به بنيّة شعبان ندباً أو نذراً أو غيرهما وجعله بدلا عن رمضان ، وهذا عدول قهري ، نظير ما ورد في الظهرين من أ نّه إذا صلّى العصر قبل الظهر نسياناً ثمّ التفت بعد الصلاة احتُسِب ظهراً ، وأ نّه أربع مكان أربع ، فقد جعله الشارع مكانه ، لا أنّ المكلّف يجعله ويعدل إليه .
وعلى الجملة : فالمكلّف إنّما ينوي صوم رمضان من زمان الانكشاف ، أمّا ما سبق عليه فهو من باب حكم الشارع بالانطباق القهري ، فهو يجعله مصداقاً للصوم الواجب ويجتزئ به ، وليس هذا من باب التوسعة في الوقت ، ولا من جهة العدول ، إذ العدول فعل اختياري للمكلّف ، وهو بهذا المعنى غير متحقّق في المقام ، بل يُحسَب له من صوم رمضان قهراً عليه كما عرفت ، فهذا من باب الاجتزاء والاحتساب من الشارع ، من غير ربط له بمسألة العدول ، ولا التوسعة في الوقت بتاتاً .
نعم ، يتّجه ما ذكره (قدس سره) بالنسبة إلى صوم غير شهر رمضان ، كما لو صام ندباً أو نذراً غير معـيّن ، فأراد أن يعدل إلى صوم الكفّارة ـ مثلا ـ أو بالعكس ، جاز له ذلك فيما قبل الزوال ، فيجري هنا التعليل الذي ذكره (قدس سره) من أنّ ذلك ليس من باب العدول ، وإنّما هو من باب التوسعة في وقت النيّة، إذ بعد أن رفع اليد عن الصوم الأوّل بطل وكان كمن لم يكن ناوياً للصوم ، والمفروض أ نّه لم يفطر بعد، فيندرج تحت أدلّة جواز التجديد إلى ما قبل الزوال .
نعم ، لا يجوز ذلك في قضاء شهر رمضان ، إذ لا يجوز العدول منه إلى التطوّع جزماً .
والحاصل : أ نّه بعد ما تقدّم من أن الواجب غير المعيّن لا يلزم فيه إيقاع النيّة قبل الفـجر ، بل يجوز التأخير ولو اختياراً إلى ما قبل الزوال ، فرفع اليد عن
ــ[91]ــ
صوم آخر ليس من باب العدول والتبديل في مقام الامتثال ليكون نقضاً على ما قدّمناه من عدم جواز العدول في باب الصوم ، بل من باب التوسعة في الوقت ، باعتبار أنّ ما سبق لا يحتاج إلى النيّة ، بل المعتبر طبيعي الإمساك وإن لم يكن ناوياً آنذاك .
وكان الأولى أن يقول (قدس سره) هكذا : أ نّه في شهر رمضان لا يكون التجديد من باب العدول ، بل من باب الانطباق القهري بحكم الشارع واكتفائه بذلك ، لا أنّ المكلّف بنفسه يعدل اختياراً . وأمّا في غير شهر رمضان فلا يجوز العدول بعد الزوال وقبله ، وإن جاز فهو ليس من باب العدول وتبديل الامتثال ، بل من باب التوسعة في وقت النيّة .
ولكنّه (قدس سره) ذكر هذه العلّة لتجـديد النيّة في شهر رمضان ، وقد عرفت أ نّه سهو من قلمه الشريف جزماً ، لعدم كونه حينئذ من باب التوسعة في الوقت بوجه حسبما عرفت بما لا مزيد عليه ، والله سبحانه أعلم .
|