اعتبار صدق القرابة في الإرث بالنسب 

الكتاب : مجمع الرسـائل - رسـالة في الأرث   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 7623


الإرث بالنسب إنّما هو مع صدق القرابة والرحم :

ذكر جملة من الفقهاء منهم صاحب الجواهر(3) أنّ الإرث بالنسب لابدّ وأن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص15 .
(2) الوسائل 26 : 85 / أبواب موجبات الإرث ب8 ح1 ، وفيه : « والعصبة في فيه التراب » .
(3) الجواهر 39 : 8 .

ــ[11]ــ

يكون مع صدق القرابة أو الرحم ، لأنّ الموضوع في الآيات المباركة والروايات الشريفة ذلك ، كما في قوله تعالى : (وَأُولُوا الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللهِ)(1) وقوله تعالى : (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالاَْقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالاَْقْرَبُونَ)(2) ونحو ذلك ممّا استفيد منه قاعدة (الأقرب يمنع الأبعد) .

وعلى هذا لا يكفي مجرّد الاتّصال بالنسب إذا كان بعيداً لا يصدق عليه عنوان الرحم أو القريب ، كما هو الحال في السادة مثلا ، فإنّهم كلّهم من أمير المؤمنين (عليه السلام) أو كلّهم من هاشم ـ إذا عمّمنا السيادة لكل من انتسب إليه ـ ولكن ليس كل سيد لسيد رحماً ولا قريباً ، بل هو أجنبي وإن اشتركوا في جدّ واحد .

وقد يشكل على ذلك فيقال : إنّه لا موجب لهذا التقييد ، لإطلاق قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُْنثَيَيْنِ ...)(3) والأولاد أعم من الأولاد مع الواسطة أو بدونها ، قريباً أو بعيداً ، ولذلك عمّم الحكم في تحريم النكاح بالولادة للقريب والبعيد ، فليس للجدّ وإن كان بعيداً أن يتزوّج بنات أولاده ، ولا إشكال في ذلك ولا كلام ، ولذا قال (عليه السلام) : «لا يخطب إليّ ولا اُجيبه»(4) لأنّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأنفال 8 : 75 .
(2) النساء 4 : 7 .
(3) النساء 4 : 11 .
(4) فيما روي عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) « أنّه قال للرشيد ـ في حديث ـ ياأمير المؤمنين ، لو أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) نشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه ؟ فقال : ولِمَ لا اُجيبه ؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام) لكنّه لا يخطب إليّ ولا اُجيبه ، قال: ولِمَ ؟ قال : لأنّه ولدني ولم يلدك » الوسائل 20 : 363 / أبواب ما يحرم بالنسب ب2 ح3 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 : 83 [نقل مع اختلاف يسير].

ــ[12]ــ

بنتي بنته ، ومن أولدني أولدها .

إلاّ أنّ كثرة وجود من ينتسب بهذا النحو في العالم ـ كأولاد آدم ـ يوجب عدم إمكان الوصول إليهم لكثرتهم ، فلذا لا يرثون ، ويكون الإرث لغيرهم .

وفيه : أنّك قد عرفت ظهور الآيات المباركة في اختصاص الحكم بالرحم والقريب ، وليست هذه الآيات في مقام تشريع الإرث ، وأنّ كلّ ولد يرث ، قريباً كان أو بعيداً ، وإلاّ لاشترك ولد الولد مع الولد وكان في عرضه ، وهو باطل جزماً بل في مقام بيان كيفية التقسيم ، وأنّ للذكور ضعف الإناث . واستفادة أولوية الوالد من الولد إنّما هو من آيات اُخرى(1).

ولو فرض ثبوت عدم الفرق بين القريب والبعيد فلا تصل النوبة إلى الولاء بأقسامه ، لأنّ أي شخص فرض موته لا شكّ أنّ له ابن عم ، أو ابن خال ولو بعيداً غاية الأمر أنّه مجهول ، فيكون داخلا في مجهول المالك ، لا في من لا وارث له .

والكثرة بمجرّدها ليست مانعة من الإرث ، فلو فرض أنّ لرجل ستّين ولداً ـ كما هو متحقّق في عصرنا الحاضر ـ ففي الطبقة الثانية ـ لو فرض أنّ لكلّ ولد عشرة أولاد ـ يكون الأولاد ستمائة ، وفي الثالثة ستّة آلاف ، وفي الرابعة ستّين ألفاً . أفيحتمل أن لا يكون هنا إرث لكثرتهم !؟ نعم الذي لا يكون وارثاً من لا مقتضي له في الإرث لبعده ، لا لكثرته .

وعليه فالصحيح ما ذهب إليه جمع منهم صاحب الجواهر ، من اعتبار أن يكون الوارث قريباً ورحماً ، وإلاّ فلا إرث بينهما ، وإن كان النسب نسباً واحداً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) منها قوله تعالى : (وَأُولُوا الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللهِ) الأنفال 8 : 75 ، الأحزاب 33 : 6 ، وقوله تعالى : (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالاَْقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالاَْقْرَبُونَ) النساء 4 : 7 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net