ــ[131]ــ
الخامس : تعمّد الكذب على الله تعالى أو رسوله أو الأئمّة صلوات الله عليهم (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخاف عليه ، فليتنزّه من ذلك ، إلاّ أن يثق أن لا يسبقه منيّه»(1) ، فإنّها صريحة في أنّ المستثنى من المنع خصوص صورة الوثوق بعدم السبق ، فتخصّص ما دلّ على عدم الإفطار بذلك ، كما أ نّها تخصّص ما دلّ على البطلان من رواية ترتّب الكفّارة بالإنزال مطلقاً بذلك أيضاً وأ نّه يفطر إذا لم يكن واثقاً من نفسه لا مطلقاً .
فالجمع بين الروايات يقتضي ما ذكرناه ، لا ما ذكره المصنّف كما لا يخفى. وأمّا تخصـيصه الاحتياط بالثلاثة التي ذكرها في المتن فلأجل ورودها في النصّ حسبما عرفت .
(1) لا إشكال كما لا خلاف في حرمة الكذب على الله ورسوله والأئمّة (عليهم السلام) ، بل مطلقاً في حالة التعمّد والاختيار .
وإنّما الكلام في مفطريّته للصوم ، فالمنسوب إلى جماعة من القدماء ـ بل المشهور بينهم ـ المفطريّة إذا كان على أحد العناوين الثلاثة ، بل ادّعى السيّد قيام الإجماع عليه(2) ، ولكن المشهور بين المتأخرين عدم الإفطار به وإن كان محرّماً ، غايته أ نّه يوجب نقصاً في كمال الصوم لا ابطالا لحقيقته .
ويستدل للمفطريّة بطائفة من الأخبار التي لا إشكال في اعتبار أسانيدها وإن كانت من قسم الموثّق ولم تكن صحيحة بالمعنى المصطلح ، وإنّما البحث في دلالتها وكيفيّة الجمع بينها وبين مادلّ على حصر المفطريّة في الخصال الثلاث
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 100 / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 33 ح 13 .
(2) لاحظ جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى 3) : 54 .
ــ[132]ــ
أو الأربع كصحيحة ابن مسلم المتقدّمة .
فمنها : ما رواه الشيخ بإسناده عن علي بن مهزيار ، عن عثمان بن عيسى عن سماعة ، قال : سألته عن رجل كذب في رمضان «فقال : قد أفطر وعليه قضاؤه» فقلت : فما كذبته ؟ «قال : يكذب على الله وعلى رسوله»(1) .
ورواها الشيخ أيضاً عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، قال : سألته عن رجل كذب في شهر رمضان ، «فقال : قد أفطر وعليه قضاؤه وهو صائم ، يقضي صومه ووضوءه إذا تعمّد»(2) .
وهي في كلتا الروايتين مضمرة ، وجملة «قد أفطر وعليه قضاؤه» موجودة فيهما معاً ، والسند واحد إلى عثمان بن عيسى ، غير أنّ الراوي عنه تارةً : علي بن مهزيار ، واُخرى : الحسين بن سعيد ، والظاهر أنّهما رواية واحدة ، إذ من البعيد جدّاً أنّ عثمان بن عيسى سمع الحديث عن سماعة وقد سأل هو الإمام مرّتين وأجابه (عليه السلام) بجوابين ، تارةً : مع الزيادة ، واُخرى : بدونها ، بل هي في الحقيقة رواية واحدة نُقلت بالمعنى كما لا يخفى ، وعلى أيّ حال فهي موثقة .
ومنها : موثّقة أبى بصير التي رواها المشايخ الثلاثة مع اختلاف يسير ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم» قال : قلت له : هلكنا ! «قال : ليس حيث تذهب ، إنّما ذلك الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمّة (عليهم السلام) »(3) .
ومنها : موثّقته الاُخرى عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «إنّ الكذب على الله
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 33 / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب2 ح1 ، التهذيب 4: 189 / 536 .
(2) الوسائل 10 : 34 / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 2 ح 3 .
(3) الوسائل 10 : 33 / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب2 ح2، الكافى 2 : 254 / 9، 4 : 89 / 10، معانى الأخبار : 165 / 1، التهذيب 4 : 203 /585.
ــ[133]ــ
وعلى رسوله وعلى الأئمّة (عليهم السلام) يفطر الصائم»(1) .
هذه هي مجموع الروايات التي استُدلّ بها على مفطريّة الكذب لا بمعناه الشامل بل على الله ورسوله خاصّة ، وفي بعضها اُضيف إليهما الأئمّة (عليهم السلام) كما عرفت . ــــــــــــــــ
(1) الوسائل 10 : 34 / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 2 ح 4 .
|